القصة القصيرة التي يكتبها الشباب اليوم مختلفة إلي حد كبير عما كانت تكتب
قبلا.. لا يشكل الكتاب الالكتروني خطورة علي الكتاب المطبوع.. فكرة
تبادل الكتب والتخلص من الكتب القديمة فكرة ايجابية لها مزايا عديدة.
هذه بعض من كلمات الروائي الكبير إبراهيم عبدالمجيد في حواره معنا.. يقول
لنا:
اقرأ الآن كتاب( القصة القصيرة في مصر ـ دراسة في تأصيل فن أدبي)
للدكتور شكري عياد الذي أعاد المجلس الأعلي للثقافة نشره من جديد خلال
مؤتمر القصة القصيرة الذي عقد أخيرا في القاهرة.. أما لماذا أقرأ هذا
الكتاب تحديدا الذي قرأته قبلا فلأنه يضم من صفحاته إنتاجا ضخما من القصة
القصيرة عارضا مشوارها الطويل ومسيرتها عبر السنوات.
القصة القصيرة التي يكتبها الشباب اليوم مختلفة إلي حد كبير عما كانت تكتب
قبلا.. هناك فريق يكتب بلغة أدبية جميلة, لكن القصة تبدو هنا وكأنها
مثل الصورة الخاطفة السريعة.. وهناك فريق آخر يكتبها كما لو كانت لوحة
ساخرة, القصة تبدو هنا أقرب للكتابة الصحفية, أو ربما المقال
الساخر.. وهناك فريق ثالث يكتب القصة القصيرة عبر كتابة تقليدية
كلاسيكية( مقدمة ـ حبكة ـ ذروة أو نهاية).
هذه الأنواع الثلاثة تم تجاوزها في الحقيقة عبر مسيرة القصة القصيرة
المصرية, منذ بداياتها المبكرة.. منذ أيام يحيي حقي ويوسف إدريس..
هناك اسماء كثيرة لافتة للنظر أقرأ لها علي( الفيس بوك) أذكر منها:
د.حنان فاروق ـ هبة خميس ـ مني علي ـ شريف أنور ـ محمد الوزيري
وغيرهم.. وهناك من قطع شوطا في مشوار القصة القصيرة مثل محمد خير وطارق
إمام.
أحرص دوما علي متابعة( الإنتاج الشبابي) للقصة القصيرة لأتبين أمرا
مهما: هل نحن مخطئون في أحكامنا علي هذا الجيل, أم أن هناك بالفعل
اتجاها جديدا ينبغي أن نتوقف لديه ونتأمله ونعيد النظر في إنتاجه.
ووسط هذا التوجه الجديد تأتي سطور كتاب الدكتور شكري عياد لتؤكد لنا أن
التقييم النقدي القديم لفن القصة القصيرة من حيث عدد الكلمات أو جمال النص
أو الالتزام بالزمان والمكان مازال له قيمته ومكانته, وأن هذه الكتابة
الجديدة مازالت في دور التكوي, وأحسب أن القصة القصيرة كان لابد أن تعود
إلي بداياتها القديمة المبكرة( البدائية) إذا جاز لنا هذا التعبير وذلك
لسبب بسيط أنها قد وصلت لمستوي يكاد يكون نهائيا في الجمال سواء عند جيل
الستينيات( زكريا تامر ـ محمد خضير) أو جيل السبعينيات( المخزنجي ـ
سعيد الكفراوي) وهذه مجرد أمثلة..
وكأن الكتابة الجديدة لم تجد لها مكانا للتجديد فعادت إلي البدايات وخصوصا
أن معظم هؤلاء الشباب في سن صغيرة, وربما لم يطلعوا علي هذه الأعمال
القديمة, ومن هنا تحديدا تأتي أهمية كتاب القصة القصيرة فهو يختصر لهم
المشوار ويعلمهم الفارق بين القصة القصيرة والصورة الخاطفة والمقال
الساخر, فهؤلاء الشباب يملكون بالفعل موهبة كبيرة ولا يصح أن تضيع في
تجارب غير مفيدة, والنقد هنا مهم للغاية في السنوات الأولي... أعني في
البدايات وأنصح كذلك الكتاب والنقاد بإعادة قراءة هذا الكتاب إذ إنني أتصور
أن عددا كبيرا منهم لا يتابع الإنتاج الجديد لأنه تشبع بالجماليات
القديمة, أو لأن هناك فوضي في النشر.. علي أي حال هذا كتاب مهم وجدير
حقا بالقراءة.
* أعجبني كثيرا مهرجان تبادل الكتب الذي أقيم أخيرا بمكتبة الإسكندرية
بالمشاركة مع دار الكتب.. هناك تجربة أخري في هذا المجال سبقت هذا
المهرجان وهي تجربة( قهوة التكعيبة) بوسط البلد, حيث يتم التبرع
بالكتب المستعملة, أنا شخصيا تبرعت بمائة كتاب لمصلحة معهد السرطان,
وتم أيضا عقد لقاءات مع شباب الكتاب.
فكرة تبادل الكتب أو التخلص من الكتب القديمة بوجه عام لها ميزة مهمة,
فتبادل الكتب هنا يتم في أماكن لا تذهب إليها معارض الكتب وأثناء العام
كله, وليس في فترة محددة وتعود أهميتها كذلك إلي أن البعض يبعث بالكتب
إلي الصعيد والجنوب وهذا أمر مهم للغاية.
بالنسبة لمكتبة الإسكندرية يعد المهرجان بمثابة نشاط جديد عليها تماما فهي
مكتبة بورجوازية التوجه تحتفي دائما بالثقافات( الكوزموبوليتانية)
والعالمية, ربما يتردد رجل الشارع العادي في الدخول في أرجائها فهي في
عينيه بعيدة عن اهتماماته أعني أنها ليست مكتبة شعبية ومهرجان تبادل الكتب
يعد خطوة ايجابية في الطريق ونأمل المزيد.
* نعم هناك( حالة قراءة) طبية في مصر.. أقول هذا الكلام قياسا
للسابق أي لسنوات السبعينيات والثمانينيات أو ربما قياسا للربع الأخير من
القرن العشرين.. تشهد مبيعات الرواية علي هذا. فالروايات تطبع عدة مرات
وتحقق نجاحات كبيرة بالرغم من ارتفاع أسعار الكتب ومنافسة التليفزيون كما
تبدو دور النشر أيضا صادقة في التعامل مع الكتاب بالنسبة للعقود وعدد
النسخ.. إلخ ولكن هذا النجاح الذي تحققه يبدو مع ذلك محدودا قياسا لعدد
الشعب المصري والعربي, والأمر الذي لا أفهمه إلي الآن لماذا انخفضت أسعار
الكتب والورق والحبر في العالم كله إلا في بلادنا فهي في ارتفاع مستمر؟!
* برأيي لإنقاذ حالة السينما المصرية المتدهورة وكذلك دراما التليفزيون
لابد من العودة إلي النصوص الأدبية.. فهذا هو الحل الحاسم عندي وينبغي
أيضا الاعتراف بحقيقة أن العمل الفني لديه ظروفه وأدواته الخاصة المختلفة
كلية عن النص الأدبي ولكن في النهاية ومهما حدث خروج عن النص ومهما قدم
بصورة مغايرة فالنتيجة تكون دوما في صالحه.. السينما والتليفزيون يتمتعان
بمساحة كبيرة من المشاهدة وهما يسهمان بهذه الطريقة في انتشار الكتاب..
وهو هنا بدوره ينقذ الدراما والسينما.. فالفائدة إذن مشتركة.. أتصور أن
أزمة السينما قد استفحلت في بلادنا لأنها لا تعتمد علي النصوص الأدبية..
لقد عاصرنا مجد السينما في الستينيات حينما قامت علي أكتاف الرواية..
لذلك فأنا أقف تماما في صف هذا الاتجاه.. للأسف الشديد مجموع الروايات
التي تحولت إلي أفلام سينمائية خلال أكثر من ربع قرن لا تزيد علي تسعة
أعمال, وفي التليفزيون ربما خمسة فقط وهذه كارثة حقيقية للسينما
والتليفزيون وليست للرواية.
* لا يشكل الكتاب الإلكتروني خطورة علي الكتاب المطبوع, لأن الأخير
يتمتع بقدر كبير من الخصوصية التي لا تتوافر لدي الكتاب الإلكتروني, فهو
يحمل معه حميمية من نوع خاص. إذ يمكن للمرء قراءته وهو مستلقيا فوق فراشه
أو علي الأريكة أو الكرسي, يحمله في أحضانه يقلب صفحاته يعيد قراءة
فقراته.. فلايزال الكتاب المطبوع خير جليس كما قال القدماء.
علي صعيد آخر ربما يكون الكتاب الإلكتروني مفيدا للباحثين الذين لايستطيعون
الحصول علي الكتاب المطبوع.. ولكن الأمر يحتاج مع ذلك إلي قدر من
التنظيم, أو بعبارة أخري إلي سن قوانين لحماية الكتاب المطبوع الذي تم
السطو عليه من خلال شبكات الإنترنت.
كثير من رواياتي وأعمالي أجدها علي المواقع الإلكترونية دون استئذان مني
ودون أن أحصل علي أي حقوق مادية وكذلك معظم أعمال الكتاب الكبار مثل(
خيري شلبي ـ البساطي ـ صنع الله إبراهيم ـ المخزنجي ـ وآخرين) قد يكون
هذا الأمر ايجابيا في النهاية, إذ أنه يشجع علي قراءة الكتاب وشرائه فيما
بعد, ولكن نحتاج حقيقة إلي وقفة من جانب اتحاد الناشرين واتحاد الكتاب
وكل المعنيين بشأن الكتاب.
lailaelraiy@yahoo.com
الأهرام اليومي في
18/11/2009
نظرة علي الشــيطان يرتــدي برادا
مــاجــدة
حــليــم
عند عرض فيلم الشيطان يرتدي برادا منذ ثلاث سنوات في مصر لم اتمكن من رؤيته
لانه رفع من دور العرض بعد اسبوع واحد.. ثم اتيحت لي الفرصة أن اشاهده
اخيرا.
الفيلم يحكي عن كواليس اشهر مجلة ازياء في العالم.. ويصور سطوة رئيسية
تحرير المجلة.. تقوم بالدور الممثلة المبدعة ميريل ستريب والذي رشحت عنه
للاوسكار لكنها لم تفز بها.
الشخصية مستمدة من شخصية رئيسة تحرير مجلة فوج.
فالسيدة الرئيسة تتميز بالطبع بالاناقة البالغة مع قصة شعر مدهشة بلون ابيض
ثلجي.
وهي تتحكم في كل شيء.. ويبدو كل العاملين معها كالخدم.. انها تأمر وعلي
الجميع سرعة التنفيذ.. وإلا!!
وهي ترمق من خلف نظارتها السوداء كل شيء.. والويل إذا كان هناك خطأ.
وتبدع ميريل ستريب في تصوير شخصية المرأة التي احيانا كثيرة لاتحتاج للكلام
انما هي نظرة ثاقبة أما إذا زمت شفتيها فهذا يعني كارثة لمصمم الازياء..
انها لم تعجب بالتصميمات.
اما العاملون معها فلابد لهم من ارتداء الملابس الانيقة والاحذية ذات الكعب
العالي.. والحديث بلغة راقية.. وتنفيذ الاوامر في صمت وسرعة.
حتي تأتي تلك الفتاة التي تحلم بالعمل صحفية الي المجلة وهي بالطبع لاتعرف
شيئا عن التقاليد الصارمة التي تنتهجها رئيسة التحرير.
ومنذ اول نظرة رمقتها بها ميريل ستريب ادركت أن هذه الفتاة موهوبة..
لكنها بالغت في القسوة عليها حتي انها طلبت منها ان تحصل علي نسخ للجزء
الأخير من هاري بوتر قبل طبعه لابنتها.
وبينما تستطيع الفتاة الحصول عليه تستمر رئيسة التحرير في قسوة المطالب حتي
تفاجأ بالأسلوب المتطور الذي تبدو عليه من ارتداء ارقي الازياء واشهرها..
وسرعة تلبيتها للاوامر ثم فرضها لارائها علي رئيسة التحرير الصارمة صاحبة
القرار الاخير في كل شيء.
الفيلم مأخوذ عن رواية درامية.. لكن الاحداث اشارت بوضوح الي رئيسة تحرير
مجلة فوج العالمية للازياء.
وقد استطاعت ميريل ستريب ومساعدتها التنافس في الاداء الي درجة مبهرة لكن
ربما استطاعت الرئيسة الفعلية للمجلة التدخل لكي لاتفوز ميريل ستريب
بالاوسكار.
لكنه فيلم ممتع يأخذك الي عالم الازياء الساحر بكل جرأة ونقد لما يحدث وراء
الكواليس حتي يشتري القراء المجلة.
انه عالم الصراعات بين بيوت الازياء والقسوة في التعامل حتي تظل المجلة هي
الأولي في العالم يتهافت عليها المشاهير والقراء وبيوت الازياء.. وحاليا
يعرض فيلم تسجيلي باسم عدد سبتمبر عن رئيسة تحرير مجلة فوج.. فماهو سر
تلك السيدة!!
الأهرام اليومي في
18/11/2009 |