ملفات خاصة

 

لاحق

>>

04

03

02

01

<<

صفحات

 
دراما رمضان التلفزيونية لعام 2021

12th APR - 12th MAY 2021

 

متابعات نقدية وصحفية لدراما رمضان

 
 

حوار مع يسرا عن الحب والموت

حاورها: بلال فضل

على صفحات العربي الجديد اللندنية
 
 
 
 
 
 
 
 

حوار مع يسرا عن الحب والموت (1/4)

بلال فضل

حين التقيت بها في ذلك اليوم من أيام شتاء عام 2000، كانت مختلفة عن المرات التي سبق أن رأيتها فيها، ربما لأن خطوات قليلة كانت قد فصلت بينها وبين الموت، بعد أن كشف لها الأطباء أن مجرد ركوب طائرة أو قطار كان كفيلاً بإحداث انفجار قاتل في أذنيها دون أن تعلم.

كان الله رحيماً بها إلى حد أنها لم تجد طريقة لمغادرة العاصمة الفرنسية باريس التي كانت تنوي الذهاب منها إلى جنيف، وتأخرها الإجباري جعلها تذهب إلى الطبيب لفحص آلام أذنيها، ليقول لها الطبيب: "لو تأخرت يوماً آخر عن الحضور والفحص لما ظللت على قيد الحياة". 

كنت قد ذهبت يومها إلى الفنانة الكبيرة يسرا لإجراء حوار مع مجلة (لها) اللندنية، وكانت قد قضت قبل لقائنا شهرين كاملين من المرض والانشغال بالفحوصات والأشعة والتحاليل، ومن مغالبة القلق بالحمد لله لأنه أعادها سالمة من على مشارف الموت، لتعود أكثر تمسكاً بالحياة والفن والحب وأكثر إيماناً بالله تعالى ولطفه بها، وحين التقينا في استديو مصر كانت تستعد لعرض فيلم (العاصفة) أولى تجارب خالد يوسف الإخراجية والذي كانت متحمسة له جداً، وكانت أيضاً قد بدأت في تصوير مشاهد مسلسل (أوان الورد) مع المؤلف وحيد حامد والمخرج سمير سيف الذين نجحا في إقناعها بالعودة إلى شاشة التلفزيون بعد غياب سنوات، ولم تكن تعرف أن المسلسل سيثير جدلاً كبيراً حين عرضه، ولا أنه سيحقق نجاحاً كبيراً سيجعلها تحرص على العمل في التلفزيون بانتظام منذ تلك اللحظة خصوصاً بعد أن تغيرت خريطة السينما بشكل دراماتيكي.

كان حواري مع يسرا أول حوار أجريه مع نجمة سينمائية في حياتي الصحفية، مع أنني كنت قد بدأت العمل في الصحافة قبل تسع سنوات، لكنني لم أعمل في الصحافة الفنية إلا بعد إغلاق صحيفة (الدستور) عام 1998، وكانت كل الحوارات التي أجريتها مع نجوم رجال أو مخرجين أو كتاب سيناريو، ولم يكن وراء ذلك قرار ذكوري مني، فقد سعيت من قبل لإجراء حوارين مع الفنانة الكبيرة سعاد حسني والفنانة الكبيرة عبلة كامل، وباءت المحاولتان بالفشل، ولم تسنح فرص أخرى لإجراء حوارات مع النجمات اللواتي أحبهن وهن قليلات على أية حال، لذلك حين طلب مني الصديق الأستاذ محمود سعد حين بدأ استلام عمله كمدير لمكتب مجلة (لها) في القاهرة أن أقوم بعمل حوار مع يسرا التي كانت إحدى نجماتي المفضلات، تحمست لطلبه خصوصاً أن يسرا كانت قد ابتعدت عن الصحافة لفترة في ذلك الوقت، بسبب ما كنت أتصوره خصومة مع الصحفيين بعد قيامها برفع دعاوى قضائية على بعضهم، ثم اكتشفت أن ذلك الابتعاد كان وراءه أيضاً ظروفها المرضية التي كانت قد أخفتها عن الجميع حتى تم شفاؤها على خير

لم أرغب في تقليب المواجع عليها لكنني أردت أن أتخذ من سيرة المرض وآلامه مدخلاً مختلفاً للتعرف عليها، فسألتها كيف ومن أين استمدت القوة لإخفاء مرضها عن أقرب الناس إليها

كان محمود سعد قد قرأ الحوارات التي قمت بها مع مخرجين وكتاب كبار وكان معجباً بها، وكان قد نشر لي حواري مع الأستاذ عادل إمام عن صداقته بعبد الحليم حافظ، لكنه نبهني قبل أن أحدد مع يسرا موعداً لمقابلتها أن الحوار سينشر في مجلة نسائية لا يبحث جمهورها عن الحوارات الفنية الدسمة التي تقوم بتتبع المشاوير الفنية أو تتحدث عن تفاصيل الأعمال الفنية، بل يبحث عن حوارات تقرّبه إنسانياً من النجم أو النجمة، وقبل أن أقول له إن مشكلتي مع كثير من الحوارات الفنية أنها تنتمي إلى مدرسة "أين ترعرعت سيدتي" التي سخر منها نجيب الريحاني وبديع خيري في فيلمهما الشهير، سبقني بذكر النموذج الذي سخر منه الفيلم وقال إنه يتوقع مني حواراً مختلفاً عن الحياة الشخصية والعاطفية ليسرا، وضرب لي مثلاً بالحوار الذي كنت قد أجريته مع أحمد زكي في صحيفة (الجيل) وتحدث فيه بشكل مختلف وصريح عن قصة حبه مع هالة فؤاد وتجربته مع الطب النفسي والاكتئاب، فشجعني ذلك على أن أتجاسر وأرفع منسوب "الغتاتة" وأنا أسأل يسرا عن حياتها الشخصية ولكن من منطلق الرغبة في الفهم، لا الرغبة في النميمة، ولم تخذلني في الإجابة على أسئلتي، مع أنها كانت متحفظة في البداية على الحديث عن أي شيء يخص حياتها الشخصية، بعد أن نشرت الصحف والمجلات أخباراً كثيرة عن فشل قصة حبها التي كان يفترض أن تكلل بالزواج من خالد صالح سليم، وهي الزيجة التي اكتملت فيما بعد واستمرت حتى الآن.

حين وصلت إلى الاستديو الذي طلبت يسرا أن نلتقي فيه، وجدتها في حالة مزاجية طيبة وتتبادل التعليقات الضاحكة مع عمال الاستديو ومساعدي الإخراج والتصوير، وساعدني أنهم أبلغوها خطئاً بموعد التصوير، فأصبح لديها متسع من الوقت لكي نتحدث فيه، كما ساعدني أكثر أنها ذكرتني بأن استديو مصر كان المكان الذي التقيتها فيه لأول مرة. كان ذلك قبل ثلاث سنوات خلال تصوير فيلم (رسالة إلى الوالي) الذي شاركت في بطولته مع عادل إمام، وقد حكيت من قبل في إحدى حلقات برنامج (الموهوبون في الأرض) قصة المقلب الذي أوقعني فيه عادل إمام حين طلب مني أن أحضر تصوير أحد المشاهد، فما صدقت وذهبت طبعاً، وحين وصلت إلى الاستديو فوجئت بأنني أمام يسرا التي كان يعلم أنني أحبها، وبعد أن عرفني عليها طلب مني أن أجلس حتى ينتهي من تصوير المشهد الذي كان المخرج نادر جلال على وشك البدء في تصويره.

وما إن جلست حتى فوجئت بالأستاذ نادر يطلب من أغلب الموجودين في الاستديو الخروج لأن المشهد الذي سيتم تصويره مشهد صعب، سيقوم فيه الفنان مصطفى متولي بالاعتداء على الفنانة يسرا وشق ملابسها واغتصابها، وحين وقفت لكي أخرج من الاستديو، فوجئت بعادل إمام الذي كانوا قد قاموا بتقييده في عمود خشبي كما يقتضي المشهد، يطلب بصوت عالٍ من الأستاذ نادر أن يتركني أحضر التصوير، لأنني حين قرأت ذلك المشهد في السيناريو، رجوته أن يسمح لي بحضوره لأن من أحلام حياتي أن أشاهد مشهد اغتصاب، وما إن قال عادل إمام هذا الكلام حتى وجدت الاستديو كله يصوب نحوي نظرات تتراوح بين الدهشة والغضب والاحتقار، ولم أكن معنياً وقتها إلا بنظرات يسرا التي سأسقط من نظرها الذي كان قد وقع عليّ قبل دقائق، وحين رأت وجهي وهو ممتقع وأنا أقوم بهز رأسي ويديّ وقدمي نافياً كل ما سمعته، ماتت من الضحك، وقالت لي إنها تعرف أن عادل يقوم بعمل مقلب، لأن السيناريو ليس فيه أصلا مشهد اغتصاب، وأنها تعودت من عادل على هذه المقالب، وكان ذلك المقلب بداية لصداقة لم أكن أتصورها مع يسرا التي كانت ألطف وأجمل وأطيب مما تخيلت، لتستمر هذه الصداقة سنوات طويلة زادت فيها يسرا جمالاً ولطفاً وطيبة، وزادت نجاحاً بشكل سيكشف لك هذا الحوار الذي جرى قبل 21 عاماً أنها كانت تتمناه لكنها لم تكن تتصوره.

كانت يسرا متحمسة في بداية لقائنا للحديث عن فيلم (العاصفة) ومسلسل (أوان الورد)، وشهيتها الفنية المفتوحة لإنجاز أكبر عدد من المشروعات السينمائية والمسرحية، لكننا سرعان ما عدنا للحديث عن تجربة المرض المريرة بعد أن سألتها عن صحة خبر قرأته في مجلة (روز اليوسف) يقول إنها كانت ستصاب بانفجار في المخ، فقالت إن الخبر نشر كلامها خطئاً لأن ما قالته إنها كانت ستصاب بانفجار في الأذن كاد يودي بحياتها وهو ما فهمه كاتب الخبر خطئاً، واتضح مما حكته لي أن علاقتها بالمرض وآلامه أطول مما يتخيل جمهورها المنبهر دائماً بتألقها وحيويتها، فهي مصابة بالربو منذ طفولتها، وقبل عامين كادت تفقد صوتها نهائياً بسبب انفعالها خلال تصوير أحد الأفلام لتقضي بناء على أوامر الأطباء شهرين كاملين دون أن تنطق بكلمة لتتمكن من استعادة صوتها، ثم اكتشفت قبل أشهر أنها مصابة بحساسية مرضية في الدم منذ طفولتها، وقد اكتشفت ذلك بالصدفة حين أصيبت بجرح في رأسها لمجرد أنها هرشته بأظافرها، وبدأت أذنها تنزف، وحين ذهبت إلى الطبيب قال لها إنها كانت حسنة الحظ لأنها لم تركب طائرة أو قطاراً، وأنها ستبدأ علاجاً معقداً قد يستمر لسنوات قبل أن تختفي آثار تلك الحساسية المرضية التي كادت تؤدي لانفجار أذنها وليس مخها كما نشر الخبر الخاطئ الذي أزعجها نشره لأنها لم تكن تحب أن تشرك أحداً في معاناتها، لكنها بعد عودتها إلى مصر أصبحت مدينة لمن نشر الخبر، لأنه جعلها ترى كماً مدهشاً من المحبة والقلق واللهفة على عودتها سالمة إلى مصر، وهو ما ساعدها على نسيان أوجاعها سريعاً والعودة إلى العمل.

لم أرغب في تقليب المواجع عليها لكنني أردت أن أتخذ من سيرة المرض وآلامه مدخلاً مختلفاً للتعرف عليها، فسألتها كيف ومن أين استمدت القوة لإخفاء مرضها عن أقرب الناس إليها طيلة الشهور الماضية فأجابت:

أنا ما باحبش أعمل انعكاس سلبي على الناس، أحب أعمل انعكاس إيجابي على حياتهم، وعارفة إني لو حطيت نفسي في دائرة المرض مش هاخلص، لكن الموضوع مش موضوع قوة، قد ما هو خوف على حبايبي، عشان كده ما سمحتش لحد إنه يعرف أي أخبار عن مرضي طول الشهور اللي فاتت، حتى أمي ربنا يديها الصحة، خفت عليها وعلى أهلي إنهم يعرفوا، ولما كانت ماما تسألني: شكلك تعبانة أو خسّيتي كده ليه أو شكلك مش مبسوطة ليه؟ كنت أقول لها مجهدة من الشغل أو مكتئبة شوية، لإني أخاف عليها وعلى جوزي وعلى القريبين مني إنهم يتفزعوا علي، مالهمش ذنب يتقرفوا بقرفي ويتعبوا بتعبي طالما أقدر أستحمله لوحدي، لكن لما ما قدرتش أصمد لوحدي وبقيت محتاجة لحد يقف جواري قلت لهم. والحقيقة اللي حصل لي كان مذهل، لكن سبحان الله وحياة ديني حسيت إن ربنا ادّاني إشارة إنه بيحميني، يعني مش معقول إنه يتم إلغاء كل رحلات الطيران في اليوم اللي كنت مسافرة فيه، ويقف شغل كل القطارات بسبب الإضراب، دي حماية من ربنا من غير ما يكون لك كإنسان أي إيد فيها.

....

نكمل غداً بإذن الله.

 

العربي الجديد اللندنية في

28.04.2021

 
 
 
 
 

حوار مع يسرا عن الحب والموت (2/4)

بلال فضل

·      مين اللي ساعدك على عبور تجربة المرض القاسية؟

- طبعاً والدتي بدعاها ورضاها عني، خالاتي، أصحابي، كانوا كل يوم يكلموني في التليفون من مصر، وعندي صاحبات سافروا مخصوص من مصر لفرنسا عشان يفضلوا جنبي في المستشفى ليل نهار، وما كنتش هاجتاز دايرة الخطر من غيرهم.

·      طيب والسند العاطفي؟

- مؤكد مهم، مش دي كلها عاطفة وعطاء وشيء جميل؟

·      أنا أقصد عاطفي، يعني عاطفي؟

- (تضحك) المرة دي مش هندخل في العواطف، عارف ليه؟ لإنك لما بتدي مساحة في الكلام في الموضوع ده بتدي فرصة لبعض الناس عشان يتدخلوا في حياتك بشكل غير لائق وعشان كده قررت إني مش هاتكلم في الموضوع ده.

·      لكن الصمت في المساحة دي بيزود تدخل الناس بالشائعات والقيل والقال، فيبقى الأحسن الكلام فيه بشكل واضح؟

- لا، أنا ما فيش حد في الوسط الفني بيدّي الناس فرصة عشان يتدخلوا في خصوصياته زيي، تعال احسبها على كل المستويات، يعني ما فيش حد زيي تساهل في التفريط في خصوصياته، لإني كنت باحس إن الجمهور من حقه يعرف ده، لكن للأسف في ناس استغلوا المعنى ده بشكل بايخ الفترة اللي فاتت وتدخلوا فيما لا يعنيهم، وبدأت تظهر شائعات بتتعمل وتتغزل حوالين مواقف من حياتك، وعشان كده قررت أبطل كلام عن شئوني العاطفية لإن بعض التدخلات في الفترة الأخيرة خاصة كان ليها ردود فعل سيئة جداً عليّ.

·      سألتها معانداً بحذر: هل التدخلات دي أثرت على قصة الحب اللي كانت بينك وبين خالد صالح سليم؟

- (مبتسمة) برضه مصمم تسأل؟ عموماً ما فيش حاجة تأثرت، لا، أنا بس حسيت إنك لما بتدي بعض الناس أكتر من حقها بيستغلوا الحكاية بشكل غلط.

·      واصلت السؤال برزالة مشروعة: يعني ما حصلش تأثيرات سلبية في قصة الحب خلتك تختاري الصمت؟

- لا، ما فيش حاجة أثرت علينا سلباً، ولو حصل أي شيء جديد بيننا هنعلنه والكل هيعرفه، لكن ما دام ما فيش شيء جديد، يبقى مش هاتكلم فيه.

·      عايز أسألك عن فكرة الإحساس بإنك أحلام فتاة الملايين، بتتعاملي مع الإحساس ده إزاي؟

- بالتأكيد إحساس ممتع بس مخيف في الوقت نفسه، حجم المسؤولية والضغوط والأزمات المرتبطة بيه مرعب.

·      طيب إيه التغيير اللي عمله الإحساس ده في طريقتك في الحب؟

- (تضحك) حبي دلوقتي تغير، بقى أركز وأعقل، طبعاً مش عيب إنك تدلدق مشاعرك لحد لو كان يستحق، هي المشكلة لما تدلدق مشاعرك مع حد لا يستحق، ومع ذلك ما باندمش على ده حتى لو انتهت قصة الحب.

·      هل لقيتي اللي يستحق دلدقة المشاعر كتير ولا مرة واحدة؟

- أيوه، طبعاً لقيت (بعد صمت وابتسامة عريضة) هو دايماً آخر قصة حب بتكون أقوى قصة حب. ومش هاقول حاجة غير كده.

·      عايز أخلص الكلام في كل الحاجات المزعجة في الأول، عشان تتضايقي مني مرة واحدة، الفترة اللي فاتت اتكتب في أكتر من صحيفة ومجلة كلام إنه يسرا بتحرص على التقرب من نجوم الكوميديا الجدد عشان تفضل موجودة بقوة على الساحة؟

- ما قريتش الكلام ده قبل كده، لكن على كل أسأل أي حد منهم وانت تعرفهم كلهم، محمد هنيدي، علاء ولي الدين، أحمد السقا وهم هيقولوا لك، يعني أنا صديقة لعلاء من أيام (الإرهاب والكباب) وصديقة لهنيدي من أيام (اسكندرية كمان وكمان) وصديقة لأحمد السقا من سبع سنين قبل ما يمثل، واشتغلت مع أشرف عبد الباقي أكتر من مرة، أنا باعتبر نفسي أختهم، ولو سألت أي حد منهم عن يسرا أنا عارفة كويس أوي هيقولوا لك إيه عني، ومن ساعة ما عرفتهم وربنا فتح عليهم (تضحك).

لما الواحد بيقرا تفاصيل حياة الفنانين في مصر والعالم، يلاقي إن العدو الأول ليهم أو المشكلة الأكبر هي الاكتئاب وفقدان التوازن اللي ممكن يأدي لفقدان العقل والأعصاب أحيانا

·      هل توافقي اللي بيقولوا إن نجاحهم هينحسر بسرعة؟

- بالعكس، أعتقد أنهم ممكن يستمروا، لكن ده في إيديهم، هما اللي هيقدروا يحددوا ده باختياراتهم وقراراتهم الفنية، لكن أنا متأكدة من موهبتهم.

·      إيه رأيك في الهجوم اللي شنه عليكي بعض الكتاب الكويتيين الغاضبين من بطولتك لفيلم (العاصفة)؟

- فوجئت باللي حصل ده، وكنت وقتها مريضة في باريس، وأعتقد اللي حصل كان سوء فهم انتهى بعد ما الجمهور الكويتي شاف نسخة من الفيلم وعرفوا أننا ما بنبررش غزو الكويت زي ما البعض كتب كذب، يستحيل نعمل ده طبعاً، وعرفوا إن الفيلم بيدين التفكك العربي اللي حصل بسبب الغزو العراقي وبسبب الحرب على العراق، والحقيقة الفيلم لما شفته بعد اكتماله هزني من الأعماق وفخورة بيه وما كنتش متصورة إنه هيخرج بالتميز ده برغم إن مخرجه خالد يوسف بيقدم تجربته الأولى.

·      الحقيقة أنا باحاول من أول الحوار إني أسألك في حاجات ممكن تعتبريها بديهيات، بس نظراً لإني مش صحفي فني فالحوار ده بالنسبة لي فرصة نادرة إني أحاول فهم حياتك كنجمة ليها كل الحضور ده والجاذبية دي؟

- طالما خلصنا كلام عن العاطفة والحب، يبقى اسأل اللي انت عايزه.

·      يعني من الحاجات اللي باحاول أفهمها بمناسبة الكلام عن الحملات الصحفية اللي فيها هجوم، يعني الواحد فينا لما بيتوجه له كلمة نقد أو تطلع حواليه شائعة بيبقى معرض للجنون من كتر الغضب والتوتر، وحصل قبل كده إني شفتك في كواليس التصوير وفي حفلات، وبتكون في كمية شائعات طالعة عليكي وحملات صحفية، وألاقيكي بتتصرفي بمنتهى الهدوء، ويبان إنك مش متأثرة على الإطلاق بكل الحملات والشائعات، إزاي بتقدري تعملي ده؟

- (تضحك) مش عارفة، بس يعني لو هنتكلم عن الإشاعات، ففي منها إشاعات بتقتل نفسها بنفسها لإنها بتكون صغيرة وتافهة زي اللي بيطلعها، لكن في إشاعات بتمسك أوي كبني آدم، ودي لو كنت مضطرة للرد عليها باحاول أرد بشكل غير مباشر وأحياناً بشكل مباشر عشان أوقفها لإني باخاف من إنها تضايق أمي وأهلي وأصحابي، أنا مؤمنة طبعاً إن كل إشاعة بتشبه اللي مطلعها، وطبعاً في إشاعات بتضايقني جداً جداً، لكني باحس إني مش عايزة أريّح اللي طلعها، مش عايزة أبسطه وأريّحه بإني أتضايق.

·      أنا لسه مهتم أفهم التكنيك والطريقة اللي بتتعاملي بيها مع الهجوم والضغوطات اللي جاية من براكي، يعني في فيلمك الجميل (ضحك ولعب وجد وحب) كان للشخصية اللي لعبتيها غرفة مقفولة بجدران عازلة للصوت، وكلما حست بالاكتئاب تدخل جواها وتصرخ عشان تنفّس عن أحزانها وغضبها، هل عندك غرفة زي دي في حياتك؟

- كنت أتمنى، ياااه، ياريت، لكن عارف زمان كنت باعمل حاجة تانية شبه كده، كنت باطلع عند الأهرامات بالليل لوحدي وأقعد أصرّخ، كانت المنطقة دي مفتوحة وفاضية، فكنت كلما أحس إني مكتومة كده ومكبوسة آخد عربيتي وأطلع هناك وأقعد أصرّخ وأصوّت وألعن كل اللي مضايقني ومزعلني وأرجع.

·      آخر مرة عملتي فيها كده كانت امتى؟

- (تضحك) لا ده كان من سنين طويلة، دلوقتي مع الزحمة حِلّني على ما أطلع لنص شارع الهرم أكون نسيت الصرخة اللي عايزة أصرخها.

·      طيب بتنفّسي عن نفسك إزاي دلوقتي؟

- باحرص على إني أفرّغ أحزاني أول بأول، طبعا ده مش سهل لإنك أحياناً بتفقد سيطرتك على نفسك.

·      تقصدي بالبكاء؟

- طبعا، الدموع بتريحني جداً.

·      أحمد زكي مثلاً قال لي إنه بيستعين بالحبوب المهدئة عشان يخرج من حالة التوتر؟

- لا، أنا ضده ده تماماً، ما بافضلش الحبوب المهدئة، يعني لو أنت مضايقني كصديقي أو كشريك في عمل أروح لك وأقول لك انت عملت كذا وكذا، أفرغ الشحنة على طول، يعني ربما توضح لي موقفك وأرتاح، لكن في ناس برضه مهما قالوا أو عملوا ولا يعنوا بالنسبة لي أي شيء ولا يفرقوا معايا، وما يستاهلوش حتى الحبوب المهدئة (تضحك).

·      البعض بيروح لطبيب نفسي او معالج نفسي؟

- وماله، ليه لأ، لو احتجت ممكن أروح طبعاً.

·      يعني عندك دلوقتي طبيب نفسي بتروحي له؟

- أيوه ودايماً كنت باروح لأطباء نفسيين، وما باخجلش من ده، وأحياناً باحس إني لازم أروح لدكتور وأتكلم معاه، ويكون البني آدم ده أمين جداً معايا كطبيب، ده شيء صحي إنك تتكلم مع شخص مش هيستخدم اللي هتقوله ليه كشيء يلوي بيه دراعك في يوم من الأيام، دي ميزة الطبيب النفسي إنه مش هيستغل نقاط ضعفك ضدك أبداً.

·      إلى أي مدى أثر الفن على صحتك النفسية والعصبية؟

- الجهاز العصبي ليّ ولأي فنان كتر خيره إنه يستحملني والله، لإنك دايماً في شغلك وحياتك ومقابلتك للناس ومعاملاتك العادية والإشاعات اللي بتطلع عليك بتتعرض للصعود والهبوط، وانت طالع عينيك ومطالب بإنك تضحك وتبتهج، حتى وانت داخل الاستديو وعندك هموم الدنيا ما فيش ذنب للعمال إنهم يشوفوك وانت متضايق، إلا طبعاً لو كنت متضايق منهم، ده موضوع تاني (تضحك) لازم تواجههم طبعاً وتفرغ الشحنة اللي جواك، ده مهم جداً للصحة النفسية.

·      لما الواحد بيقرا تفاصيل حياة الفنانين في مصر والعالم، يلاقي إن العدو الأول ليهم أو المشكلة الأكبر هي الاكتئاب وفقدان التوازن اللي ممكن يأدي لفقدان العقل والأعصاب أحياناً، إيه ضمانتك لعدم حدوث ده معاكي؟

- ما فيش ضمان، ماحدش عنده ضمان خالص، أنا بس باحرص إني أكون سويّة مع نفسي على قد ما أقدر، وإني أدرك أن استمرار نجوميتي أو نجاحي أو اختفاءهم مرهون بذكائي وإزاي أستعمل طاقتي، أتصور إن ده هو الضمان الوحيد، وباحرص دايماً إني أفكر نفسي بإنه ما ينفعش أؤمن بإنه أنا ومن بعدي الطوفان في كل الحالات، لإن ده هيخليني مقفولة على نفسي ومش هاشوف أي أخطاء ممكن أرتكبها وهي دي النهاية الحقيقية للفنان.

·      سمعتك مرة بتتكلمي عن فكرة غسيل الروح، بتعملي ده إزاي؟

- بإني أكون مصالحة نفسي جداً، وبإني يكون في عَمار كبير في علاقتي مع ربنا، أغسل روحي معاه، لإنه أكتر من أئتمنه على نفسي.

·      طيب بتتعاملي إزاي مع اللي بيحاربوكي؟ بالتأكيد في ناس بتحاربك؟

- حتى لو كان في اللي بيحاربني، مش هافكر فيه ولا يعنيني بنفس القدر اللي هو مشغول بيا، أنا مش فاضية ولا ناوية أحارب غيري ولا عايزة أعرف إزاي باتحارب، أنا باحارب بسلاح واحد، هو إني ست ماشية صح أحب شغلي ودوغري وأحترم نفسي.

...

نكمل غداً بإذن الله.

 

العربي الجديد اللندنية في

29.04.2021

 
 
 
 
 

حوار مع يسرا عن الحب والموت (3/4)

بلال فضل

·      قبل فترة قمتِ بخطوة جريئة ربما يحسب لها زملاء لكِ ألف حساب، وهي فكرة الدخول في خصومة مع الصحافة، لما رفعتي على عدد من الصحفيين قضايا بسبب ما كتبوه عن حادثة اقتحام شقتك وعن حياتك الخاصة، ألم تشعري بالقلق من فكرة الدخول في عداء مع الصحافة خصوصا واحنا عندنا للأسف فكرة تعصب أبناء المهن لبعضهم؟

- طبعاً لأ، كل اللي فكرت فيه إن في قلة من الصحفيين كتبوا عني بشكل غلط وظلموني، وكان لازم يتحاسبوا على ده، وكان لازم يفهموا إنهم لما يحولوا أقلامهم لسلاح يظلموا بيه حد، لازم هيتحاسبوا على ده، حبيت إنهم يفهموا إن مرار الظلم أوحش مرار في الحياة، أنا ما تعاملتش مع اللي رفعت عليه قضايا بوصفهم صحفيين وأنا فنانة، تعاملت كإني ست واتظلمت منهم، وهمّا رجالة في مجتمع شرقي، وحسيت إنهم لازم يعرفوا عاقبة الظلم رغم إنهم مع الأسف أقوى مني في مجتمعنا الشرقي، تفتكر أنا ممكن أفكر في إيذاء حد؟ مش مدى أملي إني أؤذيهم أو أعاقبهم، أنا بس كنت عايزهم يعرفوا إن الظلم في العرض والشرف أسوأ ظلم في الحياة.

·      بشكل عام بتعتبري الصحافة ظلمتك ولا أنصفتك؟

- أنصفتني من غير شك، الصحافة الشريفة النظيفة أنصفتني من بدايتي ولحد دلوقتي.

·      وتفتكري الصحافة الشريفة نسبتها أكتر ولا أقل في رأيك؟

- (دون تردد) حتى لو كانت أقل، لا يصح إلا الصحيح والحق صوته عالي حتى لو اتحاصر ومع الوقت هيظهر، ولو فضلت مظلومة حتى بعد 199 سنة هالاقي اللي ينتصر لي.

·      بمناسبة الصحافة والصحفيين اللي وقفوا جنبك في مرحلة مبكرة وصعبة من حياتك، كنتي كلمتيني قبل كده عن تأثير الأستاذ صلاح جاهين ودوره المهم في حياتك، هل لقيتي اللي يسد الفراغ اللي سابه صلاح جاهين في حياتك؟

- لأ طبعا.

·      ليه؟

- (بعد تنهيدة طويلة) لإن الزمن غير الزمن، إحنا دلوقتي عايشين في زمن يا الله نفسي وبس في كل حاجة، لكن زمن صلاح جاهين ومحمد شبل ـ المخرج السينمائي ـ وناس زيهم فقدتهم في حياتي، الزمن ده خلاص ما بقاش موجود، لحد دلوقتي بافتقد صلاح جاهين ومحمد شبل والحلوين اللي زيهم، وساعات أصحى الصبح عشان أطلبهم في التليفون زي ما تعودت وأفتكر إنهم ماتوا، صحيح لسه في دلوقتي إخلاص ووفاء لكن معناهم يمكن اختلف عن اللي شفته من ناس زي صلاح جاهين ومحمد شبل، يمكن معاني الإخلاص والوفاء في أيامهم كانت ظاهرة بشكل أسمى وأوضح من دلوقتي، يمكن عشان كل شيء بيتغير من حوالينا، والحياة بقت أسرع حوالينا، وده اللي بيخليني دايما أحاسب نفسي وأبقى حريصة إني ما أتغيرش مع الزمن في معاملتي مع الناس اللي باحبهم، واسألهم هيقولوا لك قد إيه الموضوع ده شاغلني طول الوقت.

·      تجربة مواجهة الموت أو الاقتراب منه بتخلي الإنسان يشوف الحياة بشكل مختلف ويحس مشاعر مختلفة عن اللي كان متعود عليها قبل ما يجرب التجربة دي، إيه اللي شافته يسرا في التجربة دي؟

- شفت رحمة ربنا ولطفه بيا، شفت ناس أوفياء جدا في حياتي، شفت ناس ما كانتش علاقتي بيهم قوية لكنها بقت قوية لإني شفتهم فعلا خايفين عليا مع إنهم ما كانوش عايزين مني حاجة، مجرد إنهم يدعوا لي ليل ونهار، شفت إزاي في لحظات التعب تنسى الإساءة وتفكر بس في التسامح والعطاء اللي مش هتاخد مقابل ليه، تفكر في نعمة الصحة وقد إيه مهمة، تشوف نماذج جميلة لناس حواليك، الدكتور اللي كان بيعالجني مثلا، أذهلني حجم رعبه عليا ولهفته وسعيه لإنقاذي، تشوف ردود أفعال لناس ممكن تكون عارفهم من سنة ولا سنتين، لكن تحس بعد الأزمة إنك تعرفهم العمر كله، كل دي حاجات جميلة تكشفت قدامي ولا يمكن أنساها.

·      بالتأكيد في لحظات صعبة زي دي شفتي قدامك شريط حياة حافلة، هل كنتي راضية عن اللي شفتيه؟

- الحمد لله، راضية عن حياتي وفرحانة برضا ربي عليّ، لإنه حماني حماية لا يمكن كنت أتخيلها، في ظروف زي دي طبعا بتعمل تقييم لنفسك ومن تقييمي لنفسي كن راضية، ضميري مرتاح وراضية عن نفسي وعلاقاتي وعملي، لكن برضه كنت أتمنى يتاح لي وقت أعمل اللي أجمل وأحلى، لكن في وقت زي ده ما بتكونش متأكد هل هتفضل في الدنيا ولا هتسيبها، وتمنيت وقتها من ربنا إني أقدر أكمل مشواري الفني ببصمات ما تتنسيش، تمنيت من ربنا إنه يديم عليّ الصحة ويديم عليّ رضاه ورضا أمي وإني أعمل حاجة لبكره وللناس.

·      ما كانش في أحلام شخصية؟ الزواج؟ الإنجاب مثلا؟

- تمنيت الاستقرار في حياتي بشكل عام، ده أهم شيء دايما أتمناه من أول ما أفتح عيني لحد ما أدخل النوم، حلم الأمومة لسه متعلّق بالنسبة لي، لو جه هيكون شيء جميل وأحمد ربنا عليه، ولو ما جاش أنا راضية وهاحمد ربنا، مش عايزة أعاند لإن العناد ما ينفعش، أنا حاولت قبل كده وهاحاول وكله نصيب.

·      هل صحيح اللي اتنشر قبل فترة في مجلة (روز اليوسف) إنك فقدتِ القدرة على الإنجاب بعد ما تعرضتِ خلال جوازك السابق ـ من رجل الأعمال اللبناني فادي الصفدي ـ لإجهاض بسبب تسمم الجنين؟

- (بضيق واندهاش) لا، على الإطلاق، الحمد لله ده ما حصلش، مش عارفة بيجيبوا الكلام ده منين، ومش عارفة أوصفه إزاي، يعني هاسميه اجتهادات غلط، وحسبي الله ونعم الوكيل.

·      اتنشر برضه في أكثر من مجلة إنك مع بداية التسعينات عملتِ عمليات تجميل واستخدمتِ الهرمونات عشان تغيري تركيبة جسمك؟

- لا، غير صحيح إطلاقا، وده برضه بيدخل في بند الاجتهادات الغريبة اللي كلمتك عنها.

·      عايز أسألك عن الوحدة، يعني يسرا المرحة الصاخبة المليئة بالحيوية واللي بتوزع البهجة على كل اللي حواليها، لما بترجع للبيت اللي بتعيش فيه على مدى سنين طويلة لوحدها، بتتعايشي إزاي مع الوحدة؟

- زمان، كانت الوحدة مصيبة بالنسبة لي، بس دلوقتي خلاص تعودت عليها وبقت الوحدة صاحبتي، وبعدين مرّات بقيت أحتاجها.

·      كان الشاعر والكاتب الكبير كامل الشناوي بيخاف من الوحدة جدا، لدرجة إنه مشهور عنه إنه كان يعزم أصدقاءه كل ليلة عشان يسهروا معاه لغاية الفجر وينام وهو في صحبتهم خوفا من الوحدة، هل بتخافي أحيانا من الوحدة؟

- لا، أنا ما باعانيش من قعادي لوحدي، بالعكس أحيانا باحب ده، يعني على حسب احتياجي وحالتي المزاجية، أحيانا باحتاج أكون لوحدي، لكن ده مش زايد عن حده عشان ما أصابش باكتئاب أو يحصل لي نفور من الناس زي ما بيحصل ساعات مع البعض، يعني بالجأ للوحدة بالشكل المعقول عشان أتأمل وأعيد حساباتي، والحمد لله ما بيجيش علي وقت ما أحسش فيه إني مش لاقية حد جنبي يونسني، يعني أنا لو الساعة خمسة الصبح ولقيت نفسي زهقانة هالاقي اللي يونسني من صاحباتي الأنتيم، ودي نعمة من ربنا.

·      في بداياتك ارتبطتِ بالأدوار الخفيفة والمرحة والرومانسية الشقية، لكن بعد كده حققتِ نجاح أكبر في الأدوار الحزينة اللي كانت سبب في صناعة نجوميتك وبينت خصوصيتك في التمثيل، وكان واضح إن ليكي علاقة خاصة مع الحزن؟

- هو كله طالع من جوايا، الحزن والضحك والشقاوة، بس يمكن نسبة الحزن تلاقيها أكبر.

·      ليه؟

- مش عارفة، لكن ده معايا من زمان جدا، مش حاجة قريبة، من الطفولة، بالتحديد من ساعة ما اتحرمت من والدتي وافترقت عنها، الحزن في السن الصغيرة دي قعد يكبر مع الوقت والظروف والصدمات اللي قابلتها في حياتي.

·      أول صدمة عاطفية في حياة يسرا كانت امتى؟

- (ضاحكة) صدمة عاطفية؟ أكيد كان في صدمات، لكن اللي ما يقتلكش بيقويك زي ما بيقولوا.

·      يعني أنا متأكد إن يسرا صدمت لها سبع أو تمان شباب عاطفيا في بداية طريقهم، لكن أكيد الكل يهمه يعرف طبيعة الرجل اللي صدمك عاطفيا؟

- مش فاكرة بصراحة، أو فاكرة بس مش هاقول التفاصيل (تضحك) حصلت الصدمة فعلا بس المؤكد إنها صقلتني وما موتتنيش، كنت متخيلة إنها هتإذيني، لكن ده ما حصلش.

·      معقولة نسيتيها وما عاشتش معاكي؟

- (بعد صمت) لا، عايشة، هي تجربة مش عايزة أمر بها أبدا أبدا تاني، حصلت لي وأنا عندي خمسة وعشرين سنة. كان أصعب حاجة فيها إن الحب يخليك تتصور إنك ممكن تضحي بكل أحلامك وفنك، وتتصور إنك من غير ما تحب الشخص ده حياتك مش هتكمل، وبعدين تكتشف إن الحياة بتستمر، وكمان بتستمر للأحسن والأقوى والأنجح.

·      لكن فشلت ليه قصة الحب دي وقتها؟

- لإن مخي كان صغير وقتها، ولإن الحكاية ما كانتش نافعة من أساسها، وأنا كنت غلط، اختياري كان غلط وما كانش في محله.

·      ودلوقتي مش نادمة؟

- لا، إطلاقا، بالعكس أنا دلوقتي بدون التجربة دي أفضل.

·      كم مرة حبيتي في حياتك؟

- لا، حبيت كتير، لكن بشكل مختلف، يعني تجربتي العاطفية وأنا في المدرسة غير تجربتي وأنا عندي 20 سنة غير وأنا عندي 30 سنة غير تجربتي دلوقتي.

·      اللي هي إيه تجربتك دلوقتي؟

- (تضحك) قصدي بشكل نظري، مش هاريحك خالص في النقطة دي.

·      ساعات الواحد مع ضغوط الحياة خصوصا في الوسط الفني اللي الشغل فيه بيبقى على الأعصاب، بيلجأ لمبدأ "إن لم تحبوا فتحاببوا"، يعني مش لازم يكون حب حقيقي، لكن حب عشان الحياة تبقى ألطف، هل جربتي ده؟

- والله لا أنا مؤمنة بمقولة إنجليزية شهيرة قريتها زمان بتقول أن تعيش الحب وتتعذب فيه وتعيش آلامه أفضل من أن تعيش حياة كاملة ليس فيها هذه المعاني، عشان كده أنا باحب أكون غنية بالحب اللي ليه معنى، الحب بمعانيه الإيجابية والسلبية برضه، لإن المعاني دي بتصقلني من جوايا بشكل غير طبيعي، طبعا ما كنتش بافهم الكلام ده زمان، وأنا مراهقة أو وأنا في العشرينات، لكن دلوقتي فاهماه، ولما باشوف دلوقتي واحدة بتحب بالطريقة اللي كنت باحب بيها وأنا في العشرينات من عمري وتحكي لي، أضحك وأقول لها: أنا عدّيت بكل ده، فبالراحة، خدي بالك من ده ومن ده.

...

نختم الحوار غداً بإذن الله.

 

العربي الجديد اللندنية في

02.05.2021

 
 
 
 
 

حوار مع يسرا عن الحب والموت (4/4)

بلال فضل

·      بالاحظ دايما إنك لما بتتكلمي عن طفولتك، ما بتوقفيش أبدا عند والدك، بتفتكري والدتك بس؟

- لإن والدتي أغلى بكتير عندي.

·      تجربتك مع والدك ما كانتش سعيدة؟

- آه لإنه خدني من أمي بعد الطلاق وما كنتش عايزة أبعد عنها، هما انفصلوا عن بعض قبل ما أتولد، وبعد ما عشت في حضن ماما، أخدني منها لمدة سبع سنين، وأنا في عز الاحتياج ليها، وكان ده شيء صعب جدا عليا، وحرمني من إكمال تعليمي، يعني خدت الجي سي إي من منازلهم، عشان كده كنت متألمة منه وما كانش في صلة عاطفية ما بيننا لحد ما مات الله يرحمه.

·      طيب، لما بتشوفي محطات حياتك الحافلة دي: طفولة قاسية، وزيجات أو قصص حب فاشلة، محنة زي حادثة اقتحام شقتك وتوابعها، ذاكرتك بتتعامل مع المحطات دي إزاي؟

- كل ده نسيته، ما ينفعش إنك تقف عند صدمة أو أزمة وتخلي ليها قيمة وسعر أكبر مما تستحق، كل ده عبرته والحمد لله، اللي فاضل منه شوية ندوب، بالطبع مش هتتمحي نهائيا، لكن باتناساها وبتقويني داخليا.

·      أكيد بتصحى آلام الذكرى دي ساعات؟

- تصحى لما حد يصحيها، لكن باحاول إني ما أتوقفش عند اللي فات، لإني مؤمنة بإن اللي ما قتلنيش قواني، الجملة دي فيها اختصار لكل اللي فات في حياتي وعشان كده مؤمنة بيها.

·      ما ينفعش يعدي الحوار من غير ما أسألك عن شائعات الحجاب والاعتزال اللي؟

- (تقاطعني) ولا ناوية أتحجب ولا ناوية أعتزل.

·      طيب ما فكرتيش ساعات إنك تعملي زي الشخصية البديعة اللي عملتيها في فيلم (الإنسان يعيش مرة واحدة)، تهربي لمكان منعزل وتفضلي في صمت وعزلة كاملة؟

- ممكن جدا أهرب من الناس كلها وأختفي، بيحصل ده في أوقات كتيرة، إما أسافر، أو أقفل عليّ صومعتي وما حدش يعرف عني حاجة وأنعزل تماما عن كل اللي يضايقني لغاية ما أستعيد توازني.

·      بتفضلي الهروب لفين؟

- أي مكان فيه بحر، لإن البحر بيديك مساحة لتنظيف الروح.

·      هل بتُجبري أحياناً على تصنع السعادة وتكلّف الابتسامة؟

- بالعكس، أنا ما باقدرش أتصنع السعادة، دايما يبان عليا، لو سعيدة تلاقي عينيا بتلمع زي الألماظ، لو مش سعيدة عيوني تفضحني على طول.

·      لأي مدى بيشغلك الخوف من الزمن؟

- باخاف من بكره زي أي إنسان عادي.

·      من انحسار النجومية وخفوت الأضواء؟

أنا مش شايفة إن النجومية ممكن تنحسر لو استعملت مخي صح، وعشان كده ده شيء ما بيقلقنيش أبدا، ولو فرضنا إن النجومية في يوم من الأيام اتضح إنها خلصت على كده، يبقى خلصت على كده، مش هتنتهي حياتي، خلاص، انتهت النجومية زي أي شيء بينتهي، أصل لو حطيت ده في تفكير من دلوقتي، هاتجنن وأنا بافكر في آخر مشواري.

(بابتسامة غيظ) يعني لما تعمل سبع أو 8 أو حتى عشر أفلام فيها مشاهد إغراء من أصل 80 فيلم ويمسك لك حد في المشاهد دي يبقى فاضي، اللي بيسأل عن المشاهد دي ناس دماغها فاضية

·      بس المشكلة إن الأدوار اللي بتتعرض عليكي بتعتمد على الشكل، والشكل بيدخل في صراع مع الزمن؟

- أنا معتمدة على شيء اداهولي ربي وأنا باحاول الحفاظ عليه لأطول فترة ممكنة، شكلا وموضوعاً وموهبة وعقلا ومخاً.

·      يعني لو خيروكي في مسألة الاستمرار في التمثيل بين مصائر مختلفة، مصير أو مسار نادية لطفي ولا سعاد حسني ولا فاتن حمامة ولا أمينة رزق؟

- فاتن حمامة، أتمنى أكون ربعها، يا ريت أكون زيها، نِفسي، ولو ما قدرتش أحقق مكان زي ده هتلاقيني اختفيت بالتدريج، أو مش هتلاقيني خالص، احتمال.

·      يعني مش هتكملي في التمثيل لغاية ما تقدمي أدوار الجدة مثلا؟

- لا، ما أفتكرش، ما أفتكرش، ممكن أعمل دور الجدة دلوقتي عشان أورّي للناس إني بامتلك كل أدوات التمثيل، على فكرة أنا عملت دور جدة في سهرة تلفزيونية من حوالي 15 سنة، وعملت دور أم في أعمال كتيرة لإني باحس من المهم إني أغير جلدي.

·      يعني مش هتخلي الناس يقولوا: ياه شوف يسرا كبرت إزاي؟

- لا، لا، هاخلي الناس تحتفظ بفكرتها عني زي ما هي على قد ما أقدر.

·      في ناس كانت بتعتبر إن في أوجه شبه كتيرة بينك وبين سعاد حسني؟

- (تقاطعني بحماس) بافرح بده جدا جدا جدا.

·      يعني يقصدوا من حيث النجاح وتطوير الموهبة ومن حيث المعاناة برضه؟

- سعاد حسني بالنسبة لي مثل كبير جدا، وأنا باتعلم منها كفنانة وكإنسانة.

·      بتتعلمي إزاي من محنتها دلوقتي؟

- طبعا باتعلم، هذه السيدة طاقة فنية لم ولن تحدث، لما قلقت وخافت أكتر من اللازم ما قدرتش تعمل الموازنة صح، وفقدت الثقة في اللي حواليها، ده أهم درس باحاول أتعلمه، إني أحاول ما أفقدش الثقة في اللي حواليا، أحاول دايما إني يكون عندي ناس معينة أثق فيها يكونوا مرايات ليا بس بشكل حقيقي، وهما ناس قليلين، بعضهم جوه الوسط الفني لكن غالبيتهم من بره الوسط الفني، زملاء طفولة ودراسة وأصدقاء رجال وستات.

·      بس ساعات الخوف إنك تلاقي نسبة المطبلين والمزمرين عالية؟

- لا، ما فيش حد فيهم بيعمل ده معايا، آراءهم دايما صريحة وما فيهاش أدنى نسبة مجاملة وده اللي مخليني أهتم بيهم.

·      بس ساعات البعض بيشكو من إن أصدقاء الفنان بيتحولوا إلى دواير مسيطرة عليه، خصوصا وإن أغلبهم ما بيكونش متخصص؟

- أنا ما باخدش رأيهم الفني كمتخصصين، يعني مش باخليهم مثلا يقروا السيناريوهات، لكن باقول لهم أفكار وأسألهم عن رأيهم في موضوع معين، وهل هيعجب الناس؟ وأسمع كل الآراء وأهتم بفهم ليه اتقالت وأحللها، ده بيبقى مهم جدا، ومع التطور والخبرة بتقدر تفرز وتفهم الرأي اللي بتسمعه جاي منين وتعرف هتستفاد منه إزاي.

·      بما إننا اتكلمنا عن تجربة سعاد حسني والدروس المستفادة منها، هل أمّنتي مستقبلك المادي عشان ما تتعرضيش للي هي تعرضت له؟

- لا، للأسف الشديد، أنا ماشية بالبركة، عمري ما اشتغلت عشان أحوّش فلوس، لإني باصرف كتير، وكل أهلي وصحابي يقولوا لي خدي بالك، وساعات بافكر في ده، لكن دايما تحصل ظروف، ويبدو إن ما فيش أمل إني آخد بالي، بس مش عارفة، يعني النقطة دي باسيبها على الله لإنها مستورة والحمد لله، لكن غلط طبعا أتخيل إني ممكن آخد نفس الفلوس اللي هاخدها وأنا نجمة وشابة، لإن العكس صحيح، وانت أصغر بتعمل فلوس أكتر، فمش عارفة هاعمل إيه في النقطة دي.

·      بتتصوري إن حياتك ممكن تمر من غير ما تنجبي طفل؟

- ممكن جدا، كنت أتمنى إني أخلف، لكن بقيت متصالحة مع فكرة إن الحياة ممكن تمر من غير ما أنجب أطفال، يمكن ربنا رحمني لإنه ما رزقنيش بأطفال لغاية دلوقتي من كتر ما كنت هابقى متعلقة بيهم (تضحك بمرارة وأرى الدموع في عينيها) ويمكن يكون ربنا رحم العيال مني ومن حبي، يعني ربنا برضه بيحط لي نماذج في الحياة عشان يصبرني بشكل مباشر، يعني إنك تشوف حد عنده ابن أو بنت زي الفل وعلى أعلى مستوى في التعليم وفجاة يخطفه الموت، فأحيانا أقول الحمد لله إن ربنا ما رزقنيش بأطفال عشان ما أصابش بحزن لو فقدتهم، ودايما أقول لنفسي لازم تكوني مقتنعة إن كل اللي جالك من ربنا كان لمصلحتك وتحمديه وتشكريه على كل اللي جابه.

·      من أهم إنجازاتي في الحوار دي إني مش هاسألك السؤال اللي بتتسئليه دايما عن مشاهد الإغراء، لكن هاسألك عن مشاعرك تجاه السؤال ده؟

- (بابتسامة غيظ) يعني لما تعمل سبع أو 8 أو حتى عشر أفلام فيها مشاهد إغراء من أصل 80 فيلم ويمسك لك حد في المشاهد دي يبقى فاضي، اللي بيسأل عن المشاهد دي ناس دماغها فاضية.

·      في اعتقادك الجمهور العادي بيتعامل مع المشاهد دي بفهم؟

- مؤكد، فاهمين الحكاية صح، وفاهمين إن ده شغل وإني باعمل شخصية بتتطلب ده، بس مع الأسف احنا أحيانا في الإعلام والصحافة بندي الأمور أكتر من قيمتها، وأحيانا لما نكون ضد فلان أو فلانة بنحاول نصور الأمور بشكل معين عشان نشوه صورته ونقول له أصلك عملت كذا ونسيب النجاح ونركز على جوانب تافهة.

·      في رأيك ده بيكون بقصد ولا ده جزء من التفكير العام؟

- يعني ما باحبش أتكلم عن فكرة إن في حد بيحاربني أو ما بيحاربنيش، لكن في كده وفي كده، في بعض الأحيان ده يكون مقصود وأحيانا جهل وأحيانا فراغ.

·      علاقة الناس في مجتمعنا بالفنانات بالتحديد فيها طابع غريب، يعني ممكن يحبوا الفنانة جدا، لكن يقبلوا إنهم يتكلموا في سيرتها لما تطلع عنها إشاعات، بتشوفي الحكاية دي إزاي؟

- بالعكس، أنا اكتشفت إن الشعب المصري لما بيحب حد ما يقبلش يسمع عنه حاجة ما تسروش، زي ما تكون أهلاوي أو زملكاوي وفريقك يلعب ماتش وحش فتدافع عن فريقك، أنا باحس إني جزء من الشعب ده ومن الشعب العربي، باحس إن الناس مصدقاني ومؤمنة بيا، وعشان كده ما بيأثرش عليّ أي إشاعات أو حملات، وباحس ده من رد الفعل في الشارع، يعني من ساعة ما اتنشرت أخبار مرضي، ما فيش حد وأنا بامشي في الشارع إلا لما يقول لي: حمدالله على سلامتك.

·      حمد الله على سلامتك.

- (ضاحكة) الله يسلمك.

 

العربي الجديد اللندنية في

03.05.2021

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004