تبدو مهمة (الشارح للصورة) هي أولى مهمات الناقد الذي اعتاد ،
وعوّد معه قرّائه على هذه المهمة ، أو هذه الوظيفة.
والشارح للصورة هو هذا المعلق المحايد ، أو غير المحايد الذي
يساعد على الدفع بالصورة إلى حيز التداول..
الصورة قبل مهمة الشارح هي كينونة مستقلة.. انتهت صلتها
بصانعها ، أو صانعيها... ليس غير قائمة الأسماء التي ترافق افتتاح الصورة
أو اختتامها، المقصود أسماء المشاركين في صناعة / إنتاج الصورة.. وما بين
الافتتاح- الختام ثمة كينونة متدفقة قوامها الصور/ الأصوات/ الحركة..
الصوري/ الصوتي/ الحركي هو المكون الثلاثـي الذي يرتكز عليه
(شارح الصورة)..
فضالته الأولى هي ما يرى ثم ما يسمع .. وخلال ذلك يجري توظيف
الحركة.. إنها البنية السيميائية الافتراضية من العلامات التي تستند إليها
المكونات الثلاثة.
ولعل
وظيفــــة الشارح هنا هي الوظيفة المؤجلة، إنها وظيفة بعد
صورية أي انها وظيفة متولدة من انتهاء العرض وانتهاء عملية
التلقي.
شارح الصورة
واقعيا ليس معنيا كثيرا بوظيفة التلقي ولا العمليات التلقائية أو غير
التلقائية
المواكبة للعرض المرئي.
إنه من أجل المضي في وظيفة الشارح يتحاشى المقتربات التي يرى
أنها (تعقد)
وظيفـــــــته ، أو تضيف إليها بعداً نظريا
وذهنيا.
إن الوظيفة المؤجلة لشارح الصورة هنا ينظر إليها
أحيانا على أنها وظيفة تابعة وبعدية كما قلنا.. فهي ليست وظيفة
صانعة ، وعلى هذا تم
نقل وظيفة الناقد إلى مهمة (مؤقتة) ، وليست ملزمة لكينونة
الفيلم.
ولكي يؤسس
الناقد لنفسه موقعا في العملية فإنه يلجأ إلى أيسر وأقصر الطرق وأقلها
خسارة في
مهمتــه ، وأكثر قبولا لدى جمهور فن الفيلم من جهة ، ولدى من ينتج الخطاب
الفيلمي..
إنها مهمة من يمضي مع الفيلم في كونـه متنا حكائيا.. أو قصصيا يستوجــب
الأمر أن
توضح
ملابساته وتركيبه.
لكن هذا المقترب إلى (المتن الحكائي) وإلى (البناء القصصي)
يبدو
ظاهريا
مفصولا فصلا قسريا عن نظرية السرد ، وطرائق وأساليب السرد، وهي نظرية
وطرائق
متكاملة وتخصصية فيمـــا يجري التعامل معها من أجل خدمة وظيفة الناقد كشارح
للصورة.
شارح الصورة.. إن كان ناقدا في هذا النقاش فانه قد
أصبح في أمسِّ الحاجة إلى أدواته.. التي تؤهله وتساعده للمضي
في
وظيفته.
وعلى هذا.. كان
لزاما عليه أن يحلل ثم يفكك البنية الفيلمية..
ولأنها مهمة مركبة ومتداخلة يلجا شارح
الصورة إلى طريقة انتقائية تامة.. إذ ينتقي من بنية الفيلم أو ما عُرف بـ(اللغة
السينمائية) ما يساعده للمضي في وظيفته.. لأن التوقف عند
البنية وكينونة اللغة
سيغرق شارح الصورة في وظيفة مزدوجة، وربما ذات منحى نظري/ تنظيري قد لا
يساعد في
الوصول إلى الهدف..
وما
بين وظيفة شارح الصورة الانتقائي ، وبين وظيفـة الناقــد ثمة
كينونة فيلمية.. هي ما أسميه بـ (البنية العميقة للخطاب
الفيلمي)..
هذا التركيب
الاصطلاحي.. أجده اقرب إلى ما أنا ماض فيه في عرض مقاربات نقدية وإعادة نظر
،
وقراءة لوظيفة النقد السينمائي ، وقبل ذلك لوظيفة الناقد
السينمائي.
البنية العميقة
للخطاب الفيلمي كنت قد طرحتها تمهيديا في كتابي: (الخطاب
السينمائي من الكلمة إلى الصورة)..
وكانـت ذات امتداد سردي مرتبط بوظائف الكاتب والمخرج.. أي بين
النص
والخطاب
المكتوب ، والنص والخطاب المرئي.
ما بين ثنائية المكتوب/ المرئي سيولد مفصل آخر يشكل معضلة أمام (شارح
الصورة).. فهو غير مهيأ للانتقال من البنية العميقـة للخطاب الفيلمي إلى
ثنائية المكتوب والمرئي.. البنية والثنائية تشكلان معضلة حقيقية أمام شارح
الصورة
المكتفي بوظيفته التابعة وربما.. الهامشية.
http://dimension4future.blogspot.com/
سينماتك
في 22 سبتمبر 2007