كلفتي (باسم السمرة) اي النصاب الشخصية الرئيسية في الفيلم المصري الذي
يحمل اسمه "كلفتي" انتاج 2004، للمخرج محمد خان، حيث كلفتي لا يمثل نموذجا
استثنائيا في المجتمع انما حلقة من سلسلة طويلة من النصابين على تنوع
مهاراتهم، لكن علينا هنا ان نميز بين نوعين من النصابين؛ الاول ثري يدفعه
حب امتلاك المزيد من المال والسلطة الى النصب، والثاني فقير تدفعه الظروف
الاجتماعية والاقتصادية السيئة الى النصب، والى هذا الاخير ينتمي بطل
الفيلم، الا ان محمد خان لا يقدم هنا صورة لنصاب سوداء بالكامل، فكلفتي
كغيره من ابناء طبقته ظروفه قادته الى هذا الحال لكن لا زال قلبه ينبض ببعض
الخير، فها هو يتعقب النصابين الذين ضحكا على شاب امام ناظريه، ونصب
عليهما، ليعيد الى لشاب نقوده، بعد ما اخذ حصته من نقود النصابين، كما انه
يشتري البرتقال ليعطيه لاطفال الشوارع في الملجأ الذي عاش فيه لفترة في
طفولته.
اقرب الى الفليم التسجيلي
الا ان هناك لحظات في الفيلم ينتاب خلالها المشاهد شعورا بالملل، وذلك لان
ليس هناك حدث يتطور خلال الفيلم، ليس سوى تقديم ملامح عن شخصية كلفتي،
واقعه السيء واستعراض بعض عمليات النصب التي يقوم بها، ووعوده الكاذب
للفتيات بالزواج، ثم يقدم لنا الفيلم خلفيته الاجتماعية والاقتصادية من
خلال زياراته؛ لملجأ اولاد الشوارع، ولوالدته - التي انقطع عنها لاعوام-
ندرك بعدها ان الاوضاع الاقتصادية السيئة دفعت والدته الى الزواج من جديد،
مما جعله يهرب من المنزل الى الشارع، ومن ثم الى ملجأ اطفال الشوراع،
واستعراض لمحات من ماضي وحاضر كلفتي مع غياب التشويق والاحداث التي تتطور
على امتداد الفيلم، يجعله اقرب الى الفيلم التسجيلي من الروائي، الذي يرسم
من خلاله بورتريه تظهر ملامح الشخصية التي قد لا تمتلك بالضرورة نقاط
انعطاف تنقل الشخصية من حال الى اخرى.
هذا لا يقلل من قيمة الفيلم، ولا الصورة المشهدية الجميلة التي يرسمها خان
بكاميرته، على وجه الخصوص في نهاية الفيلم بعد ان يخرج كلفتي من السجن
ويواصل نصبه على سائحة اجنبية تتشمس على الشط، فيراهنها على مائة دولار انه
يستطيع المشي على الماء من دون ان يغرق، فتمتعها الفكرة وتلوح له بالمائة
دولار التي لن يحصل عليها اذا ما غرق، ونرى بعدها كلفتي يمشي على الماء،
انها ليست معجزة انما يوظف ذكاءه في خدمة النصب، فهو يعلم ان هناك ممر خشبي
يمتد الى البحر يختفي تماما عندما يعلو الموج البحر ويغمره، ويستمر في
المشي الى ان يصل الى نهايته فيغرق، وينتهي المشهد الاخير في الفيلم بهذا
الممر وقد انحسر الماء عنه، وها هو يمثل دربا يمتد امامنا من الواقع المر
نحو المجهول.
"كلفتي" فيلم من انتاج محمد خان الخاص عام 2004، وهو اولى افلامه المصورة
بكاميرا الفيديو الرقمية، وقد واجه صعوبات في عرضه سينمائيا وبقي حبيس
الادراج الى ان تم عرضه هذا العام على احدى القنوات الفضائية، "كلفتي"
الفيلم الذي عاد به خان بعد فترة انقطاع طويلة عن السينما، فهي الفترة التي
سادت فيها كوميديا الافيهات، فمنذ "يوم حار جدا" عام 1994 - اخر فيلم اخرجه
في التسعينات- لم يخرج سوى "ايام السادات" عام 2001، في حين كان يخرج قبلها
بمعدل فيلما كل عام منذ بداياته في "ضربة شمس" 1978، و"الرغبة" عام 1980،
مرورا بافلامه المميزة "عودة مواطن"1986، و"زوجة رجل مهم" 1987، "احلام
هند وكاميليا" 1989، الا انه بعد "كلفتي" عاد الى السينما بقوة واخرج بعدها
"بنات وسط البلد" عام 2005، وفي "شقة مصر الجديدة" عام 2007، وهو الان يحضر
لتصوير فيلمه الجديد "نسمة في مهب الريح".
raniahaddadus@yahoo.com
سينماتك في 27
نوفمبر 2008
قراءة اولية في افلام مهرجان الاردن للفيلم القصير2008
رانيه عقلة حداد
اختتم في محترف رمال الخميس الماضي فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الاردن
للفيلم القصير الذي تقيمه تعاونية عمان للافلام بادارة المخرج حازم بيطار،
ومنحت لجنة التحكيم الرئيسية جائزة البتراء لاحسن فيلم عالمي الى الفيلم
الايراني (Solitude) اخراج ماهرداد شيخان، كما ذهبت جائزة مؤسسة عبدالحميد شومان
لاحسن فيلم عربي الى الفيلم الاماراتي "بنت مريم" اخرج سعيد المري، مع
التنويه ل (Colin Bell)
كاحسن تصوير سينمائي عن الفيلم الاسترالي (Leap Year)،
وفيلم "المشهد" كاحسن نص، والطفلة (Dominique
Loisos) كاحسن ممثلة عن دورها في الفيلم الاسترالي
(Bonfire)،
و(François Delaive)
كاحسن ممثل عن دوره في الفيلم الفرنسي (
Abattoir)، اما لجنة الناشطيين الثقافيين الشباب فمنحت تنويه للفيلم
الايراني (Zero Degree
) للمخرج اوميد خوشنازار كاحسن فيلم اصلي، والفيلم
الاسباني (Silba
Perfidia) اخراج خوسيه اليندا كاحسن تعبير فني.
تنوعت جنسية الافلام القصيرة المشاركة وبالتالي القضايا والاساليب التي
تناولتها، فعكس كل منها هواجسه وفقا للثقافة التي خرج منها، فكان من الملفت
مثلا ان تشكل الاسئلة الوجودية الكبرى هاجسا لفيلمين؛ (Zero Degree)
و(Solitude) من اصل ثلاثة افلام ايرانية مشاركة،
وكلاهما اتخذ الرسوم المتحركة شكلا لتناول وتأمل هذه القضايا الفلسفية، رغم
العقلية الدينية التي تحكم ايران، وهذا النوع من التأملات كان شغل
الاوروبين الشاغل بعد الحرب العالمية الثانية في خمسينات وستينات القرن
الماضي، اما الان فقد اختلف الامر واصبح الفرد هو محور التفكير، وعجزه
التام عن تجاوز محنته الشخصية هو ما عكسته عدد من الافلام الاجنبية
المشاركة مثل: الفيلم الاسباني(Silba
Perfidia)، والفيلم الاسترالي(Bonfire)، والفيلم الفرنسي (Abattoir)، فكل واحد من ابطال هذه الافلام تعرض لحادث سيء، شكل نقطة
انعطاف وغير سير الحياة الطبيعية لديه وللاشخاص المحيطين به، وبات العجز عن
قبول الواقع الجديد او التكيف معه، هو محنة انسان تلك الثقافة بغياب القوى
العلوية القادرة على تقديم المساعدة، فليس سوى الاستسلام التام للواقع.
اما عربيا فكانت الشعرية هي الصبغة التي تتخذها الافلام الخليجية؛ البحريني
(غياب)، الامارتي (بنت مريم)، (خوي)، (الوجة العالق)، (بنت النوخذه)، كما
شكل الموت هاجسا رئيسيا في كل منها، بالاضافة الى توظيف عنصر الماء كرمز
للحياة تارة والموت تارة اخرى تبعا للسياق الذي وضعت به.
وكما تنوعت جنسية الافلام المشاركة تنوعت كذلك مستويات جودة تلك الافلام
شكلا ومضمونا، وللاسف كانت اغلب الافلام الاردنية المشاركة اقلها في مستوى
الجودة، من ناحية الشكل والمضمون فلا يبدو ان هناك هاجسا ما يشغل اصحابها
سوى رغبة عمل الافلام، فبدا بعضها كنكات مصورة مثل فيلم "انا جاهز" وفيلم "اسبرسو"
الا ان هناك بعض الاستثناءات افضلها فيلم "المشهد" والذي تناول ما يدور في
راس قناص اسرائيلي اثناء اداء مهمته بالبحث عن ناشط فلسطيني، كما لا بد
الاشارة الى الجهد المبذول في فيلم (عدالة الانتقام) للمخرج خالد الهلالات
رغم الضعف الذي شمل بعض عناصره الفنية، الا انه يكشف عن موهبة من الممكن ان
تصبح لمخرجها شأن في مجال الاكشن ما ان صقلت ادواته، لذا منحت لجنة التحكيم
الرئيسية تنويه خاصا لهذه التجربة.
raniahaddadus@yahoo.com
سينماتك في 27
نوفمبر 2008
|