شريط
جربافيتشا هو الصرخة التي أطاقتها المخرجة البوسنية اسماعيلا يبانتش ـ 32
سنة ـ لكسر المسكوت عنه و تعرية الفضائح التي نتجت عن الهجمة الشرسة للصرب
على البوسنة وخلفت مشاكل لا حصر لها من بينها ألأغتصابات التي تعرضت لها
النساء المسلمات في المنطقة، وتعتبر جرائم بشعة مارالت تعاني منها هؤلاء
الضحايااللائي يعانين في سكوت رهيب تحت قانون الطابو بالرغم من انها عملية
تسببت في شرخ عميق في قاب وعقل الضحايا لأنه اساء الى شرف وكرامة النساء
أولا وثانيا لأنه جرم يعاقب عليه القانون خصوصا وانه جرم القصد منه الأساءة
الأبدية للضحايا.
لقد كانت
عمليات ألأغتصاب الجماعية تزرع الرعب في قلوب النساء البوسنيات لأنه سلوك
ممنهج ومنظم لمليشيات مجندة لهذا الغرض، فجاءت اسماعيلا يبانيتش لتفجر هذة
الفضيحة والحديث عنها بدون تحفظ و لكن أيضا بدون ميوعة تكفي ألأيحاءات لما
يجري لتقول الحقيقة حتى تبتعد عن الأبتدال، معالجة الموضوع يهذف الى الرفع
من معنويات الضحية والتخفيف من العذاب النفسي الذي تعيش فيه من جراء طعنة
رسمت الى ألأبد في حياتهن، واتخذت المخرجة البوسنية من السينما وسيلة
للتعبير الواضح بالصوت والصورة عما يرهقها نفسيا ومعنويا كبقية زميلاتها
فعالجت الموضوع باعتباره عملية من المفروض ان تكون حميمية بين طرفين
وبرضاهما لكنها اتت في قالب "الجمياة والوحش الذي نهش عرضها بهمجية وتولد
عنها حمل غير شرعي وغير مرغوب فيه بألأساس، وهو أقسى ما يمكن أن تتعرض
لهه المرأة في حياتها الشخصية. فازت اسماعيلا عن عملها هذا بجائزة الذب
الذهبي من مهرجان برلين الدولي في نسختة الأخيرة بعد ان أثار الرأي العام
العالمي.
"جربافيتشا"
يجسد قصة امرأة تمثل النساء الضحايا في بوسنة ما بعد الحرب، تعرضت للاغتصاب
على يد جنود صربيين وأسفر التعدي على ميلاد طفلة بريئة، فكيف ستتطور
العلاقة بين ألأم الضحية الرئيسية والطفلة التي تعتبر في نظر المجتمع
لقيطة. تمزق ألأم تجاه حب ابنتها كجزء منها وشعورها بألألم لأنها نتيجة
وضع معين فرضته الظروف عليها وظلم فادح لحق بكيانها، وكيف يمكن قبولها
والتعايش مع سر مدفون ينهش داخلها، وهل المجتمع واع بهذا الوضع، ثم موقف
الحكومة من المعنيات بألأمر والتعامل معهن كضحايا حرب لابد من ادماجهن في
الحياة العادية وتحسيسهن بأنه لا ذنب لهن في المشكل، وماذا يقول الشرع
والقانون في هذا.... العديد من ألأسئلة التي راجت في ذهن المخرجة حاوات أن
تقتسمها مع جمهورها والمعنيين بالموضوع، وبالتالي الفيلم جاء لتحريك هذا
الملف والحديث عنه كمخلفات لحرب اندلعت وتسببت في مشاكل مازالت نتائجها
تكبس ألأنفاس لأنها وصمة عار على جبين الأنسانية، الأحداث تدور في حي
جربافيتشا حيث تعيش أسما وتقوم بالدور الممثلة الصربية مرجانة كارانوفيتش
وابنتها الوحيدة سارة ـ الطفلة لونا ميوفيتش 12 سنة.
اختيار
اسماعيلا للحي لتصوير أحداث الشريط جاء لكونه كان معسكرا للجنود الصرب بين
عامي 1992 و 1995 وبالتالي تسرد حياة اسما التي التي تعمل كنادلة في احدى
الملاهي الليلية لتتفرغ لتربية ابنتها سارة في النهار فتنسج علاقة حب وثيقة
بين الطرفين لا تعكرها الا نوبات عصبية أكيد أنها ناتجة عن تذكر ألأم
للحظات عصيبة في مواجهة المغتصبين ولا ترى الطفلة تفسيرا لهذه التصرفات
الا الضغوطات اليومية، علما أنها تعتقد أن أباها بطلا استشهد في الحرب وذلك
حسب رواية الأم حتى لا تتسبب الحقيقة في عقدة نفسية لها. جعلت المخرجة من
بطلتها الصغيرة محورا رئيسيا حاولت أن تسرد من خلاله تحريات سارة وبحثها عن
قطعة البازل الضائعة لتكتمل الصورة بعدما بدأت تشك في وجود أب بالمواصفات
التي حكتها اسما مما يثير أعصابها وتضطر وهي في حالة انفعال أن تبوح بالسر
الثقيل لسارة التي تنهار أمام هول الحقيقة التي طالما حاولت الأم اخفاءها
والتحايل عليها في حين هذا الأب ما هو الا جندي صربي حقير لا قيمة له في
سلم ألأنسانية.، وفي خضم هذه المواقف الدرامية حرصت اسماعيلا يبانيتش أن
تحتفظ على بعض الخيوط الرفيعة كرباط بين ألأم و ألأبنة التي يبدو أنها
تقدر عذابها ولا تحملها المسؤولية فيما حصل بالرغم من الخدوش التي أصابت
هذه العلاقة وهي اشارة من المخرجة لعدم ادانة الضحايا ومساعدتهن لتخطي
المشاكل التي تعيشها في ظل جو من الضغوطات ألأجتماعية والدينية والشريط
في الأساس هو رؤية مستقبلية تدعو للتفاؤل والأستمرار في الحياة من خلال
الطفلة والرحلة الجميلة كلها عناصر ترمز الى غد أفضل لبلد عانى الكثير من
جراء حرب أبدع فيها مجموعة من المرضى النفسانيين اتخدوا من البسنيين
المسلمين هذفا لهلوساتهم.
وبجربافيتشا تنضم اسماعيلا الى صف المخرجات اللائي تحملن المسؤولية لرفع
الستار عن المسكوت عنه والحديث عن كل ما هو طابو في عيون المجتمع لأنه
يضرب كيان النساء في الصميم، أصوات جميلة خرجت من وسط ركام دول تعاني من
الحروب الأهلية والعاهات الأقتصادية والسياسية والجتماعية، نساء حملن عدتهن
وخرجن للتعبير عن همومهن بالصورة المتحركة ليقلن للعالم أن المرأة تمثل نصف
المجتمع وعنصرا كامل المواطنة.
سينماتك في 10
نوفمبر 2008
"خلطة
فوزية" عجين بدون ملح
أمينة بركات
اسدل
الستار على فعاليات مهرجان الشرق الاوسطالسينمائي الدولي في دورته
الثانيةالذي أقيم ما بين 10 و19 أكتوبر وفازت فيه المصرية الهام شاهين
بجائزة أحسن ممثلة عن دورها في شريط خلطة فوزية للمخرج مجدي أحمد علي,
الفيلم يحكي قصة سيدة تتزوج أربع مرات وفي كل مرة تنجب وتتطلق لكنها تبقى
على علاقة ودية مع ازواجها السابقين في حالة أشبة بالمستحيلة في مجتمع
شرقي, "خلطة فوزية" أو لخبطة فوزية فيام يحمل بين طياته خطابا ساخرا حاول
من خلاله المخرج ان يسلط الضوء على العلاقات الانسانية في كل جزئياتها بما
فيها العلاقة الزوجية من خلال حياة فوزية وشركائها الحميميين، تبدوالبطلة
ذو شخصية قوية الى درجة اسنحودت فيها على أحداث الشريط على حساب الشخصيات
الجانبية. تتحرك في كل الاتجاهات بطريقة فوضوية وبدون ملل بحثا عن شيء ما
في نصفها الثاني, تعيش حياة تلك المدينة البسيطة والمجردة من كل حدود أو
قيود سكانها فقراء وبسطاء أطفالها حالمون وتائهون فيما تعيش نساؤها على
حافة الحياة في انتظار ما هو أفضل وتمثل هذه الشريحة صديقتها الحميمة (غادة
عبد الرازق) التي تطلب منها بكل عفوية أن تستلفها زوجها الرابع (فتحي عبد
الوهاب) لفترة قصيرة باعتباره فتى أحلامها وهو شاب وسيم ولا يمت للآخرين
بصلة مما يشعل نار الغيرة في قلب فوزية.
تجسد
البطلة ارهاصات اجتماعية تتخبط في الهموم اليومية لحياة تبدو على الهامش
مرة يصيب فيها المخرج واخرى يتوه فيها المشاهد بين الاحداث الصاخبة يحن
الى هدوء الزوج الرابع. هذه الخلطة تعبر عن الحلم بحياة مستقرة لأمرأة عانت
كثيرا من الارتباط بأزواج هامشيون وعبثيون يمتزج فيه الخيال بالواقع,
الفيلم يمثل المجتمع العشوائي من خلال حياة البطلة التي تعيش في حي عشوائي
تناضل من اجل تربية أبنائها أحدهم معوق يطير حالما ببكرسيه في السماء ليجد
نفسة تحت عجلات سيارة دهسته.
يريد
المخرج أن يقول من خلال فيلمه ان المجتمع المصري قادر على الاستمرارية في
الحياة بالرغم من المشاكل التي تعترضه في الطريق أذ غالبا ما يجد مخرجا
لمطباته وازماته ويستطيع أن يتعامل معها بهدوء و سكينة وهو الفيلم الرابع
للمخرج مجدي احمد علي الذي صنفه النقاد بسينما المرأة باعتباره من تاليف
امرأة (هناء عطية), انتاج وبطولة امرأة هي الهام شاهين ويناقش قضية امرآة
وهذا ما المخرج ويصنفه ضمن الموجة الجديدة في السينما المصرية التي تسلط
الضوء على حياة الفرد الذي يعيش على الهامش لترصد أوجاعه وهي وصفة أصبح
صناع السينما يهتمون بها باعتبارها شريحة تنبعث من الواقع وتمثل نسبة كبيرة
من المجتمع العربي بصفة عامة,
فوز الهام
شاهين بالجائزة جاء صادما للعديد من الصحفيين والنقاد الدين كانوا يتنبؤون
للممثلة السورية سلاف فواخرجي ان تفوز بالجائزة عن دورها في فيلم "حسيبة"
للمخرج السوري رايمون بطرس عن قصة للكاتب خيري الذهبي لتخرج سوريا من
المولد بدون حمص.
سينماتك في 10
نوفمبر 2008
|