عيد السينما العراقية.. بأي حال عدت يا عيد ! يوخنا دانيال – بغداد |
اتفق المسؤولون في دائرة السينما والمسرح على اعتبار يوم 22 حزيران /يونيو عيداً وطنياً للسينما العراقية، باعتباره تاريخ عرض أول فلم عراقي 100 % ، ونقصد فلم "فتنة وحسن" للمخرج "حيدر العمر" الذي عرض في عام 1955. وقبل هذا، كان قد استقرّ في الأذهان ان عيد السينما العراقية هو تاريخ عرض فلم "عليا وعصام"، لكن لكون مخرجه "أندريه شاتان" يحمل الجنسية الفرنسية، فقد خسر الفلم هذا الشرف او الامتياز. لقد تجمّع معظم فناني السينما العراقية وزملاؤهم وأصدقاؤهم من الفنانين والمثقفين الآخرين في صالة المسرح الوطني للاحتفال بهذا اليوم "الرمزي"، وبرعاية مباشرة من وزارة الثقافة العراقية التي حضر ممثلوها – وغاب وزيرها – وقدموا الجوائز التكريمية والشهادات التقديرية الى رواد السينما العراقية من الأحياء والراحلين، وهم المخرجون والفنيون : محمد شكري جميل، عبد الهادي مبارك، خيرية المنصور، صاحب حداد، شكيب رشيد، وفرجينيا ياسين، في حفل محدود تخللته فعاليات من الرقص الشعبي والغناء التراثي العراقي الجميل، اضافة الى عرض بعض المشاهد السينمائية من الأفلام العراقية المختلفة وإلقاء الكلمات الترحيبية. ولمن لا يعرف بغداد هذه الأيام، فان درجة الحرارة تصل فيها الى 50 درجة مئوية، والازدحامات المرورية خانقة، أما أزمات الخدمات الأساسية والمحروقات فقد أصبحت غير معقولة، والوضع الأمني سيء جداً ومعقد الى حد كبير .... وبرغم كل هذا، كان السينمائيون العراقيون فرحين ومبتهجين مثل أطفال في عيد، وعلى الأخص، المخرجة المشاكسة "خيرية المنصور" صاحبة الفلم الكوميدي الجميل "ستة على ستة – 1988" ... التي لعنت الأحزاب و"سيرتها" قائلة : كفانا ... كفانا! لقد أنجزت مؤخراً فلماً وثائقياً لصالح قناة النهرين المستقلة، وعبّرت عن سرورها لأن الدولة – او الوزارة – فكرت بالسينمائيين واحتفت بهم رغم كل الظروف، وسط حضور اعلامي مكثّف لعشرات الصحف والمجلات والمحطات التلفزيونية العراقية، الفضائية منها والأرضية. كانت خيرية المنصور مثل الداينامو في الحفل، متحركة على الدوام، أجرت العديد من اللقاءات مع الاعلاميين. وعندما سألتها عن المستقبل، قالت : "بصراحة انه غامض، غير واضح المعالم. أما الماضي فقد انتهى، وبناه التحتية وانجازاته وموجوداته ومعداته .... قد سُلبت ونُهبت وحُرقت . الحاضر خاضع كلياً للوضع الأمني والسياسي غير المستقر، وهذا ما يمنع السينما الآن من النهوض في العراق". الفنانة "فاطمة الربيعي" بطلة الفلم السياسي الملحمي "المسألة الكبرى" – عن ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني – والعشرات من المسلسلات التلفزيونية والمسرحيات الدرامية ... فقد كانت حائرة، مبتهجة وحزينة أيضا ... لأننا نعيش أوضاعاً أمنية واجتماعية سيئة، لكننا نحتفل بعيد السينما وهذا شيء جيد، وعلى حد قولها : لقد تحول معظم الفنانين الى موظفين ينتظرون مرتباتهم "الحكومية" آخر الشهر! الفنان "صادق علي شاهين" كان انتقاديا في موقفه تجاه الأفلام العراقية الجديدة، التي تجيّر الواقع المجاني "السيء" لصنع أفلام وثائقية – او شبه روائية – تقترب في النتيجة من الريبورتاجات الصحفية او الأفلام العائلية أحياناً! وقد تألم لغياب الخط الروائي التقليدي في السينما العراقية. وعندما سألته عن الفلم العراقي المستقل 100 % "غير صالح" للمخرج الشاب عدي رشيد، أبدى اعجابه بجرأة مخرجه في صنع فلم غير مدعوم في هذه الظروف. ونفس الشيء كانت قد قالته المخرجة خيرية المنصور ... لكنهما اعتبرا الفلم مختلفاً جداً عن الخط السائد في السينما الروائية العراقية رؤيةً وتنفيذاً. وهذا ما يقوله تقريباً بطل فلم "غير صالح"، الممثل الشاب "حيدر حلو"، عندما سألته كيف يضع المخرج على أفيش الفلم عبارة ( فلم لـ عدي رشيد ) وهو أول أفلامه الروائية؟ فقال ان الفلم ينتمي الى سينما المؤلف، ولهذا يحق له ان يكتب مثل هذه العبارة .... علماً ان حيدر قد ساهم مع عدي في صياغة الفكرة وإعداد السيناريو، وبالطبع لن ننسى الجهود المبدعة للمصوّر زياد تركي. حيدر وعدي وسينمائيون عراقيون شباب آخرون .... يدرسون او يشتغلون في الخارج، ويعودون أحياناً الى العراق لإنجاز بعض الأفلام القصيرة والوثائقية ... لكن مجال العمل – والاستقرار – في العراق محدود جداً لمختلف الأسباب، كما يؤكدون جميعهم. وعندما طلبت من الاستاذ "قاسم سلمان" مدير السينما في دائرة السينما والمسرح أية منشورات او صور او أقراص مدمجة حول الاحتفال بيوم السينما العراقية ... ابتسم في وجهي، وقال انت تعرف الظروف، إعتمد على نفسك .... فكانت لنا هذه اللقطات والمشاهد من الحفل الذي اصرّ السينمائيون العراقيون ومناصروهم وأصدقاؤهم على إحيائه رغم كل السلبيات والمعوقات. وعقبال مائة عام من السينما "الحقيقية".... يا أحباء!
|
6 أغسطس 2006 |