في قاموس الشر السينمائي يجب أن يكون الشرير جاحظ العينين رافعًا حاجبيه
وصوته متحشرج ووجه عبوس ويملك مسدسًا يمكنّه من قتل البشر «عمال على بطال»،
وأمور أخرى اعتاد عليها الجمهور، ولكن في بداية الستينات ظهر رجل ناضج يبدو
أنه جاء من عالم آخر يستطيع إخافتك وإدخال الرعب إلى القلب دون أي من
الصفات السابقة.
دون «إكليشيهات» واضحة يستطيع الفنان محمود مرسي ألا يجعلك تنام لليالٍ
عديدة، فقط حين تتفحص نظرته الهادئة المرعبة إلى السيدة الجميلة، فاتن
حمامة، في فيلمهما «الليلة الأخيرة»، حين حاول إقناعها بكل ثقة مفعمة
بالرعب الشديد أنها زوجته وأنها مريضة نفسيًا وتحتاج إلى علاج.
ورغم أنه «عتريس» الذي مثّل أقوى أدوار الشر على الإطلاق في السينما
المصرية، إلا أنه كان رجلًا هادئًا شديد الخجل والتواضع، وكان زاهدًا في
الدنيا وحالها وتقلباتها، لا يوجد له حوارات فنية إلا قليل، ولا تسمع عنه
مشكلة فعلها في يوم ما، فرحل هادئًا مطمئنًا.
وترصد «المصري لايت» 45 معلومة عن الفنان محمود مرسي في ذكرى وفاته.
45. اسمه
بالكامل محمود مرسي محمد، من مواليد يونيو 1923.
44. كانت
والدته منفصلة عن أبيه، لذلك أدخله أبوه مدرسة داخلية، وكانت والدته تزوره
يومي الخميس والأحد، وفقًا لما ذكرته مجلة «النجوم».
43. درس
في المدرسة الثانوية الإيطالية، وذكرت مجلة «النجوم» أنه في أحد الأيام
جاءت الأمهات والآباء إلى أبنائهم في المدرسة وتخلفت والدته عن زيارته فشعر
وقتها «مرسي» بالخوف والضياع والوحدة، وتعلم ألا يرتبط بأي شخص بشكل أكبر
من اللازم.
42. تخرج
في كلية الآداب جامعة الإسكندرية، قسم الفلسفة.
41. توفي
أبوه بعد تخرجه وورث عنه «مرسي» مبلغًا من المال، سافر به إلى فرنسا، وفقًا
لما ذكره موقع «الأهرام»، وعاش هناك 5 سنوات يدرس فيها الإخراج والسينما في
معهد «الأيدك».
40. عندما
انتهت أمواله سافر بريطانيا، وقال موقع «الشرق الأوسط» أنه اضطر إلى السفر
إلى لندن «مطرودًا» من باريس، يعد أن قررت السلطات الفرنسية الانتقام لقرار
الرئيس جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس.
39. عمل
هناك في هيئة الإذاعة البريطانية، لكنه استقال منها وعاد إلى مصر.
38. عمل
في مصر بالإذاعة المصرية، والتليفزيون المصري.
37. عمل
مدرسًا لمادة التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
36. تزوج
من الفنانة سميحة أيوب، التي كانت تلميذته، وأنجب منها ابنه الوحيد «علاء».
35. بدأ
التعارف بينهما حين كان «مرسي» مخرجًا في البرنامج الثاني بالإذاعة، وظل
معجبًا بها لمدة عام ونصف قبل أن يصارحها وهي كذلك، وقالت «سميحة»، في حوار
لها بجريدة «الأهرام»، عام 2011: «علمت أنه يسأل بعض الأصدقاء عن ظروفي
الاجتماعية وحياتي الخاصة، وفي إحدى المرات فاتحني قائلاً: تعرفي أن الست
أم كلثوم ست رائعة بحق، فقلت له: لماذا؟ قال لأنها تقول: ولما أشوف حد يحبك
يحلى لي أجيب سيرتك وياه».
34. تطورت
العلاقة بينهما وذات مرة تقابلا بالمصادفة في زيارة أحد زملائهما، وعرضت
عليه أن توصله بسيارتها إلى ميدان التحرير، فوافق على الفور، وقالت «سميحة»
في حوارها إنه قبل نزوله من السيارة «رمي قنبلة» قائلًا: «أريد أن أخبرك
أنني لا أتزوج؟»، ما جعلها تجيبه بسرعة: «ومن قال لك أن هناك من يريد
الزواج؟».
33. يبدو
أن «مرسي» لم يستطع إخفاء مشاعره واتصل بها في اليوم التالي واعتذر لها،
وأخبرها أنه معجبًا بها فصارحته هي أيضَا بإعجابها به، فرد عليها: «هذا أمر
غير مألوف فالمصريات لا يعترفن أو يصارحن بحبهن»، ثم تزوجا وسكنا في منطقة
الزمالك.
32. بعد
تواجده في مصر رفض العديد من عروض التمثيل، وذكر موقع «الأهرام» أنه رفض
دور فريد شوقي في فيلم «باب الحديد»، من بطولة هند رستم ويوسف شاهين.
31. دخل
عالم الفن حين كان في الـ39 من عمره، عندما عرض عليه المخرج نيازي مصطفى
الاشتراك في فيلم «أنا الهارب»، عام 1962، من بطولة فريد شوقي وزهرة العلا.
30. كان
دوره في الفيلم شريرًا، وتقاضى مقابله 300 جنيه، وذكر موقع «السينما دوت
كوم» أن محمود مرسي «اعتقد أنها المرة الأولى والأخيرة التي يقدم فيها دور
شرير، ولكنه أصبح نموذجًا جديدًا للشرير علي شاشة السينما».
29. أدى
تميزه في دوره الأول إلى نجاحه بشكل باهر منذ اللحظة الأولى، واختير فيما
بعد لتقديم عدد من الأدوار الشريرة لكن بشكل مختلف عن صور الشر التي كانت
متداولة في ذلك الوقت في السينما المصرية، حيث قدم فيلم «الباب المفتوح»،
عام 1963، أمام الفنانة فاتن حمامة، وكان الدكتور الجامعي «فؤاد» الذي
يحافظ على المظهر رغم أنه يملك جوهرًا سيئًا، ثم قدم فيلم «الليلة
الأخيرة»، في نفس العام وأمام «فاتن» أيضًا، وأدى فيه دور «شاكر» الزوج
الذي خدع أخت زوجته لسنوات أقنعها فيها أنها زوجته.
28. كانت
مرحلة الستينيات أهم المراحل الفنية التي عاشها «مرسي» وقدم خلالها أفلام
«العنب المر»، و«ثمن الحرية»، «الخائنة»، و«فارس بني حمدان»، ثم قدم واحدا
من أهم أفلامه عام 1967 في فيلم «السمان والخريف»، من بطولة نادية لطفي.
27. عام
1969 قدم «مرسي» أهم وأشهر أدواره على الإطلاق، والذي ما زال راسخًا في
أذهان المصريين حتى الآن، وهو دور «عتريس» في فيلم «شيء من الخوف»، وأدى
فيه دور الحاكم القاسي الظالم الذي يحكم أهل بلدته بالسطوة والنفوذ.
26. أثار
الفيلم جدلًا واسعًا قبل عرضه، وقال البعض إن شخصية «عتريس» المتغطرسة
الظالمة ترمز إلى الرئيس الأسبق، جمال عبدالناصر، وأن «فؤادة» هي مصر التي
اغتصب عبدالناصر حقوقها، وأهل البلدة هم الشعب الذي جار ناصر على حقوقه،
وثورة الأهالي ضد «عتريس» هي النهاية الحتمية لعبدالناصر بعد النكسة.
25. اعترضت
الرقابة على الفيلم وتم منعه، وصاحب ذلك جدلا واسعا إلى أن تم تشكيل لجنة
برئاسة محمد أنور السادات، نائب الرئيس في ذلك الوقت، لكنه لم يستطع تشكيل
رأي بشأنه، ورفعه إلى جمال عبد الناصر، ووفقًا لموقع «الأهرام» فإن عبد
الناصر شاهد الفيلم أول مرة ولم يستطع تكوين رأي بشأنه، ثم شاهده ثانية
وأجاز عرضه قائلا: «هو إحنا عصابة؟ لو أنا كده بأعمل زي عتريس، أستاهل اللي
يجرى لي، ولو كنت ببشاعة عتريس كان الناس قتلوني».
24. بدأ
«مرسي» حقبة السبعينات بفيلم من أهم أفلام السينما المصرية، حين قدم عام
1971 فيلم «زوجتي والكلب»، وأدى فيه دور «الريس مرسي» عامل الفنار، الذي
ترك زوجته وسافر للعمل ثم يرسل إليها رجل برسالة ويندم على فعله ذلك بسبب
شكه في سلوكهما معًا.
23. انتقل
إلى التليفزيون وحقق نجاحًا منقطع النظير منذ تقديمه «زينب والعرش»، عام
1979، وحقق النجاح الأكبر في مسلسل «رحلة السيد أبو العلا البشري»، عام
1985، ثم «العائلة»، عام 1994، و«لما التعلب فات»، عام 1999.
22. استطاع
تقديم ثلاثية نجيب محفوظ في التليفزيون بشكل مختلف عما قدمه الفنان يحيى
شاهين في السينما، وأضاف روحًا مختلفة إلى شخصية السيد أحمد عبدالجواد،
الرجل الحازم في بيته، وقدم «بين القصرين»، عام 1987، ثم «قصر الشوق»، عام
1988، وذكرت مجلة «النجوم» أنه حاول إقناع الكاتب محسن زايد لكتابة
«السكرية» لكن «زايد» رأى أن ذلك صعبًا لأنه «يتناول مختلف الاتجاهات
السياسية وهو ما لا يمكن التصريح بعرضه».
21. كانت
شخصية «أبو العلا البشري» الشخصية المثالية التي التف حولها الجمهور
المصري، وشاركها حياتها، وكان يقدم دور رجل نبيل يحارب الفساد ويكره الظلم
والخداع.
20. ذكر
موقع «الأهرام» أنه حين أسند إلى الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي كتابة
كلمات مسلسل «رحلة السيد أبوالعلا البشري»، فأحضر أغنيات سبق وكتبها، لكن
«مرسي» ظل يطارد «الأبنودي» ويدخل معه في نقاشات متعددة حتى كتب الأغاني
التي ظهرت في المسلسل، وعلى رأسها «ماتمنعوش الصادقين».
19. كان
حريصًا دائمًا على تقديم أعمال لها قيمة فنية، فلا يوجد عمل واحد قدمه لا
يناقش قضية بعينها، وهو ما ظهر منذ تقديمه فيلم «الباب المفتوح»، مرورًا
بأفلام «السمان والخريف»، و«شيء من الخوف»، و«زوجتي والكلب»، كما ظهر ذلك
في مسلسلاته وأهمها مسلسل «العائلة»، عام 1994، الذي ناقش فيه قضية الإرهاب
في المجتمع.
18. في
عام 1995 رفض ترشيحه للفوز بجائزة الدولة التقديرية في مصر لكونه «ممثل»،
وذكر أنه لا يرى أن الممثل مبدعًا، مؤكدًا أن تلك الصفة تنطوي على المؤلف
والمخرج، لأن الممثل لا قيمة له دون مؤلف جيد ومخرج له نفس الصفة.
17. وافق
عام 2000 على استلام جائزة الدولة التقديرية بعدما أصبحت صفة ترشيحه
«العطاء الفني طوال تاريخه».
16. ذكر
موقع «العربية نت» أنه «في الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996
اختار سينمائيون 6 أفلام قام ببطولتها محمود مرسي ضمن قائمة أفضل 100 فيلم
في تاريخ السينما المصرية، وهي السمان والخريف، وشيء من الخوف، وأغنية على
الممر، وزوجتي والكلب، وليل وقضبان، وأبناء الصمت».
15. حصل
على جائزة أحسن ممثل سينمائي عن فيلم «الليلة الأخيرة»، عام 1963، من بطولة
فاتن حمامة، وفيلم «شيء من الخوف»، عام 1969.
14. ذكر
موقع «السينما دوت كوم» أنه «تم تكريمه في مهرجان الفيلم الروائي في عام
1998، وكرمته وزارة الثقافة عن جهوده كأستاذ لمادة الإخراج بالمعهد العالي
للفنون المسرحية».
13. قدم
آخر أفلامه عام 1997، بعنوان «الجسر»، أمام الفنانة مادلين طبر، وهو الفيلم
الوحيد الذي قدمه طوال فترة التسعينات، وكان قدم قبله فيلمًا عام 1986
بعنوان «حد السيف».
12. قال
في حوار لمجلة «المصور» عام 2000 إنه قاطع السينما لأنه لم يجد السيناريو
الذي يرضيه والقصة التي تشبعه.
11. هاجم
السينما والأفلام الجديدة التي ظهرت منذ منتصف التسعينات، وقال في حواره مع
المجلة: «لا أدري سببا لهذا الطوفان من التفاهة في السينما والمسرح
والتليفزيون، الملايين تنفق على أعمال تافهة، وقد عُرضت عليّ عشرات
السيناريوهات لمسلسلات تليفزيونية بعد مسلسل لما التعلب فات، الذي عُرض في
رمضان الماضي ورفضتها لأنها تافهة والأدوار هامشية وآخرها مسلسل محمد علي
الكبير، الذي كان سيخرجه الراحل حسام الدين مصطفى، وعرض علي دور عمر مكرم
وقرأته فوجدت كل الأدوار هامشية بجانب دور حسين فهمي وهو محمد علي».
10. قال
«مرسي» إنه يرى محمد هنيدي «ممثل محدود القدرات ربما يضحك الناس لكنه غير
قابل للتطوير ولن يصل أبدا إلى مقدرة عادل إمام»، وأضاف، في حوار مع جريدة
المصور: «هناك آخرون مثله في القدرات المحدودة مثل علاء ولي الدين وآخرين
لا أذكر أسماءهم وفيلم الواحد منهم يكلف ملاليم ويدر عليه ملايين والتفسير
الوحيد هو أن طوفان التفاهة طاغ وعموما أنا لا أشاهد التليفزيون المصري ولا
أذهب إلى السينما أو المسرح».
9. قال
في حوار مع نشرت جريدة «الأهرام» مقتطفات منه في مقال: «انفصال والدي عن
أمي أثر في نفسي على المدى الطويل بالغ الأثر ذلك أن درجات من الشك
والإحساس بعدم الأمان والقلق ظلت ملازمة لي طوال حياتي».
8. كان
يرى أن زكى رستم أحسن فنان ظهر في مصر على الإطلاق.
7. ذكر
في حوار له قبل وفاته أن فاتن حمامة هي صاحبة التكريم الأول والأخير له في
حياته، حين صفقت له بعد تأديته مشهدًا أمامها في أحد أفلامها معًا، وأوضح
أن تلك كانت المرة الأولى والأخيرة التي يصفق له أحد فيها بالاستديو.
6. لم
يتزوج بعد طلاقه من سميحة أيوب وظل وحيدًا طوال عمره، وقالت «سميحة» إنهما
كانا منسجمان فنيًا ولكن لم يكن هناك انسجام عاطفي، ما أدى إلى الطلاق في
النهاية.
5. كان
دائمًا منعزلًا ووحيدًا ويشعر أنه لم يقدم شيئًا يستحق الإعجاب، وذكرت
سميحة أيوب، التي كانت زوجته، في حوار لها مع جريدة «الأهرام»، عام 2011 أن
«أحد الصحفيين توجه إليه لإجراء حديث فقال له: لماذا أنا؟ أنا لم أفعل
شيئًا فلتذهب لمقابلة الفلاحين في المزارع أو العمال الذين يشيدون ويبنون
الوطن في جميع المجالات».
4. قالت
«سميحة» عنه في حوار مع جريدة «الأهرام»: «كان نموذج لن يتكرر فنيًا
وأخلاقيًا وثقافيًا، وكان زاهدًا وعازفًا عن ضجيج المجتمع وطبوله الجوفاء،
كما أنه كان خليطًا من عزة النفس والكبرياء والتواضع الشديد أمام العلم
والمعرفة».
3. ذكرت
«سميحة» في حوارها أنه عندما حصل على جائزة الدولة التقديرية تحدث معها
تليفونيًا، وقال: «بفكر ماروحش الحفلة أنا ماعملتش حاجة علشان أخدها».
2. في
24 أبريل 2004 أعلنت أسرته وفاته عن عمر ناهز 81 عامًا، إثر نوبة قلبية
مفاجئة، بينما كان مازال يصور مشاهده في مسلسل «وهج الصيف».
1. ذكر
موقع «السينما دوت كوم» أنه «خلال حياته قام بكتابة نعي لنفسه وذكر فيه
أسماء أقرب أصدقائه»، وذكر موقع «الجزيرة. نت» أنه «أوصي بعدم إذاعة خبر
وفاته إلا بعد دفنه، لأنه كان حريصا على ألا تكون جنازته فنية». |