هَبّة "اللا كبار والوافدون الجدد"غير المسبوقة داخل
المسابقة الرسميّة التي تترأس لجنة تحكيمها الممثلة
الفرنسية القديرة جولييت بينوش، وخُصص تكريمها الى
الممثل الأميركيّ الذائع الصيّت روبرت دي نيرو، تقودها
الممثلة والمخرجة وكاتبة السيناريو التونسيّة الأصل
الفرنسيّة الهُويَّة والإقامة حفصية حرزي (1987)
وشريطها الروائي الثالث المقتبس عن السّيرة الذاتيَّة
للكاتبة الجزائريّة الأصول فاطمة دعاس "الصغيرة
الأخيرة" (أو الأصح "اخر العُنْقود")، عن يوميّات
الصّبيَّة التي تحمل اسم المؤلفة الأصليّة، والبالغة
من العمر 17 عاماً، وتعيش ضمن "عائلة سعيدة ومحبة
مؤلفة من شقيقات عدّة، تقطن في ضواحي مدينة
كوزموبوليتانية. طالبة مجتهدة، تلتحق بجامعة باريسيّة
من أجل نيل شهادة عليَّا في الفلسفة، وتكتشف عالماً
جديداً كليَّاً. في بداية حياتها كشابّة، تُحرّر نفسها
من عائلتها وتقاليدها. تبدأ فاطمة بالتّساؤل بشأن
هويتها. كيف يُمكنها التّوفيق بين إيمانها ورغباتها
الناشئة؟". شاركت حرزي، التي حازت على شهرة واسعة مع
فيلم عبد اللطيف كشيش "سمك بالكُسْكُسيّ" (2006)، في
عروض "كانّ" سابقاً بنصّيها "أنتِ تستحقين حبيباً"
(جائزة "أسبوع النقاد"، 2019)، و"الأم الصالحة" (ضمن
"نظرة ما"، 2021).
*****
على خطى حرزي، تشارك صاحبة "الخطة 75" (كانّ، 2022)
المؤلفة والمخرجة اليابانيّة تشي هاياكاوا (1976)
بعملها الثاني "رينوار" وحكايته المؤثرة التي تدور "
في إحدى ضواحي طوكيو في العام ١٩٨٧، حيث يصارع والد
البطلة فوكي (يوي سوزوكي) البالغة من العمر أحد عشر
عاماً مرض السّرطان من دون أمل، فهو يدخل المستشفى
ويخرج منها باستمرار. أمّا والدتها أوتاكو (هيكاري
إيشيدا) فتعاني من ضغوط مستمرّة بسبب رعايتها للأب
كيجي، وعملها بدوام كامل الذي يتطلب منها التزامات
مرهقة. يدفع هذا المزيج من الظروف فوكي إلى الاعتماد
بشكل كبير على خيالها للتأقلم مع انفصال نفسيّ عن بيئة
منزليّة غير متوازنة أو مستقرة". تخرجت هاياكاوا من
مدرسة نيويورك للفنون البصرية عام 2001 ، وعُرض فيلمها
القصير "نياغرا" في فعاليات مهرجان "كانّ" (2014).
*****
بعد رائعته "أخوة ليلى" الذي حصد اهتماماً نقدياً
عالميّاً عند عرضه ضمن مسابقة "كان" في العام 2022،
نظراً للجهد الملحمي الذي صوّر فيه حيوات شابّة مرتهنة
الى والد بطريركي لا يرحم، وظروف اقتصاديّة مترديّة
بسبب حصار غربي جائر، يسعى الى ارضاخ شعب عنيد، يعود
الإيراني سعيد روستايي (1989) ثانية الى شاشات
الكروازيت مع جديدة "امرأة وابنها"، وهو "دراما عائلية
معاصرة عن الانتقام والتّسامح، من بطولة پیمان معادي
("انفصال" للمخرج أصغر فرهادي)، وزميلته پریناز
ایزدیار (في تعاون ثان مع روستايي منذ "6.5 فقط"،
2019) التي تؤدي دور ممرّضة أرملة تعاني مرارات يوميّة
مع ابن متمرد. يبلغ التّوتّر ذروته خلال حفل خطوبتها
من حبيبها الجديد، لكن حين يقع حادث مأسّاوي، تجد
نفسها في مواجهة مشاعر الخيانة اثناء سعيها الى تحقيق
العدالة".
*****
في العام 2011، اصبح شريط الجنوب أفريقيّ أوليفر
هيرمانوس (1983) المعنون "سكونهيد" ("جمال"
بالأفريكانية) المشاركة الخامسة لبلده في المهرجان
الفرنسي، حيث عُرض ضمن فعاليّات خانة "نظرة ما"،
وتسبّب في هزّة أخلاقيَّة نظرا الى مقاربته علاقة
مثلية بين محام شاب وابن صديقه المقرّب، بعد هذا أعادة
أفلمة نصّ المعلم الياباني أكيرا كوروساوا "أن تحيا"
(1952) مع الممثل البريطاني بيل ناي من دون أن يحالف
الحظ اقتباس غير مبرّر وبلا روح، بيد أنّه على ما يبدو
تجاوز عثرته مع جديده "تاريخ الصوت" الذي أنتجه ويؤدي
دور البطولة فيه الممثل البريطاني بول مَسكال، وينافس
فيه ثلة من المكرَّسين أمثال الأخوين البلجيكيّين جان
بيير ولوك دردان في مشاركتهما العاشرة "دار الأمهات
اليافعات"، والبرازيلي كليبر مِندونسا فيلو في مشاركته
الثالثة مع فيلم "العميل السريّ"، والإيراني جعفر
بناهي في مشاركته الثانية مع "حادث عابر"، والإيطالي
ماريو مارتون مع "فوري"، والفرنسي من أصل ألماني
دومينيك مول مع "الملف 137"، والنرويجي يواكيم ترير مع
"القيمة العاطفية"، وجميع هؤلاء يشاركون للمرّة
الثالثة. يستعيد نصّ "تاريخ الصّوت" أجواء الحرب
العالميّة الأولى، ويرصد اجتهاد الشابين ليونيل
(مَسكال) وديفيد (جون أوكونور) في تسجيل حياة
الأميركيّين وأصواتهم وموسيقاهم، وبينما يشرعان في
تسجيل الأحداث، يجدان نفسيهما في خضم حب مثلي جارف.
هناك أيضا، مشاركة أولى للإسبانية الموهوبة كارلا
سيمون (1986) التي سبق لمنجزّها الوثائقي الثاني
"ألكراس" إنْ حاز على جائزة الدبّ الذهب في مهرجان
برلين السينمائي (2022)، تتنافس فيها على السَّعفة
الذهب مع باكورتها الدوكودراما "روميريا" التي وضع
بيان الشركة المنتجة تفاصيل حكايتها الهجينة بالكلمات
التالية: "تسافر مارينا إلى المدينة الساحلية فيغو
للقاء عائلة والدها البيولوجيّ المتوفي أثر معاناته من
فيروس "الإيدز"، والذي سبقته والدتها بالمرض ذاته. من
خلال لقاءاتها باعمامها وخالاتها وأجدادها، تحاول
مارينا تجميع سرد متماسك عن والديها وقصة حبَّهما،
لكنها تفشل إذ يشعر الجميع بالحرج الشديد من عذابات
ادمانهما المخدرات وسمعته السيّئة، أضافة الى خشيتهم
من أنَّ عودة الشابة وحضورها الطاغي ستفتح جروح عارهما
مرَّة أخرى. الى ذلك، تتيح قصّة حبِّها الملتبس مع
ابنة عمّها إعادة تصور كينونة والديها والتّواصل مع
تاريخهما وتفاصيله المغيبة. بهذه الطريقة، تبتكر
البطلة وبفضل مذكرات والدتها، حكاية تُحررها من وصمة
العار، وتُشبع رغبتها في فهم الماضي برُمَّته".
الى جانب سيمون، اختار مواطنها أوليفر لاكس (1982)،
الحائز على جائزة لجنة تحكيم مسابقة "نظرة ما" في
العام 2019 عن عمله الآسر "ستشب النيران"، الممثل
المميز سيرجي لوبيرز ليؤدي دور أب يسعى الى البحث عن
ابنة مراهقة، ضاعت اخبارها في الصحراء المغربية، بعد
مشاركتها في حفل موسيقيّ كبير وماجن في جديده "سراط".
برفقة ابنه الشاب، يرتحل الثنائيّ نحو مناطق متعددة،
وهما محاطان بكم وافر من الموسيقى الإلكترونيّة والرقص
والشمس والشخصيات الغريبة الطباع والحماسية الاندفاع،
تكشف لدهشتهماعن بيئات خاطفة الجمّال، وبشر مفعمون
بالحياة والألفة والمغامرة. وصف لاكس فيلمه أنَّه
"مكثف ومذهل، لن تترك الطبيعة الآسرة مشاهدها من دون
أنْ تنال من لا أباليّته".
صاحب "بو الخائف" (2023)، و"مدسومر" (2019) و"إرثيّ"
(2018) الأميركيّ المستقل والنيويوركي الولادة آري
أستر (1986) ضمن مكانه في المسابقة مع "إيدينغتون"،
الذي يصوّر ملصقه الاعلاني اللّافت التصميم والألوان
جواميس من نوع البيسون البري، وهي تهوي من جبل شاهق
نحو حتفها. شركة "أ24" المستقلة حصلت على حقوق توزيعه،
ونشرت على موقعها الوصف التالي لإحداث الفيلم: "في
مايو 2020، اندلعت مواجهة بين عمدة بلدة صغيرة (يواكين
فِنيكس) ورئيس بلديتها (بيدرو باسكال) ممَّا أدى إلى
اشتعال حرب أهليَّة، حيث يتنافس الجار ضد جاره في
إيدينغتون، ولاية نيو مكسيكو".
أخيراً، "على مدار قرن من الزّمان، وبينما تعيش أربع
فتيات من حقب زمنيَّة مختلفة شبابهن في مزرعة
ألمانيّة، تتشابك حياتهنّ حتى يبدو الزمن وكأنه
يتلاشى. تجربة سينمائيّة آسرة من المخرجة الألمانية
المبدعة ماشا شيلينسكي، تغمَّرنا في تجربة أنثوية
عاشتها نساء على هامش التّاريخ". هذا كُلّ ما أوردته
شركة "كي أم2" الفرنسية على موقعها الإلكتروني، بشأن
الخط الدّرامي لفيلم "صوت السقوط" جديد صاحبة "فتاة
اللون الأزرق الغامق" (2017) الذي تدور أحداثه في
مقاطعة "ألتمارك"، وهي منطقة تاريخية في ولاية
ساكسونيا أنهالت، غرب برلين وجنوب هامبورغ، وتغطي قصته
وتفاصيلها حقباً متعددة من عشرينيات وأربعينيات
وثمانينيات القرن الماضي، وحتى عشرينيات القرن الحادي
والعشرين، تنتقي لكُلّ عصر منها حكاية شابَّة واحدة،
لتحيك بانوراما درامية شاسعة لأسرة واحدة مترابطة. |