صلاح سرميني

 
سيرة جديد مقالات ملفات
 
 
 

ملفات

 

لاحق

<<

05

04

03

02

01

>>

سابق

 

حول السينما الشعرية

(1)

صلاح سرميني - أبوظبي

 

   
     
     

بعد مختارات من الأفلام التجريبيّة الفرنسية في الدورة الثانية لـ(مسابقة أفلام من الإمارات), وسينما التحريك في الدورة الثالثة, فكرتُ, أنا, ومسعود أمر الله آل علي (مدير المسابقة) بتيمة أخرى نقدمها في إطار الدورة الرابعة, والتي تنعقد خلال الفترة من 2 إلى 7 مارس 2005 في أبو ظبي(الإمارات العربية المتحدة).

وفي ظهيرة أحد أيام شهر يوليو من عام 2004, وتحت شمس مدينة (أصيلة) المغربية(بمناسبة المُلتقى الأول لسينما جنوب ـ جنوب) قال لي مسعود: ما رأيكَ بتيمة السينما الشعرية؟.

في تلك اللحظة, ارتعبت, وتملكني الخوف, تناقشنا, وتجادلنا حولها, لقد بحث من طرفه, وعرف بأنه لم يهتم بها أيّ مهرجان سابقاً, وكنتُ أعرف بدوري, بأنّ المهرجانات الأوروبية تخصّصت بكلّ المواضيع, والتيمات, ماعدا السينما الشعرية,..لا أعرف لماذا ؟

قلتُ : يا مسعود, إنها فكرةُ جميلةُ, وجديدة, ولكنها صعبة التنفيذ, والتحقيق, وخاصةً لمهرجان صغير, مثل (مسابقة أفلام من الإمارات), ويجب العودة إلى ميراث السينما بشكلّ عام, للبحث عن علاقتها مع الشعر, واصطياد الجواهر من أفلامها الشعرية.

ومن وجهة نظر عامة, فإنّ الصورة السينمائية نفسها تتضمّن نفساً شعرياً, منذ الشرائط الأولى لـ(الأخوين لومييّر), وفانتازيات (ميليّيس), وحتى آخر إنتاج سينمائيّ مُعاصر.

ومن وجهة نظر أكثر دقةً, وتفحصاً, فإنّ السينما الشعرية, أو الشعرية في السينما, بدأت تتجسّد أكثر فأكثر مع الأفلام التي واكبت الحركة السوريالية في نهاية العشرينيّات(أندريه يروتون, مان رايّ, لويّ بونويل, سلفادور دالي, جيرمين دولاك,..).

ومن ثمّ الواقعية الشعرية الفرنسية في الثلاثينيات(مارسيل كارنيه, جان كوكتو, روبير بريسون, جاك تاتي,..), وبعد ثلاثة عقود من الزمان جاء السينمائيون الشعراء من جمهوريات الإتحاد السوفييتي السابقة: تاركوفسكي, بارادجانوف,...ليقدموا لنا شعرية سينمائيةً من الصعب التخلص من أثرها.

النقاش, والجدل سوف يجعل دائرة الشعرية في السينما تتوسّع أكثر فأكثر, حتى نعثر عليها في كلّ فيلم نشاهده.

ما هي السينما الشعرية إذاً؟ وكيف يمكن تقديمها في تظاهرة سينمائية تحتفي بها؟

(ثمة تعبير أصبح الآن مألوفاً, وشائعا: السينما الشعرية, وهذا التعبير يعني السينما التي تبتعد بجسارة في صورها عمّا هو واقعيّ, وماديّ مُتماسك، كما يتجلى في الحياة الواقعية، وفي الوقت نفسه, تؤكد السينما وحدتها التركيبية الخاصّة, لكن, ثمة خطراً متوارياً يواجه السينما في ابتعادها عن نفسها, السينما الشعرية عادةً تلدّ رموزاً، مجازات، ومظاهر أخرى, أيّ أشياء لا علاقة لها باللغة الطبيعية المُلائمة للسينما) "أندريه تاركوفسكي ـ ترجمة أمين صالح".

و(مازلنا نتردد أمام صيغة (الفيلم/ القصيدة), أو من أين سنستمد الشرعية, لو ما تجرأنا على المحاولة في/ قصيدة النثر السينمائية!!.

حينها, سيبدو أننا سنتعثر في مأزق شحّ المصادر الفيلمية, والنقدية التي تجرأت بقوة للخوض في الجانب الشعريّ  لفن الصور المرئية المتحركة, في حين أننا سنجد بالمقابل حديثاً طويلاً عن شاعرية السينما في مناسبة, أو أخرى, وكنا قد شهدنا كيف أن (الفيلم القصير) أخذ على عاتقه مهمة الخوض في مغامرة الشكل الشعريّ بجرأة, ووضوح) "حسن بلاسم".

(مسابقة أفلام من الإمارات) تحتمُ علينا الاهتمام بالأفلام القصيرة فقط (روائية, تسجيلية, تحريكية, تجريبية) من خلال بانوراما دولية واسعة, والتركيز على بعض الأسماء المجهولة للمتفرج الإماراتيّ, والعربيّ بشكلّ عام, مثل: الفرنسيّ/الأرمينيّ سيرج أفيديكيان, الأرمينيّ أرتافازد بيليشيان, الجيورجي ميخائيل كوباخيدزة, ..وتسليط الأضواء على ما هو شعريّ في السينما العربية, واكتشاف طبق طائر(الرغبة, والطين) لمخرجه العراقيّ (باز شمعون) الذي يُدفئ إقامته في كندا بالسينما, والشعر, والتشكيل.

بعد القلق, والخوف الذي أصابنا في (أصيلة) المغربية عند اقتراح الفكرة, نحنُ اليوم أمام تظاهرة سينمائية تكتسب مكانة الشرف في الدورة الرابعة لـ(مُسابقة أفلام من الإمارات), أهميةً, حجماً, ومساحةً, وهي قابلة لأن تكون مهرجاناً لوحدها: المهرجان الأول للسينما الشعرية, وربما يكون المُبادرة الأولى من نوعها في العالم, بدون مبالغة.

لقد تمّت الاختيارات النهائية من مجموع (400 فيلم) وصلت إلى أيدينا لهذا الغرض, و(300 فيلم) وصلت للبرامج الأخرى.

وتتمحور الأفكار، والموضوعات، والمُعالجات البصرية للأفلام المُختارة حول الثيمة المُقترحة بمعناها الواسع : الفيلم الشعريّ، الفيلم/قصيدةٌ سينمائية، شعريةُ الفيلم، شعريةُ الصورة، شعريةُ الحوار الداخليّ، الصورة الشعرية، الشعر والشعراء في الفيلم، الحوار الشعريّ، المُعالجة الشعرية، شعريةُ المكان والزمان السينمائيّين، أفلام الشعراء... إلخ.

وقد تمّ تنظيم هذه التظاهرة بالتعاون مع أهمّ المهرجانات, والمؤسّسات في فرنسا, والعالم:

·         المهرجان الدوليّ للأفلام القصيرة في (كليرمون فيرون)/فرنسا.

·         معهد العالم العربيّ(بينالي السينما العربية في باريس).

·         جماعة السينما الشابة, ومهرجان باريس للسينمات المُختلفة.

·         المخرج الفرنسي سيرج أفيديكيّان.

·         الجمعية الفرنسية لسينما التحريك(أفكا).

·         شركة (أفلام أركيّون) في باريس.

·         مجموعة البحوث, والدراسات السينمائية في باريس ـ G.R.E.C

·         unifrance

·         وكالة الفيلم القصير في باريس.

·         مهرجان الفيلم القصير في بانتان/فرنسا.

·         مهرجان الفيلم العربيّ في روتردام/هولندة.

·         معهد الفيلم النرويجيّ.

·         مهرجان سينيمانيلا السينمائيّ الدوليّ(الفيلبين).

·         مهرجان أدنبره السينمائيّ الدوليّ(بريطانيا).

·         German-Films (ألمانيا).

والحصيلة في طريقها للتطوّر, ولكن, في لحظة ما قبل انعقاد المهرجان, علينا أن نتوقف, أو تتضاعف أيامه, وهو ما لا يمكن أن يحدث.

خلال الفترة من 2 إلى 7 مارس 2005, يعيش الجمهور الإماراتيّ, متفرجين, ومحترفين, حالةً من النشوة مع مشاهدتهم لأفلام لم يتعودوا عليها في الصالات التجارية, وهي فرصةٌ أيضاً للتحليق في سماء سينما شعرية صافية, وحالمة.

وبهذه المُناسبة, يقدم لهم المهرجان كتاباً, هو بمثابة جولة لطيفة, ومُمتعة(حول السينما الشعرية), تتكون من دراسات, ومقالات, وقصائد للسينما, وعنها, كتبها: أندريه تاركوفسكي(روسيا), بييّر أربوس(فرنسا), أرتافازد بيليشيّان(أرمينيا), ميخائيل كوباخيدزة(جيورجيا), باربارة بالمر ـ ستوتز(ألمانيا), سيرج أفيديكيان(أرمينيا/فرنسا), بندر عبد الحميد(سورية), أمين صالح(البحرين), حسن بلاسم(العراق/فنلندة),صلاح سرميني(سورية/فرنسا), كورش قادر(العراق), حسن حداد(البحرين), محمد غُنيّم(مصر/إيطاليا),باز شمعون البازي(العراق/كندا), فراس عبد الجليل الشاروط (العراق).

سينماتك في ـ  20 يونيو 2019

* نشر في قسم (خاص لـ "سينماتك") في 27 فبراير 2005

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004