«الجمهور عاوز كده» منصورة عبدالامير |
صفحات خاصة
|
ليس مفاجئاً ألا تنجو المخرجة المصرية ساندرا نشأت في آخر أفلامها (الرهينة) من موجة التدهور والضعف العاتية التي تحيق بسينما بلادها خصوصاً، وبالسينما العربية عموماً. هذه الموجة التي يعزوها صناع السينما العرب إلى قاعدة اخترعوها وأوجزوها في عبارة «الجمهور عاوز كده» وهي التي تحمل من الابتذال الكثير ولا يمكن أن يوجد لها وصف أفضل من كونها موجة تفاهة وضياع حقيقي للسينما المصرية أولاً والعربية ثانياً. بالطبع لا يعني ذلك أن نشأت هي علم من أعلام السينما المصرية أو واحد من أبرز وجوهها، فهي على أية حال مبتدئة في عالم الإخراج، والاستدلال على ضعف هذه السينما يجب أن يستحضر إلى الذاكرة أسماء المخرجين الكبار. لكن استدلالي بنشأت جاء من حقيقة كونها موهبة شابة، على ما يبدو فإنها تلقت تعليمها في الخارج وهذا واضح من أساليب إخراجها التي تشبه كثيراً أساليب إخراج أفلام هوليوود، وقد وجدت في القليل الذي قدمته بشرى الخروج من قوالب السينما المصرية وكليشيهاتها التي أجزم أن مبتكريها أنفسهم ملوا منها وسئموها. لكن نشأت قدمت أعمالاً رائعة بقيت في ذاكرة المشاهد أهمها «ملاكي اسكندرية»، وهو ما ميزها على جميع أبناء جيلها من المخرجين الجدد. أفلامها تشبه بارقة أمل سرعان ما أنطفأت مع رهينتها الأخير، ولا لوم على ساندرا ولا عتاب، فهي في نهاية المطاف جزء لا يتجزأ من سينما بلادها. هذه السينما التي استطاعت أن تكون بمثابة صوت مجتمعها النابض وناقل كل هموم وقضايا ذلك المجتمع، في عقود ماضية، أصبحت الآن متخصصة في إفساد العقول والأخلاق بأفلام لا يمكن أن يعلق أي منها في ذاكرة المتفرج لضحالة الطرح والمضمون. حجة مخرجي هذه الأفلام هو «الجمهور» اللي «عاوز كده»، هل يعقل أن يكون الجمهور «عاوز يضيع» و»يبقى تافه» و»سطحي»، أم إنهم نجحوا بالفعل في صنع ذلك الجمهور الذي أصبحت السينما بالنسبة إليه صناعة ترفيه وتسلية لا تثقيف وتوعية! هل هي نظرية المؤامرة مرة أخرى، وسياسات لن يرتضيها ان «تفّتح» السينما العيون والآفاق، بل أن تكون أداة للتخدير وتفريغ العقول. في هوليوود يختلف الأمر فالسينما ليست تسلية كما نحسبها نحن وكما يحسبها كثير من عشاقها. هناك، تبدو اتفه الأفلام السينمائية محملة بكثير من المضامين والتلميحات والإشارات السياسية والاجتماعية. في هوليوود تبدو العلاقة تفاعلية تعاونية مشتركة بين المؤسسة السينمائية وبين واشنطن، بشكل يخدم البيت الأبيض ويثبت سياساته ويدعو إلى دعمها طبعاً. أما في العالم العربي فلا تخرج العلاقة بين هوليووداتنا وبيوتنا البيضاء عن الإطار الثقافي العربية. هي أبوية إلى حد بعيد، علاقة «أخ أكبر» يراقب ويهدد وينذر ويوجه رسالة شديدة اللهجة لصناع السينما يحذرهم فيها من التوغل في المحضور وطرق الأبواب المغلقة لئلا تقفز في وجوه مقتحميها تلك الوحوش الكامنة لآلاف السنين. لا عتب على ساندرا نشأت إذاً، وسأظل من أشد معجبيها، فهي جزء من نظام سينما بلادها، ويمكن القول بأنه نظام سينما العالم العربي بأجمعه، إن وجدت، أو الأعمال الفنية الصادرة بشكل عام من ذلك الجزء من العالم. هو ذلك النظام الذي يقلب المعادلة التي قامت على أساسها السينما، التي تجعل منها وسيلة لعكس الواقع، لتصبح أداة لعكس أوهام صناعها وتخلفهم وفسادهم الفكري والأخلاقي. بحجة «الجمهور اللي عاوز كده» حولنا صناع السينما إلى جمهور متخلف، يعشق سينما متخلفة، تصدر الأوهام لجمهور بات يدمنها ويبحث عنها ولا يمكن له الاستمرار من دونها. الوسط البحرينية في 5 أبريل 2007
على هامش المقهى الثقافي بمهرجان «الدوحة... ملتقى الثقافات»... محاورة ثقافية بشأن الأدب والسينما الدوحة - عادل مرزوق استضاف المقهى الثقافي على هامش مهرجان الدوحة الثقافي السادس «الدوحة... ملتقى الثقافات» ندوة حوارية عن السينما شارك فيها كل من الأستاذ خليفة المريخي والكاتب عبدالرحمن محسن والمخرج السينمائي عبدالرحمن النجدي والدكتور فراج الفزاري. وتضمنت نقاشات الحلقة الحوارية المفتوحة الكثير من الموضوعات المتعلقة بالسينما العربية خصوصاً، كما شهدت الندوة إطلاقات عامة اتسم بعضها بالجرأة النقدية. الكاتب عبدالرحمن محسن تحدث عن العلاقة ما بين السينما والأدب، وانتقد اتجاه الكثير من النقاد العرب في الاعتقاد بأن «النص السينمائي هو نص أدبي». مؤكداً أن علاقة الأدب بالسينما العربية، فالسينما المصرية بدأت في الإنتاج الروائي في العام 1927 بفيلم «ليلى» وامتدت علاقة الأدب بالسينما، حتى اليوم أنتجت السينما خلالها ما يزيد على 350 فيلماً من نصوص أدبية تراوحت ما بين الرواية أو القصة او المسرحية أغلبها كان عربياً وجزءاً بسيط كان مقتبساً من أعمال أدبية عالمية. وأكد محسن أن علاقة الجيل الثاني من الأدباء المصريين لم تكن بالحميمة كما كانت فترة نجيب محفوظ أو إحسان عبدالقدوس، واعتبر أن «اقتباس الرواية وتحويلها لفيلم سينمائي يثير أكثر من إشكال، فهناك أكثر من مدرسة في هذا الأمر، والمشكلة الأساسية بين النص الروائي والسينمائي هو أن السينما اعتمدت في بداياتها على على نوع آخر من الأدب وهو المسرحية أو الدراما وهي نوع يعتمد على الحدث ولا تعتمد على السرد أو الحكي، بل العكس إذ تعتبر السينما الحكي عيباً في الفيلم وكل هذه العوامل تعقد عملية المعالجة السينمائية التي تحاول التكثيف والاختصار بقدر الامكان وتكون نتيجة ما يسمى بخيانة النص». المخرج السينمائي عبدالرحمن النجدي اعتبر ولادة السينما صامتة بمثابة الميزة، إذ تشكلت وتكونت شخصيتها وسط الفنون التي كانت موجودة في ذلك الوقت وعندما اخترعت السينما العام 1895 رأى الناس لأول مرة القطار يدخل المحطة. ويعتقد النجدي أن هذا الوضع «يشبه الشاعر الجاهلي الذي يصور أحوال القبيلة، وما يميز السينما أنها وسيلة تستوعب جميع طاقات المجتمع لأنها كانت تمتلك أدوات تخاطب الإنسان ومع مرور الوقت أخذت السينما تشق طريقها كلغة تعبير جماهيرية وكأنها تمثل روح العصر». أما عن دخول الاستثمار في المجال السينمائي، فيؤكد النجدي أن هذه الاستثمارات الكبيرة جعلت السينما مضطرة لخلق «أدوات جديدة، وقد أخذت السينما من الأدب ولكنها حورته وأسقطت عليه تقنياتها وخدعها واستباحت الشعر والمسرح والموسيقى وجذبت كل الكتاب العظام في التاريخ وتركت بصمات على أسلوبهم وأصبح المخرج يتحكم بالنص الأدبي». أما الدكتور فراج الفزاري فقد أكد ان توهم فاصل بين الأدب والسينما يعتبر امراً صعباً، واعتبر استفادة الأدب من السينما أكثر رجحاناً من استفادة السينما من الأدب، مؤكداً أن السينما تجاوزت الأدب وأن أخطاء السينما التي قد تحدث هي نتاج عجز المخرج السينمائي لا عجز السينما نفسها. الوسط البحرينية في 5 أبريل 2007
|