سينماتك

 

«خيط الحياة» للمخرجة السورية رزام حجازي...

أمنيات حلوة لكن العودة الى الواقع أحلى

فريال كامل

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

حين شخصت العيون الصغيرة نحو الحركة المتدفقة على الشاشة، عمَّ الصالة سكون تام، واستمر السكون حتى دوى التصفيق على إيقاعات الأغاني الشجية، فالرسوم المتحركة هي المعبّر الساحر عن وجدان الأطفال خصوصاً الصغار، حين تحلق بهم الى آفاق من الخيال لتتحقق أمنياتهم من دون جهد، غير أن من فضائل فيلم «خيط الحياة» تلك التي تتجلى حين تنحو المعالجة منحى تربوياً، فيتخذ البطل الصغير قراراً ذاتياً بالعودة الى الواقع ليعيش الحياة يوماً بيوم، بحلوها، ومرها، «فبالعلم والعمل يصبح طعم الأيام أحلى وأمتع». وهكذا ما أن انتهى العرض حتى تزاحم الأطفال حول المخرجة وقام الأهل والمعنيون بتحيتها وعبّر النقاد عن تقديرهم للعمل والإشادة بمبادرة «مؤسسة السينما السورية» من دعم انتاج اول فيلم عربي طويل للرسوم المتحركة، نفّذ بأيدٍ عربية عن قصة مستلهمة من التراث الشعبي بقلم الكاتبة دينا فارس، وإخراج رزام حجازي.

أصالة عربية

بدا الفيلم فيّاضاً بروح الطفولة (منحته لجنة تحكيم الأطفال الدولية - 150 طفلاً - جائزتها) وأيضاً مغموراً بالأصالة العربية (لاحظ طرز المعمار وحرفة الغزل ومنهج الدراسة) ويحسب للفيلم انه لم يتمثل المسلسلات الأميركية شكلاً ومضموناً.

على مدار الأحداث يحمل البطل الصغير على كتفه قضية نبيلة مفادها ان يعفي امه الحنون من الكد لإعالته هي التي تقضي الليالي - على ضوء شمعة - تطرز العباءات (كم كان رائعاً لو اقتربت الكاميرا لتعرض نماذج من الزخارف العربية البديعة).

سكن علاء، لأول وهلة قلوب جمهوره، فهم يحبون دوماً الشخصيات الخيرة ويتعاطفون مع أزمتها وتتلاحق أنفاسهم وهو يتابع مغامراتها المثيرة في اجواء غريبة لاكتشاف الحل، في البداية نتعرف على الشخصيات، إن شاب المقدمة كثير من التطويل - إذ يقيم علاء مع أمه وأصدقائه من الحيوانات الطيبة في منزل ريفي يظلّله الحنو والمشاركة واكتسبت تلك الحيوانات نعمة العقل وتحلت بالحكمة فقامت بمساندة البطل الصغير وتوجيهه ما تآلف مع الأم فراحت تبثها أشجانها.

المغامرة الكبرى

بدا علاء متعجلاً لمرور الزمن، ما اضطر السلحفاة الحكيمة لإفشاء سر، طالما أخفته عن البطل الصغيرة. ويقرر علاء أن يخوض المخــــاطرة فينزلق برفقـــة عصفوره سمسم عبر السرداب لتواجهه عقبات عدة وتفاجئه مفاجآت كثيرة فتحاصره الأمواج. ثم يعبر جسراً على نهر من الجمر حتى تطارده حية رقطاء فيسود الظلام حين يعبر النفق الى أن تظهر له عجوز الزمن الطيبة وتهديه خيط الحياة داخل صندوق الزمن، فكما جذب الخير، قفز عمره بضع سنوات، وتوصيه بألاّ يفشي سره وإلا بطل فعله.

تتحقق أولى أمنيات البطل الصغير حين يجذب الخيط فيصير شاباً فتياً يعمل في السوق ويبدي مهارة في البيع وبراعة في معاملة الزبائن غير أنه يأسى لمرض صديقته البقرة وخلو البيت من الدجاج ما يدفع أمه الى التعليق في أسى «يا بني ان عمر الدجاج قصير».

تسهر نور على رعاية البقرة حتى يتم شفاؤها فترحب بها الأم الحنون وتلفت نظر ابنها الى اهتمام الفتاة به وهو ما ينبغي أن يحفزه لمضاعفة العمل والحرص على مدخراته حتى لا يسبقه أحد الى خطبتها. ثم يتهم علاء زورا باختلاس بعض من حصيلة الدكان، ما يثير حفيظته خصوصاً حين تقبض عليه الشرطة ويساق الى القاضي فلا يجد غير خيط الحياة ليخرجه من المأزق.

يتقدم العمر بعلاء، يفقد أمه ويلتف أبناؤه حوله فيركع باكياً أمام قبرها ويأتيه ابنه مودعاً قبل التحاقه بالفرسان المدافعين عن الوطن وهو ما يثير قلقه ويحرك مخاوفه.

يعبر الفرسان البوابة القديمة ويلتحم الجيشان وتحمى المعركة في إخراج فني بديع، بينما يخشى علاء استعجال النصر فيأتيه نبأ استشهاد ولده، يهرع علاء لملاقاة عجوز الزمن لعلها تعينه على أزمته فقد مرت السنون وخلت الحياة من الأعزاء، وها هو يخشى أن يفقد ولده فتمنحه العجوز الطيبة فرصة ذهبية للعودة الى مرحلة الصبا عندما كان يعيش في كنف أمه ويذهب الى الكتّاب محفوفاً بعطفها تحيطه محبة الأصدقاء.

اكتشف البطل الصغير مع جمهور المشاهدين أن أحلى الأيام هي التي نعيشها لا التي نتخطاها ونخطفها خطفاً، في إشارة ذات دلالة لقيمة الصبر وحكم الصابرين. في الختام يصطحب الشيخ تلميذه النجيب ليلحقه بمعهد العلم في دمشق فتحضنه أمه وترافقه دعواتها وتهديه نور الجميلة امنياتها الطيبة.

تميز العرض بحيوية الإيقاع خلال تلاحق اللقطات وحركة الكاميرا وتنوّع زوايا التصوير إضافة لما حفل به العرض من الأغاني الشجية التي زامنتها المخرجة بلقطات ذات قيمة تصويرية عالية باستثناء ما شاب لقطات الشجار بين علاء وزميله عبيدة من المبالغة في التعبير عن الحقد والغضب وما تبعه من تصرفات اتسمت بالعنف.

فاز الفيلم بجائزة وزارة الثقافة الذهبية لأفلام الرسوم المتحركة في مهرجان القاهرة الدولي السابع عشر لأفلام الأطفال ليسجل «خيط الحياة» سبقاً فنياً وتاريخياً لمؤسسة السينما السورية، لعل مؤسسات الإنتاج السينمائي في البلاد العربية تحذو حذوها ولعل شركات التوزيع تحصل على حق عرضه.

الحياة اللندنية في 30 مارس 2007

 

المغاربة يعودون بضحكات أقل وعنف مستورد

أمستردام – محمد موسى 

في عام 2004 وقبل اشهر من مقتل المخرج السينمائي الهولندي تيو فان غوغ عرضت الصالات الهولندية فيلماً كوميدياً للمخرج الهولندي «آلبرت تير هلديرت»، حمل الاسم العربي «شوف شوف حبيبي» حقق نجاحاً تجارياً ونقدياً كبيراً في هولندا حتى انه تحول في مطلع هذه السنة الى مسلسل تلفزيوني يحقق نسب مشاهدة عالية على التلفزيون الهولندي!

فيلم «شوف شوف حبيبي» يتعرض بكوميديا صاخبة لصور العيش المشترك بين الاوروبيين والمهاجرين في المدن الأوروبية الكبرى، أبطال الفيلم من الممثلين ذوي الأصول المغربية قدموا فيلماً لا تنقصه الجدية المغلفة بالكوميديا الصارخة عن أزمات الهوية والدين وأجيال المهاجرين الأولى والسعي الى مظلة متسعة قليلاً لتضم الكثير من مفردات الهوية الأصلية والتزامات العيش المشترك في البلدان الجديدة.

فريق عمل «شوف شوف حبيبي» من مخرج وأبطال عاد هذه السنة بفيلم جديد يعرض في صالات السينما في هولندا الآن. الفيلم هو «الضربات» الذي لا يخرج عن انشغالات فيلم «شوف شوف حبيبي» لكنه يبدو واعياً لما تغير في هولندا والعالم خلال 3 سنوات فقط وهو الزمن الذي يفصل بين الفيلمين!

السوداوية التي تميز «الضربات» وعنفه المبطن والظاهر لا تعود فقط لأحداث محلية هولندية - لا يمكن الانتقاص من أهميتها طبعاً - مثل مقتل مخرج هولندي (زميل لأكثر العاملين في «الضربات») على يد شاب مغربي متطرف او انكشاف مخطط لمجموعة من المسلمين المتطرفين في هولندا لتفجير أماكن مهمة في امستردام. ما تغير أيضاً خلال سنوات قليلة فقط المناخ الذي يحيط باندماج المهاجرين ببلدانهم الجديدة وعلاقاتهم مع بلدانهم الأصلية وازدياد هوة القطيعة للبعض مع كل العالمين!

في «الضربات» الهولندي هناك تقريباً كل شيء او كل ما يخص الاشكالات والأسئلة التي (علكها) الإعلام الأوروبي منذ تفجيرات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) في نيويورك والهزة التي تعرض الوجود العربي في العالم الغربي. الفيلم الذي يتوزع على مجموعة قصص لمغاربة وهولنديين يتشاركون المدينة القديمة آمستردام، يمر على كل القضايا الحساسة بجرأة تتميز بها الحياة الفنية والثقافية الهولندية.

نشاهد في الفيلم مشاكل الإرهاب بالطبع، وسؤال الانتماء للجيل الثالث من المهاجرين، تأثير الفضائيات العربية في تهييج مشاعر شباب (محبط أصلاً) بسبب ظروف معقدة هي الأخرى، مشكلة العذرية قبل الزواج للفتيات الشرقيات. والفيلم يتعرض أيضاً لرد فعل المجتمع الهولندي على كل ما يجري من حوله وما حمله وجود المهاجرين من أسئلة أخلاقية وفلسفية للكثيرين هناك.

فنياً لم ينجح الفيلم في تقديم كل قصصه او شخصياته. بعض الشخصيات كان زائداً تماماً وكسر حدة تتابع القصص الأخرى. قصتان فقط اختصرتا الكثير من السجال الدائر عن المهاجرين المسلمين في الدول الغربية وعبرتا عن الكثير من مشاكل الهوية. قصة الشاب ذي الأصول المغربية الذي يتطوع في الجيش الهولندي وما يسببه ذلك من مضايقات من اصدقائه المغاربة او مع والد خطيبته الذي يتهمه بالخيانة! وقصة خطيبته وعملها في الشرطة في أجواء لا تخلو أحياناً من العنصرية تجاه المهاجرين. هناك أيضاً قصة الملاكم المغربي المنسجم مع نفسه والذي يساهم في الحي الذي يسكن فيه بمساعده الكثير من الشباب المهاجر في التخلص من غضبهم الكبير على هولندا والعالم الغربي. الملاكم الذي تقتل الشرطة شقيقه الصغير بسبب سطوه على محل يجد نفسه متردداً بين كل قيمه الحضارية وعاطفته وضغط خسارة شقيقه.

كان يمكن الاكتفاء بهاتين القصتين فقط والغوص اكثر في شخصياتهما بدل التشتت في ثلاث قصص أخرى لا تحمل دراما أو تصعيد القصتين السابقتين.

مخرج الفيلم لا يخفي تأثره بالفيلم الأميركي «التصادم» للمخرج بول هيغيس، ويعتبر ان فيلم «الضربات» أحد تأثيراته. فيلم «التصادم» يتصدى أيضاً لقضية الهويات المختلفة في مدينة لوس أنجليس الأميركية. ما يفتقده الفيلم الهولندي هو التسلسل الفني والنفسي الملتحم والذي ميز فيلم «التصادم»، والانتقال السلس من قصة الى أخرى وارتباط القصص المختلفة ببنية درامية وزمنية قوية يغيبان أيضاً عن فيلم «الضربات» الهولندي.

«الضربات» يطرح عدداً من الأسئلة الشائكة لكنه لا يقترب من الإجابة عن معظمها، يبدو أن بعض النماذج الناجحة التي يقدمها الفيلم لمهاجرين عرب شباب هي ما يمنح الفيلم الأهمية من دون الوقوع في فخ التبسيط والنيات الحسنة المغفلة!

الحياة اللندنية في 30 مارس 2007