سينماتك

 

أوراق ناقد ...

(الناقد والمؤرخ)

محمد رضا

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

رسالة من الأخ عبد الله سعد العيبان يقول فيها: “ما زلت أستمتع بقراءة مقالاتك لكني أرى أنك أصبحت مؤرخاً أكثر من ناقد، ولو أن القراء عادة ما هم متّصلون بالأحداث الحاضرة. وأتمنّى لك النجاح في كل ما تقوم به، لكني أتساءل إذا ما كان السبب في تحوّلك للتاريخ هو اعتقادك أن كل واحد اليوم أصبح ناقداً سينمائياً؟”.

شكرا لعواطفك ولرأيك. المسألة عندي ليست منفصلة كثيراً، بل هي تتبع بعضها بعضاً. والغاية هي ثقافية بحتة لأنه حتى تعم ثقافة السينما كعامل حضاري مهم بين الناس، علينا أن ننقلها من جميع أوجهها. وحق السينما علينا ككتّاب ونقّاد ألا نلغي تاريخها بل أن نحتفي به ونقول لمن لا يعلم: هناك ما هو أكثر مما تصطدم به العين على شاشات اليوم.

“300” والموقف الإيراني

أرجو ألا نعود الى لهجة المقاطعات (ولا أعتقد أننا سنفعل) لمجرد أن فيلماً او اثنين هاجما جهة او مسألة. فيلم “300” الذي يصوّر الفرس على نحو لا يعجب المنتقدين الإيرانيين اليوم يتركنا أمام مطالبين بمنع عرض الفيلم في أي من  الدول العربية والإسلامية.

التناقض رقم واحد: إذا ما كان الحديث عن الفرس في العام 480 قبل الميلاد، ما علاقة ذلك بالإسلام؟ التناقض رقم اثنين: كيف نعلم إذا أغلقنا الأعين والآذان؟

لم تدع هوليوود يوماً بأنها تعرف كيف تروي التاريخ كما حدث. لا أحد يقول إن هوليوود كانت حريصة دائماً على نقل التاريخ نقلاً صادقاً او على نحو غير درامي. لكنها في السنوات الأخيرة أخذت تسعى لمعاينة تلك المشكلات الناتجة عن القراءة الخاطئة للتاريخ. “ميونخ” كان واحداً من تلك الأفلام الاعتذارية الى حد بعيد. “مملكة السماء” كان أيضاً مصوغاً بمحاولة إعادة تصحيح نظرة التاريخ.

هل يكون موقفنا قائماً على أنه إذا لم يكن الفيلم معنا فهو ضدّنا؟ وهل هذا هو ما سيمنحنا التأييد والفهم العام؟

ما سيمنحنا التأييد والفهم العام لما هو عربي وإسلامي هو إنتاجاتنا الخاصة. ليكون لنا ذلك الفيلم التاريخي الكبير؟ ليكن لدينا العمل الفني الذي يشق طريقه الى الغرب حتى ولو تحدّث عن أمر لا علاقة له بأي موضوع سياسي او حتى اجتماعي. ليكن لدينا مبدعونا من سينمائيين في شتّى الحقول.

دائماً ما قلت إن هذا هو أفضل رد. لكن المسألة الحالية أسخف من أن تستحق ردّاً. نعم يرد الفيلم المذكور في الوقت الذي تتصاعد فيه أصوات أبواق الحرب، لكن السينما هي معركة أفكار. اصنع فيلماً جيّداً قدّم فيه وجهة نظرك الخاصة. حين انطلقت السينما الإيرانية الجديدة لم يصدر بحقّها أي قرار منع من أي مكان بما في ذلك الولايات المتحدة. بل على العكس رحبوا بها هناك أيضاً ووزعت تجارياً كما على شاشات المهرجانات الدولية.

الآن عوض عصا المقاطعة (او التلويح بها على الأقل)، لم لا نصنع أفلاماً أفضل وليقل أصحابها فيها ما يريدون؟

عناصر سينمائية

الخروج من عروض مهرجان “أفلام من الإمارات” الذي انتهت أعماله قبل أيام يطرح المسألة مجدداً: نجح المهرجان في بعث الحس السينمائي الوطني في الإمارات أوّلاً، ثم في المنطقة الخليجية أيضاً. ليس أمراً محدود الأثر أن تكون هناك إنتاجات من كل دول المنطقة روائية وتسجيلية وإعلانية وإعلامية وخيالية وواقعية وسوريالية وتجريبية ورسوم كرتونية. ليس أمراً عابراً أن تكون هناك عشرة أفلام من السعودية أمّ العمل عليها شبّان يريدون فعلاً إنجاز أنفسهم على أشرطة.

الجانب الذي يجب مراعاته سريعاً، هو أن الرغبة في الإخراج من الإبهام بحيث أن ذلك أصبح وحده في مقدّمة الفيلم وخلفيّته وعلى جانبيه. وأتّفق مع أحد الاخوة المسؤولين في الهيئة الثقافية في أبوظبي، راعية المهرجان، الذي قال لي:

“كلهم يريدون أن يصبحوا مخرجين، لكن هناك عناصر أخرى في الفيلم السينمائي عليها أن تكتمل وأن تنمو أيضاً”.

من بين هذه العناصر الكتابة والتصوير والمونتاج وتصميم المشهد فنياً وإنتاجياً ومعرفة أي فيلم لأي غاية. وهناك أيضاً مسألة استخدام الموسيقا. معظمهم استخدم الموسيقا كما لو كانت الصورة. تصدح أحياناً قبل أن يبدأ الفيلم، وغالباً حتى بعد نهايته. وهي ليست موسيقا مناسبة، بل موسيقا يُعتقد أنها موازية: مشهد الحنين: الناي. مشهد الخطر: الكمان، مشهد التشويق: طبول تقرع وحدها.

الموسيقا هي الأداة التي تصاحب المشهد إذا ما كانت هناك حاجة لها. هناك مخرجون عالميون لا يستخدمون الموسيقا مطلقاً لأن على الصورة أن تكون وافية وكافية، لكن إذا لم يكن هناك بد فقليلها يكفي.

الخليج الإماراتية في 18 مارس 2007

 

أوراق ناقد ...

وُلد النقد مع السينما

محمد رضا 

إذا ما أمضى المرء بضع سنوات من البحث والتنقيب، حتى مع اعتماد الإنترنت أساساً في هذا البحث، فسيصل الى نتيجة مفادها أن النقد السينمائي ولد مع ولادة السينما تقريباً. إذا اعتبرنا أن العام 1885 وهو العام الذي عرض فيه الأخوين لومبيير فيلمهما “خروج العمّال من المصنع” أمام جمهور كان عليه شراء التذاكر لدخول الصالة، بمثابة العام الأول لولادة السينما (وهو الأمر الذي يعارضه، بحق، المخرج الفرنسي جان- لوك جودار معتبراً أن الفن، وليس التجارة، ما علينا الاحتفاء به) فإن النقد السينمائي وُلد بعد ثلاث سنوات فقط من ذلك العرض التجاري.

في 1889 خرجت أوّل مجلة جادة في السينما في بريطانيا. ولا توجد دلائل تشير الى خروج مجلة سينمائية جادّة في أي مكان آخر قبلها. هذه المجلة استعارت الاسم الدارج للسينما آنذاك فسمّت نفسها: “الجريدة البصرية للمصباح السحري” أو The Optical Magic Lantern Journal.

لكن حتى قبل ذلك التاريخ، كانت كتابات سينمائية جادّة ظهرت في مجلات غير متخصصة او أن تخصصها كان عامّاً في مجالات فنية وصناعية وتقنية مثل مجلة “العصر” The Era ومثل مجلة “الاستعراضي” او Showman.

مجلة “الجريدة البصرية للمصباح السحري” مرّت بتغييرات عديدة من دون أن تتخلى عن مهامها الجادة واستمرت بالصدور تحت أسماء مختلفة في عقود متلاحقة حتى 1971 عندما اختفت تماما. في السنوات الإحدى عشرة من حياتها صدرت تحت اسم يحتفظ بالنكهة القديمة لكلمة سينما وهو Kino Weekly.

مجلات أخرى صدرت في أوروبا خلال الخمس عشرة سنة الأولى من القرن العشرين من بينها “السينما” و”البيوسكوب” The Bioscope و”السينماتيك فرنسيز” و”الفيلم الفرنسي” Le Film Frencaise  التي لا زالت تصدر الى اليوم، ولو أنها تحوّلت من مجلة ذات اهتمام سينمائي متعددة الى مجلة تعني بأمور الصناعة و”البزنس” وكلّها عرفت النقد السينمائي ونشرته.

في الولايات المتحدة، مجلة “فاراياتي” هي أقدم المجلات التي ما زالت تصدر إذ احتفلت بعامها المئوي الأول قبل عامين الا قليلاً. ومع أن النقد الذي نشرته ولا تزال يتعامل والنواحي التجارية للفيلم، الا أن هذا الاهتمام ليس سوى جانب من المقالة النقدية التي تنشره، والذي تعزّز في السنوات الأخيرة حتى صارت المجلة مقصودة -أيضاً- لنقدها.

حب وكره

أستطيع أن أضيف حصيلة دراسات قمت بها خلال السنوات القليلة الماضية باحثاً عن أصل النقد السينمائي، ليس على أساس من الذي كتبه اوّلاً وفي أي بلد (لم يكن عربياً) بل عن مفهوم النقد وما هو السبب الذي دفع إلى وجوده. هل هي حاجة لمصاحبة الإنتاجات؟ او هو حب خالص للفن الجديد؟ ثم ما هي الفكرة الأولى؟ كيف تكوّنت؟ كيف انتشرت؟ هل كان هناك جمهور للنقد حين كانت السينما الروائية تتألف من أفلام مدة عرض الواحد منها لا تعدو الخمس دقائق الى اثنتي عشرة دقيقة؟ وإذا ما كان هناك ذلك الجمهور (لأنه كان هناك ذلك الناقد) فما الذي كان يريد أن يعرفه من الناقد؟ وأخيراً، هل ما زالت حاجة الجمهور الى الناقد كما هي؟ او هل لي أن أسأل إذا كانت لا تزال موجودة أصلاً.

الوضع الذي يمر به النقد السينمائي اليوم، هو المحاكي التام للوضع الذي تمر به الحياة الثقافية بأسرها. رغم ذلك، هناك قليلون مستعدّون لاعتباره تعبيراً عن الوضع الثقافي. هذا لأن السينما لا تؤخذ غالباً، كانعكاس للوضع الثقافي على الرغم من أنها أكثر انعكاساً لهذا الوضع من أي فن آخر. وحين تؤخذ في مرّات، يبقى الناقد خارج اللعبة غير مسموح له بأن يشترك فعلياً.

أكثر من ذلك، فإن مخرجي الأفلام، في العموم طبعاً، لا يحبّون النقد السينمائي لأن الناقد الجيّد عليه ممارسة مهمّة لا يكترثون لها. الناقد الجيّد يفعل أكثر من مجرد الكتابة عن الفيلم، عليه أن يكون قادراً على معرفة كل شؤون الفيلم كالمخرج. بذلك، يعيّن نفسه “مخرج ظل” من دون طلب من أحد. وكلّما كان جيّداً كان مكروهاً. حسب وصف عديد من السينمائيين فإن الناقد لا يفعل شيئاً جديراً بالاهتمام أكثر من أنه يكتب عن الفيلم. طبعاً هناك درجات من معرفة فن الكتابة عن الفيلم، لكن أليست الكتابة عن الفيلم هي أفضل، كممارسة وكمهنة، من إخراج فيلم رديء؟

الخليج الإماراتية في 11 مارس 2007