سينماتك

 

النجمة الفرنسية الأشهر وبطلة فيلم «اقتحام»...

جولييت بينوش لـ «الحياة»: أنا امرأة أعشق العزلة ... والرسم

باريس – نبيل مسعد

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

وراء الملامح الهادئة لجولييت بينوش النجمة السينمائية الفرنسية اللامعة عالمياً، تختبئ امرأة ذات عزيمة قوية تعرف ماذا تريد وكيف تحقق طموحاتها. انها الممثلة الفرنسية الثانية رسمياً (الثالثة في رأيها) في التاريخ، بعد الراحلة سيمون سينيوريه، التي حازت جائزة الأوسكار الأميركية كأفضل ممثلة، عن دورها في الفيلم الناجح «المريض الإنكليزي» من إخراج البريطاني أنطوني مينغيلا وموسيقى اللبناني غابريال يارد.

وسبق لبينوش أن اعتلت خشبة أحد أكبر مسارح حي برودواي في نيويورك مؤدية بطولة مسرحية «خيانة» للمؤلف الكبير هارولد بينتر، الأمر الذي جلب لها زيارة الرئيس الأميركي (السابق) بيل كلينتون مع زوجته هيلاري، اللذين انتقلا من واشنطن الى نيويورك خصيصاً لمشاهدة العرض وتهنئة بينوش في اختتامه. ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتعامل فيها بينوش مع كبار شخصيات هذا العالم إذ ان الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران دعاها ذات مرة الى العشاء، لكنها رفضت في حجة أن الرئيس لا يبذل في رأيها، الجهود الكافية للدفاع عن الثقافة وعن الفنانين في فرنسا، وهو موقف شجاع لا يقدر عليه إلا فنانة واثقة من مكانتها ومن نجوميتها الدولية.

لا تتوقف بينوش عن المشاركة في أفلام أميركية وبريطانية وسويدية وفرنسية، وتصنفها الإحصاءات في المرتبة الأولى بين الممثلات الفرنسيات في ما يتعلق بالأجر الذي تتقاضاه عن الفيلم الواحد. وقد كسبت النجمة ملايين الدولارات أيضاً في نهاية التسعينات، حينما اختارتها دار «لانكوم» للجمال والعطور، سفيرة لها، خصوصاً لعطرها «بويم».

في صالات السينما فيلم جديد هو «اقتحام» للسينمائي أنطوني مينغيلا، مخرج «المريض الإنكليزي»، ومرة جديدة من بطولة جولييت بينوش وموسيقى غابريال يارد. وللمناسبة كان هذا اللقاء بين «الحياة» والنجمة التي تكرس وقتها خارج تصوير الأفلام والوقوف فوق خشبات المسارح، لنشاطين أساسيين هما تربية أولادها (صبي عمره 14 سنة وصبية في السابعة من عمرها)، ثم الرسم الذي يجلب لها الهدوء وصفاء النفس.

·     هذه هي المرة الثانية التي تقفين فيها أمام كاميرات السينمائي البريطاني أنطوني مينغيلا، علماً أن فيلمك الأول معه «المريض الإنكليزي» جلب لك جائزة أوسكار أفضل ممثلة، فكيف تمت هذه التجربة الجديدة؟

- أعرف مينغيلا منذ سنوات عدة، وقد أصبحنا أصدقاء بعد تجربتنا المشتركة في فيلم «المريض الإنكليزي»، ولا يعني هذا انني أراه بطريقة مستمرة، فكل واحد منا مشغول في حياته المهنية بمئات المشاريع، لكننا على اتصال مستمر بواسطة الهاتف أو الرسائل الالكترونية، والعلاقة موجودة وهي قوية، الأمر الذي جعل عملنا الثاني سوياً في فيلمه «اقتحام» يدور بأسلوب سلس جداً ومن دون تعقيدات، لأننا نفهم بعضنا بعضاً بالإشارة أو بالنظرة أو باللمحة. وأنا في طبيعة الحال، أظل مخلصة لأنطوني مينغيلا في شكل يفوق العادة لأنه صاحب الفضل في حصولي على جائزة أوسكار أفضل ممثلة، وهو أمر نادر بالنسبة الى ممثلة فرنسية.

·         أجل وأنتِ الفرنسية الثانية فقط في تاريخ السينما، التي حصلت على هذه الجائزة الأميركية؟

- الثالثة، إذ ان هناك ممثلة من زمن الأربعينات فازت بها أيضاً والعالم يميل الى تجاهل هذه النقطة أو الى نسيانها بكل بساطة.

·     أنتِ من أشهر نجمات السينما في العالم، الى درجة أن زعماء يتمنون قضاء بعض الوقت في صحبتك كما فعل الرئيس الراحل فرانسوا ميتران عندما دعاك رسمياً الى عشاء، أو يسافرون لمشاهدتك على المسرح مثلما حدث مع بيل كلينتون وزوجته هيلاري في نيويورك، فكيف تفسرين جاذبيتك؟

- أنا لا أفسرها، أنا أعيشها وأترك الأمور تحدث مثلما يشاء القدر، وهذا كل ما في الأمر.

·         ولكن هل يسعدك مثل هذا التقدير النابع من ألمع الشخصيات في العالم؟

- طبعاً، فمن الصعب ألا يتأثر المرء بالتكريم الذي يتلقاه من شخصيات في مثل هذا المستوى من الأهمية. لكنني أظل أولي عملي الأهمية الأولى في حياتي، مع أولادي بطبيعة الحال، وكل ما يحدث خارج هذا الإطار يتخذ بالنسبة إلي أهمية ثانوية.

·         أنت أيضاً الممثلة الفرنسية التي تتقاضى أعلى أجر عن الفيلم الواحد؟

- أنا لا أتابع تفاصيل أجور الزميلات، وبالتالي أعجز عن التعليق على هذا السؤال، وكل ما أستطيع قوله في هذا الخصوص هو أن أجري لا بأس به إطلاقاً.

·     حضرتِ أخيراً حفل توزيع جوائز سيزار السينمائية الفرنسية المرادفة لجوائز الأوسكار الهوليوودية، وقمت شخصياً بتسليم جائزة تقديرية للنجم البريطاني جود لو الذي كرمته لجنة تنظيم السيزار، وتبين أنك كنت مضطربة بعض الشيء لحظة الحدث على رغم كونك تقاسمت معه البطولة في فيلم «اقتحام» بالتحديد، فما سبب هذا الارتباك؟

- لم أعرف كيف أتحدث إليه باللغة الإنكليزية وأعبر له عن التكريم الموجه إليه من قبل اللجنة، في الوقت نفسه الذي كنت مضطرة لترجمة كل جملة أقولها الى الفرنسية من أجل الحضور في القاعة. ففي شكل عام تتولى مترجمة رسمية القيام بهذه المهمة، إلا أن المسؤولين طلبوا مني أن أقوم بكل شيء لأنني أجيد اللغتين. وبالتالي حاولت ألا أنسى أي نقطة أساسية في التكريم من دون أن أطيل الحديث، وارتبكت بعض الشيء.

·         وبدا جود لو متأثراً بكلامك وتصرفك فارتبك بدوره عندما وجه كلمة شكر لك وللجنة والحضور؟

- نعم، وهذا شيء جيد يثبت اننا في المهنة الفنية نتمتع بصفات إنسانية عادية ولا نفعل كل شيء بطريقة مثالية أثناء مواجهتنا الجمهور، فنحن بشر أولاً وأخيراً.

نيات الرجل

·         وكيف كان العمل معه في «اقتحام»؟

- عمل جود مع أنطوني مينغيلا مرتين قبل هذا الفيلم، بينما لم أعمل أنا مع المخرج إلا مرة واحدة في «المريض الإنكليزي»، الأمر الذي خلق الصداقة التي تحدثت عنها، إضافة الى التفاهم السائد بيننا عبر نظرة أو إشارة. وها أنا أكتشف كيف أن جود على رغم خوضه هنا تجربته السينمائية الثالثة بإدارة مينغيلا، راح يتصرف وكأنه لا يعرف الرجل على الصعيد المهني، وركز جهده على الدخول في تفاصيل دقيقة كنت أعتقد شخصياً، أن المعرفة السابقة بين شخصين، تلغيها. لكنني لم أتعجب أكثر من اللازم في الحقيقة، لأنني ملمة بأسلوب العمل الإنكليزي لكثرة ما تعاطيت مهنياً مع البريطانيين. وجود لو يتميز بكل صفات الرجل الإنكليزي، أي أنه جنتلمان وجذاب وبارد الأعصاب، ثم انه يحمل أيضاً أحلى سمات الممثل الإنكليزي بما فيها الموهبة الجبارة التي لا نعثر عليها في أي بلد آخر، ولا حتى في هوليوود، والتي تقترن بروح الدقة المتناهية في طريقة ممارسة العمل. وأعتقد بأن جود إذا مثل في عشرة أفلام مع المخرج نفسه، سيتصرف في كل مرة وكأنها الأولى حتى يتأكد من نية الرجل في شأن الفيلم الجديد، وكي يتفادى الوقوع في أي خطأ قد ينتج من الاعتماد على أشياء مضت. وأما بالنسبة الى عملي مع جود لو، فهو جرى بطريقة مثالية، وأعتقد بأن النتيجة واضحة فوق الشاشة إذ ان اللقطات التي تجمع بيننا قوية وعاطفية ودرامية وتمنح الفيلم جاذبية لا جدال فيها، على الأقل في رأي غالبية من شاهدوه حتى الآن.

·     كنتِ سفيرة دار «لانكوم» للجمال والعطور طوال خمس سنوات، فما ذكرياتك عن هذه التجربة المهنية الخارجة عن إطار التمثيل البحت؟

- لن أقول مثلك انها تجربة خارجة كلياً عن عملي كممثلة، ووجدت في خلال ممارستي لها الكثير من أوجه الشبه والنقاط المشتركة بينها وبين المهنة السينمائية أو المسرحية، لأنني مثلت في الفيلم الدعائي الخاص بأحد عطور ماركة «لانكوم»، وظهرت فوق كل الصور الخاصة بالحملات الإعلانية لهذا العطر وغيره من المبتكرات، ثم حضرت مناسبات إطلاق العطر في أكبر العواصم العالمية وهو الأمر نفسه الذي يحدث عندما أروج لأحد أفلامي. والتقيت الإعلام لأتكلم عن سبب قبولي هذه المهمة، وعن الأشياء التي تجذبني لدى منتجات الماركة، تماماً مثلما يحدث حينما ألتقي الصحافة لتفسير الدوافع التي جعلتني أوافق على المشاركة في فيلم من إخراج السينمائي الفلاني مثلاً. أنا أعتبر مسألة تمثيل ماركة ميدان الجمال أو الموضة، قريبة جداً من نشاط الممثلة في السينما أو المسرح، وربما السينما أكثر من المسرح بعض الشيء.

·         هل تسبب هذا النوع من نشاطاتك في ازدياد شهرتك أو نجوميتك الدولية؟

- لا، والمستفيد الأول من هذه الناحية هو العطر أو المنتج الذي مثلته، لأن الماركة اختارتني أصلاً بفضل نجوميتي، وليس بهدف أن أستفيد من وراء شهرتها. وبدوري عثرت على فائدة مادية كبيرة من قبولي هذا العمل.

·         ما رأيك في السينما الفرنسية الحالية؟

- إنني مسرورة جداً لما أراه يحدث في السينما الفرنسية منذ ما يقرب من السنة ونصف السنة الآن، إذ أن عدد الأفلام الممتازة فنياً والتي تتجه في الوقت نفسه إلى الجمهور العريض، بدأ يزداد بطريقة ملموسة بالمقارنة بالروتين التقليدي الذي يقول إن الفيلم التجاري الذي يحقق الإيرادات في شباك التذاكر، لا يتميز بصفات فنية حسنة، وإن العمل الجيد فنياً يتجه بأسلوب خاص إلى جمهور محدد وضيق يعشق الأفلام الصعبة. أنا كثيراً ما أعمل خارج فرنسا، وبالتالي أستطيع أن أشهد بأن الجمع بين العنصرين، الجودة والشعبية، هو في إطار الممكن. وحينما أرى أفلاماً فرنسية حديثة من نوع «الصبية» الذي يروي سيرة العملاقة الراحلة إيديث بياف، و «موليير» و «لا تبوح لأي شخص» و «ليدي شاترلي»، وكلها من الأفلام الممتازة على كل صعيد، أستعيد ثقتي في السينما الفرنسية وأتوقع لها مستقبلاً قوياً على غرار ما عاشته في حقبات الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الفائت.

·         ما هي نشاطاتك الحالية؟

- أقرأ السيناريوات التي تصلني حتى أختار الأفضل بينها، وأكرس وقتي أساساً لتربية أولادي، وممارسة الرسم في شقتي الباريسية الهادئة. وهذا النشاط الأخير يهدئ بالي ويجلب لي صفاء النفس، لأن التمثيل مهما كان يعجبني وأعيش فيه بعض التجارب الفنية الهائلة، لا يريحني مثل الرسم، الذي يتم في عزلة تامة بينما يشتغل الممثل في إطار جماعي، وأنا من ناحيتي امرأة أعشق العزلة، على الأقل بين حين وآخر.

الحياة اللندنية في 9 مارس 2007