سينماتك

 

في دورته السابعة عشرة

مهرجان سينما الأطفال.. يعود لعوالم الطفولة

منى درويش

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

بدار الأوبرا المصرية احتشد أطفال المدارس الخاصة لمشاهدة حوالي 245 فيلمًا هي عدد الأفلام المشاركة في مهرجان القاهرة الدولي السابع عشر لسينما الأطفال، وذلك في الفترة من 1 – 8 مارس 2007، بمشاركة 42 دولة، وبمشاركة 150 طفلا من 14 دولة، هم أعضاء لجان التحكيم الدولية الخاصة بالأطفال.

أما على صعيد مضامين الأفلام المشاركة في هذه الدورة فكان واضحا للمشاهدين دورانها في عولم الطفولة، واتجاه أكثرها إلى عالم الأطفال، والقصص المعتمدة على الخيال، وعلاقة الطفل (البطل) بالحيوانات، وبالكائنات الأسطورية، كعجوز الزمن في فيلم "خيط الحياة"، والعلاقات الإنسانية بين الطفل وجده، والطفل وجيرانه وأصدقائه الأطفال، وعالم المغامرات البعيدة عن الصراع والعنف اللذيْن ميّزا أفلام السنوات الماضية.

وهكذا تعود أفلام الأطفال مرة أخرى إلى تلك العوالم التي يفضلها الطفل، كعالم الأساطير، وعالم الخير والشر في أبسط معانيهما وهي عودة تحسب للمهرجان في دورته الحالية.

الأمريكي أولا..

لم يكن من المستغرب -كالعادة- أن يكون فيلم الافتتاح فليمًا أمريكيًا طويلا من إنتاج شركة "جوردان كيرنر"، (113 دقيقة)، وذلك لعدم وجود إنتاج عربي ينافس ضخامة الإنتاج الأمريكي رغم الجدل الذي أثاره الفيلم السوري "خيط الحياة"!

ومن الأفلام التي دارت في عوالم الطفولة الرحبة فيلم الافتتاح الأمريكي "شبكة شارلوت"، وهو المقتبس عن رواية كلاسيكية للكاتب "إي. بي. وايت".

ويدعو الفيلم إلى ترسيخ قيم الوفاء والصداقة والعلاقة الإنسانية، وتدور أحداثه حول مزارع يدعي "أرابل"، يقرر ذبح خنزير وليد في مزرعته يدعى "ويلبر" لعجزه عن تحمل تكاليف تربيته! غير أن ابنته "فيرن" تتوسل لوالدها للإبقاء على "ويلبر"؛ فيوافق الأب، وعندما يكبر الخنزير يدخل في صداقة جديدة مع أنثى العنكبوت "شارلوت"، وتتضافر جهود العديد من الحيوانات في المزرعة مع الفتاة "فيرن" لإنقاذ "ويلبر" من مصيره المحتوم وهو الذبح.

بين الأسطورة والحكمة

أما الفيلم السوري "خيط الحياة" فيحكي قصة طفل نشأ يتيم الأب، ونظرا لتربية أمه وكثرة حيويته ونشاطه يبدو متعجلا، ويتمنى أن يكبر بسرعة كي يعمل ويساعد أمه الفقيرة، وكما يقتضى خيال الطفل، تتحقق له الأمنية وتعطيه "عجوز الزمن" خيط الحياة الذهبي، ليدرك بعد ذلك أهمية ألا نستعجل الأشياء؛ فكلما يمر الزمن يعطينا أشياء ويأخذ منا أشياء.

والفيلم يحمل في طياته متعة الخيال والأسطورة والحكمة وتلك الجدلية الفلسفية التي تدور أحداثها في قلوب البشر، فمن منهم ينسى الماضي؟ ومن منهم لا يعيش الحاضر؟ ومن منهم لا يحلم بغد جديد؟

وعن علاقة الطفل بالجد، وكيف يهتم الطفل بجده العجوز، ويعمل على حمايته لإدراكه لأهميته وقيمته الإنسانية نجدها موضوعات قدمتها مجموعة من الأفلام الروائية مثل الفيلم البلغاري "يوم مجنون" والليتواني "الولد والبحر".

ومن أفلام المغامرات: الفيلم الروائي "رودي" من أستونيا، ويحكي قصة طفل في السابعة من عمره يعيش مع أمه في قرية ساحلية، تنظَم بالقرية ذات يوم رحلة بمركب يطابق مراكب "الفايكنج" وتكون أمنية الطفل "رودي" هي الذهاب في هذه الرحلة واكتشاف كنز الفايكنج الغامض.

كما حضرت المغامرة أيضا في الفيلم الروائي الهندي "استغماية" الذي نال استحسان جمهور المشاهدين.

وغاب الإيراني

أما الملاحظة الأخرى التي استرعت انتباه أغلب المتابعين فهي استبعاد -أو بمعنى أدق- غياب الأفلام الإيرانية في المسابقات الرسمية للأفلام المشاركة، واقتصار تواجدها خلال عروض "بانوراما" خارج نطاق المسابقة، ومن المعلوم أن الأفلام الإيرانية هي التي كانت تحصد -عادةً- جوائز هذا المهرجان خلال السنوات الأخيرة.

ولأول مرة في المهرجان شاركت دول "البلطيق – أستونيا – ليتوانيا" بسبعة أفلام، منها الروائي، والرسوم المتحركة، والعرائس، ومنها فيلمان داخل المسابقة الرسمية الخاصة بالأفلام الروائية.

هذا إلى جانب احتفالية وعروض سينمائية خصصها المهرجان للسينما الهندية، والمكسيكية، والبولندية، والبلغارية، والإنجليزية.

"خيط الحياة" يثير الجدل

بعد عرض أول الأفلام العربية المشاركة في المهرجان طرح السؤال نفسه بقوة: من يتحمل تكلفة إنتاج فيلم طويل للرسوم المتحركة؟

الفيلم الطويل "خيط الحياة" -82 دقيقة- تكلف إنتاجه حوالي مليون دولار، اشترك في إنتاجه جهةٌ حكومية هي "المؤسسة العالمية للسينما"، وإحدى شركات الإنتاج الخاصة "تايغر برودكشن"، وهو أول إنتاج مشترك للأطفال بين القطاعين العام والخاص في سوريا.

وتتزايد أهمية السؤال لا سيما بعد كلمة رئيس المهرجان الدكتور "فوزي فهمي" التي أعلن فيها عن انخفاض عدد الدول العربية المشاركة بأفلامٍ في مهرجان هذا العام إلى خمس دول فقط، مقارنة بعشر دول في العام الماضي، كما أشار إلى افتقار الإنتاج المصري إلى أفلام الأطفال، سواء الروائية أو الرسوم المتحركة والبرامج التليفزيونية، وكلها -إن وجدت- تفتقد عناصر التقنية العالية، والإبهار المعتمد على ثراء التكلفة.

وأوضح رئيس المهرجان أنه في ظل عجز شركات إنتاج أفلام الأطفال عن تحمل التكلفة المطلوبة لإنتاج أفلام مقبولة المستوى من جانب الطفل؛ فإن الحل قد يكون في تبني شركات مساهمة لإنتاج مثل هذه الأفلام. ويمكن للجهة الحكومية الممثلة في وزارة الثقافة أن تدعم كتابة هذه الأفلام، وذلك من خلال مسابقة لكُتاب الأطفال، حتى يكون سيناريو الفيلم على المستوى المطلوب. وأكد الدكتور "فوزي فهمي" أن هذه المسابقات ستشرف عليها لجان تحكيم متخصصة.

وهنا جاءت اعتراضات كتاب ومخرجي أفلام الأطفال على سياسة اللجوء دائمًا إلى (لجان) معروفة سلفًا، تحكمها علاقات ومصالح تقلل من مصداقية أحكامها، ولم يخلُ الأمر هنا من ذكر فيلم الرسوم المتحركة العربي الطويل -كما يذكر منتجوه- (الفارس والأميرة)، الذي أعلن عنه منذ سنوات وعن قرب الانتهاء منه، في احتفالية بإحدى ندوات مهرجان القاهرة لسينما الأطفال، لكنه لم يرَ النور حتى الآن، ولم ينته العمل به! برغم أن الشركة التي تنتجه شركة سعودية يُفترض أنها ذات إمكانيات مالية عالية، الأمر الذي يعيد السؤال مرة أخرى حول أهمية مشاركة الجهات الحكومية –بجانب القطاع الخاص– لإنتاج أفلام الرسوم المتحركة للأطفال.

وتؤكد المخرجة "رزام حجازي" -مخرجة الفيلم السوري "خيط الحياة"- أن تشجيع صناعة الرسوم المتحركة لا يكون بالتعاون أو المشاركة في الإنتاج فقط، وإنما يكمن في رعاية الإنتاج بعد أن يتم، وفي تسهيل عرضه، وتشجيع الجمهور من الكبار والصغار على ارتياد أماكن عرضه، وتأمين الأماكن المناسبة والمريحة للعرض، لما لذلك من أثر كبير على تحفيز هذه الصناعة، وتعميق ارتباطها بالجمهور الذي تُبذل الجهود لتغذيته بصناعة آمنة محلية تعبر عن تقاليده وتراثه.

المواطنة للأطفال

في الوقت الذي فرضت كلمة "المواطنة" نفسها على ما يُكتب في الصحف، أو ما يناقش على شاشات التليفزيون المصري عقب الإعلان عن التعديلات الدستورية المرتقبة في الدستور المصري، تلك التي ستتضمن مادة خاصة عن حقوق متساوية لكل المواطنين دون تفرقة على أساس الجنس أو العقيدة، وتلك التفسيرات الأكثر رحابة لكلمة المواطنة التي تعني حقوقا متساوية وتكافؤًا للفرص بين جميع المواطنين، جاء تطبيق إدارة المهرجان لهذا المعنى من خلال التأكيد على حق كل الأطفال في مصر في مشاهدة أفلام المهرجان، التي عادةً ما تقتصر مشاهدتها على أطفال المدن في دور العرض.

وهنا تأتي الخطوة الجديدة هذا العام، متمثلة في عرض بعض الأفلام المشاركة في المهرجان من خلال التليفزيون المصري بقنواته الأرضية، ليتمكن الأطفال في القرى والأماكن النائية من فرص متساوية للمشاهدة.

لكننا نلاحظ –على مستوى الأفراد– أن تلك المواطنة لم تظهر في حفل افتتاح المهرجان الذي قدمه مجموعة من أطفال مدارس اللغات ذات المصروفات المرتفعة، وهي التي يدرس بها شريحة معينة من أبناء العاصمة أو المدن الكبرى، بعيدًا عن أطفال القرى أو حتى أطفال المدارس الحكومية من أبناء الطبقة المتوسطة، وهي التي تشكل أغلب مواطني مصر.

الأمر نفسه تبدّى على مستوى آخر، في الأطفال المشاركين في لجنة تحكيم الأطفال الدولية، خاصة المصريين منهم، الذين يتم اختيارهم عن طريق "المواطنة"!

تكريمات مكررة

وفي الوقت الذي أعلنت فيه إدارة المهرجان عن تكريم مجموعة من الأسماء الفنية التي بدأت مشوارها الفني منذ الطفولة في مجال السينما، تساءل البعض: لماذا يكرم المهرجان شخصيات كان قد كرمها في دورات سابقة، مثل الفنانات "نيلي" و"لبلبة" و"فيروز"؟

ويرى بعضهم أن هذا التكريم لهم جاء بعد إصدار إدارة المهرجان هذا العام كتابًا عن الأطفال في السينما المصرية والعالمية، وهي دراسة من إعداد الناقد "محمود قاسم"، ضمت أسماء الأطفال الذين شاركوا في سينما الأربعينيات والخمسينيات حتى الآن، لذلك جاء تكريم البعض بصورة مكررة، ولم تكلف إدارة المهرجان نفسها بمنح جوائز لهذه الأسماء الشهيرة، سواء الجوائز التي تتمثل في شعار المهرجان، أو شهادات تقدير لمشوارهم الفني، وربما يكون هذا سببًا في اعتذار السيدة "فاتن حمامة" عن الحضور، وهي إحدى أهم الشخصيات التي كرمها المهرجان هذا العام.

بقي أن نشير إلى المهرجان شهد مشاركة عربية ضعيفة هذا العام، إذ لم تشارك سوى 5 دول عربية فقط، وهم: سوريا بفيلمين "خيط الحياة" و "موت–حياة"، وتونس، بفيلم روائي "صبا فلوس"، وفلسطين بـ "تمن" وهو روائي قصير، كما شاركت الأردن، وشاركت مصر بـ 60 فيلمًا، بين الروائية، والرسوم المتحركة مقابل 33 فيلمًا العامَ الماضي.

صحافية مصرية، وباحثة في الآثار.

إسلام أنلاين في 7 مارس 2007