سينماتك

 

ضوء ...

عن الفيديو كليب والسينما والدراما

عدنان مدانات

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

تجتاح أعداد متزايدة من المحطات التلفزيونية مساحة الفضائيات العربيات. يتخصص القسم الأكبر من تلك الفضائيات ببث الأغنيات العربية المصورة تحت مسمى الفيديو كليب. يستخدم مخرجو أغنيات الفيديو كليب، التي يصرف منتجوها بسخاء على إنتاجها أحدث التقنيات الرقمية ويتوصلون إلى نتائج مبهرة من الناحية البصرية، نتائج ترقى في بعض الأحيان إلى درجة الإبداع الفني، وفي أحيان أخرى تتوصل الأغنيات المصورة إلى تحقيق الطموح الذي يشغل بال وأحلام مخرجي الدراما التلفزيونية والذي عجزوا عن تحقيقه بالمستوى المأمول حتى الآن، الطموح المتعلق بالوصول إلى مستوى فن السينما، حيث تكون نتيجة الفيديو كليب أقرب ما تكون إلى فيلم سينمائي قصير جدا جيد المستوى أو ذي منحى تجريبي فني. وبهذا المعنى، فإن الفيديو كليب الذي ظهر إلى الوجود في وقت متأخر جدا بالمقارنة مع الدراما التلفزيونية قد سبق وتجاوز الدراما التلفزيونية في مجال الاستفادة من التقنيات الإلكترونية المتطورة التي تتيح المجال أمام ابتكار المؤثرات البصرية وإنجاز أعمال فيها قدر وافر من الإبداع والقيم الجمالية.

تطمح الدراما التلفزيونية لأن تتشبه بالسينما من ناحية الإنجاز الفني البصري على الأقل، وهي رغم كل الادعاءات لا تزال تعجز عن تحقيق ذلك حتى الآن، مع أن الدراما التلفزيونية باتت تستند إلى تقنيات سهلة الاستخدام وقليلة الكلفة وهذه امتيازات لم تكن متوفرة للسينما التقليدية، حيث كان يحتاج إنتاج الأفلام السينمائية إلى بنية تقنية تحتية تشمل كاميرات معقدة وتجهيزات ومعامل لطبع وتحميض أشرطة الأفلام الخام وأشرطة الصوت، كما كانت تحتاج الأفلام إلى أجهزة مكلفة كبيرة الحجم ثقيلة الوزن ولعدد من الفنيين لتنفيذ عمليات مونتاج موجب وسالب للأشرطة، وتحتاج لأستوديو صوت واستخدام أجهزة خاصة لتركيب الصوت على الصورة وإجراء عمليات دمج الأصوات المرتبطة بالحوار والمؤثرات السمعية والموسيقا. ولا تحتاج التقنيات الإلكترونية التي تقوم عليها الدراما التلفزيونية إلى كل هذا، حيث تحصل هذه الأمور بالاعتماد على برامج الكترونية.

إضافة إلى التمايز التقني ثمة تمايز آخر مهم يتعلق بمجالات وفرص العرض، حيث لا يتوفر للأفلام السينمائية العربية (باستثناء الأفلام المصرية)، مجال العرض في صالات السينما في العالم العربي، في حين أن مجال البث التلفزيوني مفتوح على وسعه أمام المسلسلات من خلال عدد متزايد من المحطات الأرضية والفضائية خاصة. ويرتبط بهذا الواقع تسويق الأفلام وجني الأرباح، وهذا متاح بسهولة أكبر بكثير للدراما التلفزيونية، في حين أن الأفلام العربية تجد أمامها الكثير من العوائق أو حتى الأبواب المغلقة. ومن ناحية ثانية، تؤدي سهولة تسويق الدراما التلفزيونية إلى تشجيع المنتجين على تمويل مشاريع الأعمال المقترحة من دون وضع شروط مربكة، في حين أن أي مشروع فيلم جديد يجد أمامه الكثير من الصعوبات التي تحد من إمكانية الحصول على التمويل، وهناك الكثير من المشاريع التي لم تجد تمويلا على الإطلاق.

 تستطيع المسلسلات، من حيث المبدأ، أن تتغلب على عائق اللهجات العربية المختلفة، خاصة الصعبة منها، عن طريق طباعة نصوص الحوار بالفصحى أسفل الشاشة، دون أن يؤثر ذلك في النسخة الأصلية أو يؤدي إلى الإضرار بها، بالمقابل، فإن منتج الفيلم السينمائي العربي لن يغامر بخسارة نسخة تحتوي على النص بالفصحى أسفل الشاشة، لأنه لن يضمن بيعه أو مردود العرض التجاري إن باعه.

تحتاج الأفلام السينمائية العربية إلى بذل الكثير من الجهود وأساليب الدعاية والإغواء لجذب الرواد نحو صالات السينما. ولا تحتاج الدراما التلفزيونية إلى كل هذا فهي تذهب بنفسها إلى المشاهدين في بيوتهم. وفي حين أن عروض الأفلام في الصالات واستمرارية العرض الخاص بكل فيلم على حدة محكومة بمدى إقبال الجمهور على حضور الفيلم، فإن المسلسلات تعرض عبر شاشات التلفزيون مراراً وتكراراً بواسطة محطات البث المختلفة من دون الحاجة لهذا الشرط، فالمسلسلات تعرض سواء شاء الجمهور أم لم يشأ.

يقف الفيديو كليب بين الدراما والسينما شامخاً برأسه. وفي الحقيقة فإنه يحق له ذلك فهو صار يؤثر في الأفلام السينمائية نفسها، حيث صارت الأفلام تصنع على غرار الفيديو كليب، من حيث أسلوب تقطيع اللقطات والمونتاج ووتيرة الإيقاع السريعة، ويا ليت الدراما التلفزيونية تفعل ذلك بدلا من السينما، ففن السينما يتضرر من جراء ذلك، في حين أن الدراما تستفيد.

الخليج الإماراتية في 4 مارس 2007