سينماتك

 

شخصيات فضائية لها تاريخ

عبد الفتاح القصري واجهة بارزة في عالم الكوميديا العربية

كتب عماد النويري

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

يا صفايح الزبدة السايحة.. يا براميل القشطة النايحة.

لايسلم الشرف الرفيع من الاذى حتى يراق على جوانبه الدم.

وكلمتي ماتنزلش الارض ابدا. طبعا كلما سمعنا تلك الافيهات تذكرنا على الفور صاحبها عبد الفتاح القصري بطل العديد من الافلام التي تعرض على الفضائيات الفيلمية هذة الايام وهو يمثل واجهة بارزة في عالم الكوميديا السينمائية العربية. كان الغضنفر على صبيانه لكن دائما هو طيب القلب وشهم واذا تصرف أحيانا بغباء فانه يسبب الارباك والاضحاك معا.. هو شديد البأس وشجاع ويتشبث برجولته لكن ليست مشكلة اذا تنازل مرة أو مرتين لارضاء أم العيال على شرط ان يكون هذا هو التنازل الاخير كما حدث في فيلمه الشهير 'ابن حميدو' الذى عرض مؤخرا على قناة ميلودي افلام.

دراسة وفشل

عبد الفتاح القصري من مواليد حي الجمالية بالقاهرة لأب كان يعمل في زخرفة الذهب، وتمتد جذور العائلة الى العصر الفاطمي استنادا الى ان لقب 'القصري' كان يطلق في ذلك الوقت على كل من يعمل في بلاط وقصور الحكام ، وانتقل اسم المهنة الى لقب العائلة. تقول اغلب المصادر ان تاريخ ميلاد عبد الفتاح القصري هو ،1906 وعلى رغم مولده في بيئة شعبية بمنطقة الجمالية فإن والده كان يطمح الى ان يصبح ابنه من كبار موظفي الدولة، ولذلك ألحقه بمدرسة الفرير الفرنسية، وكان عليه ان يزامل أبناء الطبقة الراقية والأجانب في الفترة الصباحية وأبناء المعلمين وأبناء الشوارع في الفترة المسائية. بعد سنوات قليلة أخرجه أبوه من المدرسة واقتنع بان يورثه أصول مهنة زخرفة الذهب وألحقه معه للعمل في صناعة المجوهرات.. ولم يكن الابن مشغولا بالدراسة ولا بالذهب وانما كان مشغولا بالفن منذ ان شاهد عروض فرقة فوزي الجزايرلي. وفى عام 1917 انضم الى فرقة عبد الرحمن رشدي المسرحية وبعدها الى فرقة جورج ابيض.لكنه لم يستمر طويلا حيث اثبت فشلا ذريعا في لعب الأدوار التراجيدية.

نقلة نوعية

بعد ان ترك فرقة جورج ابيض تنقل القصري بين عدة فرق أبرزها فرقة عزيز عيد ثم فرقة فاطمة رشدي وكان حلم عبد الفتاح في تلك الفترة هو الانضمام الى فرقة الريحاني باعتبارها مدرسة الكوميديا الحقيقية، وبالفعل تحقق الحلم عام 1926. وحقق القصري نقلة نوعية مهمة بالتحاقه بفرقة الريحاني ويكفي أن الريحاني هو الذي دفعه الى الاحتراف الكامل حين طلب منه ترك مهنة صناعة الذهب والتفرغ التام للفن. كما ان الريحاني هو الذي وضع يده على شخصية المعلم ابن البلد التي بدأ ينميها من مسرحية الى أخرى وانتقل بها الى السينما بعد ذلك وحقق من خلالها أقصى درجات النجاح الجماهيري.

يدين عبد الفتاح القصري بظهوره السينمائي الأول الى المخرج شكري ماضي الذي اسند اليه عام 1935 دورا في فيلم 'المعلم بحبح' أمام فوزي الجزايرلي واحسان الجزايرلي لينطلق بعدها إلى الشاشة الكبيرة. ويعتبر فيلم 'سي عمر' الذي أخرجه نيازي مصطفى لنجيب الريحاني عام 1941 اول علامة مهمة في حياة القصري السينمائية واللافت للأمر ان القصري لم يقدم في هذا الفيلم دورا كوميديا خالصا وانما قدم الشر ممزوجا بالكوميديا التي فرضها وجود الريحاني في معظم المشاهد التي ظهر فيها القصري الذي جسد شخصية زعيم العصابة 'جنجل أبو شفتورة'، ومع توالي سنوات الأربعينات كان القصري قد برهن لصناع السينما على قدراته الكوميدية الخاصة حتى اذا مابدأ عقد الخمسينات اخذت ملامح الشخصية التي اشتهر بها في التبلور والوضوح لاسيما مع انتشاره في تلك السنوات، ويكفي انه في عامي 50 و51 قدم 19 فيلما محققا رقما قياسيا بين ممثلي هذه الفترة، ولم يزاحمه سوى زميله اسماعيل ياسين.ومن أهم الأفلام التي قدمها القصري خلال فترة الخمسينات 'معلش يازهر' من اخراج بركات و'قمر 14'، من اخراج نيازي مصطفى' و'حماتي قنبلة ذرية' من اخراج حلمي رفلة و'بيت الأشباح' و'الأستاذة فاطمة'، و'الآنسة حنفي' و'ابن حميدو' من اخراج فطين عبد الوهاب.

بساطة وقدرات

لم يكن القصري كوميديانا متحذلقا يشعرنا بالصنعة والتكلف وانما كان بسيطا إلى الدرجة التي تجعلنا نشعر انه لا يمثل. اعتمد القصري على قدراته الخاصة وتميزه في استخدام أدواته التمثيلية مثل التلوين الصوتي وتعبيرات الوجه ونظرات العين اضافة الى المشية الخاصة وحركة الجسد المترهلة التي كانت لوحدها كفيلة بانتزاع الضحك. كثيرون اتهموا عبد الفتاح القصري بالنمطية لأنه لم يسع الى تطوير أدواره أو لنقل دوره النمطي في شخصية ابن البلد لكن لم يكن مطلوبا من القصري أكثر مما قدم ليحفر هذه الشخصية في عقول وقلوب كل الذين شاهدوه وأحبوه واعتبروا انه كان اذا كان قد احتكر شخصية ابن البلد فانه كان في كل مرة يجدد في هذه الشخصية ليضيف اليها موهبته وروحه. لقد صنع عبد الفتاح القصري نجاحه بنفسه وكان ناجحا في المسرح مع كشكش بيه وكان ناجحا في السينما مع المعلم بحبح وكل المعلمين الاخرين، وكان ناجحا اثناء صعود نخبة الطبقة المتوسطة في الأربعينات وكان كذلك في الخمسينات مع تنامي دور العمال والفلاحين. يمكن القول انه كان قابلا للنجاح في اي ظرف تاريخي واجتماعي ومع اي فريق عمل صحيح ان ذلك كان بدرجات متفاوتة لكنه على اي حال لم يفشل مع احد.

في صيف عام 1962 فقد القصري بصره بسبب مرض السكر وبعدها بشهور أجبرته زوجته على الطلاق وتزوجت من صبي بقال كان القصري يتبناه ويرعاه، واكتملت ماساته عندما أصيب بتصلب الشرايين وفقد جزءا من ذاكرته وتحولت نهايته الى مأساة كبيرة عندما مات فقيرا معدما لايجد ثمن الدواء والغذاء. وعلى رغم مرور أكثر من أربعين عاما على رحيله سيبقى عبد الفتاح القصري واحدا من أهم نجوم الكوميديا في فترة الأربعينات والخمسينات ونجما فوق العادة في العقد الأول من الألفية الثانية وبلا مبالغة سيبقى القصري نجما كوميديا مميزا ومتفردا لكل العصور.

القبس الكويتية في 2 مارس 2007