سينما تعلن الحرب علي الإفيه: أفلام قصيرة ليست للضحك! القاهرة ـ القدس العربي ـ من كمال القاضي: |
صفحات خاصة
|
الأزمة
التي تعاني منها
السينما الروائية الطويلة خرجت عن طورها الأساسي وانقلبت الي
صداع محموم علي البقاء
بعد اشتداد عود الفيلم الروائي القصير وطلوع فجره، الذي بدأ نذيره بتجارب
محدودة
جاءت متفرقة في العام الماضي، ولكنها أحرزت عدة أهداف في مرمي السينما
التجارية
فأفقدتها توازنها وأهليتها، إذ استطاعت التجارب الروائية
القصيرة في زمن قياسي أن
تخترق حاجز العزلة وتعبر إلي جمهور النخبة علي جسر الجوائز الآتية من
المهرجانات
العالمية وتنجح في فرض نفسها كمصنف فني مختلف في مفرداته ورسالته عما يرد
الينا
طوال العام من تجار الأكشن والكوميديا، يقودنا الحديث عن التكثيف والاختزال الي فيلم آخر بعنوان شد حيلك للمخرج روبير طلعت فالسيناريو مأخوذ عن قصة للدكتور علاء الأسواني بعنوان أحزان الحاج أحمد تدور أحداثها في إطار ساخر حول المفارقة بين جلال الموت في لحظات الفراق وبين حسية البطل الحاج أحمد الذي يعجز عن مقاومة رغبة الأكل في أشد الظروف حرجا، لحظة وفاة والده،فنراه يتناول وجبة السحور فيما يسجي والده المتوفي علي سريره في الحجرة المجاورة، يلتقط المخرج الخيط الرفيع مستخدما اسلوب الساركازم دون إعلان رأيه صراحة في البطل لتصبح الإدانة ضمنية والهوة شاسعة بين الشعورين المتناقضين، ومن ثم يتحتم علي المشاهد الدخول كطرف ليختار بنفسه الوصف اللائق برجل يتجاهل وفاة والده ويركز اهتمامه في وجبة السحور الشهية خشية أن يداهمه الوقت قبل الاستمتاع بها! هكذا تتصيد السينما الروائية القصيرة ما يدهش العين ويثير الذهن وتضعه تحت رقابة العدسة، فيظهر من خلال الرصد الدقيق تفاصيل بالغة الغرابة قد لا يكون لها نفس الوقع إذا ما صادفناه في حياتنا اليومية، وهذا هو الفرق بين أن تري الشيء عابرا وأن تقترب منه بالكاميرا فيبدو لك مجسماً عاريا تماما من أي تجميل، وربما يكمن سر السينما الجديدة القصيرة في قدرتها علي ضبط الواقع متلبسا بما هو عليه، فالمبدع غالبا ما يكون مشغولا بالبحث عن غير المألوف في الشارع والمنزل والمكتب والمواصلات العامة، وكذا تتوحد رغبته مع متناقضات الواقع فيجد نفسه مشدودا ناحية المنطقة التي يجد فيها ضالته، حيث تكون الكاميرا دليله إلي عالم الغرائب والمفارقات. تتعدد اللحظات والأفلام والشجون فتتخلق الأفكار والتجارب وتظل العجلة في دورانها المعتاد وينتبه العقل لمزيد من الرصد والتحاور ويتجاسر القلب علي إختراق المحظور وكسر التابو فنلمح في الأفق أفلاما أخري أكثر جرأة مثل القاهرة 38 إخراج نيفين شلبي، الملمس لإيمان أحمد التاجي، شرف البنات لأسامة عشم، علي السكين يا بطيخ لفادي نسيم، مبروك لماجد عبدالعزيز، وكلها تنويعات علي ما سبق ذكره من أفكار وحكايات تتصل بالوعي الخاص والثقافة الإنسانية وتصب في ذهنية الجمهور النوعي الذي يلتمس طريقه للتعبير الفني ويرغب في أن يصبح شريكا متضامنا في تغيير وجه السينما الكلاسيكية وإعادة صياغتها علي نحو يلائم طفرة الحداثة وحالة اللهاث التي لا تسمح بالجلوس أمام فيلم طويل حتي وإن كان كوميديا بسرعة 60 إفيه في الدقيقة بمقياس اللمبي، ريختر السينما المصرية!! القدس العربي في 24 فبراير 2007
|