سينماتك

 

ضوء ...

التماهي مع نجوم السينما

عدنان مدانات

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

يقف خمسة شباب أمام صالة سينما تعرض فيلماً مرحاً وبقرب محل صغير لبيع الأشرطة الموسيقية وعلى خلفية ملصقات أفلام وصور مغنين ومغنيات. كان مظهرهم يوحي بتأثرهم بنماذج الصور المعلقة خلفهم، غير أن شيئاً ما فيهم كان يلفت الانتباه، وجوههم كانت توحي بفقر وضعهم المادي وكذلك ملابسهم الرخيصة الثمن، والتي تشي بأن ادعاء المظهر لا ينسجم مع واقع الحال.

ليس من الصعب على أي محلل أن يشرح ما الذي كان يفعله أولئك الشباب في وقوفهم الخالي من أية فاعلية هذا، وماذا كان يعتمل داخل نفوسهم وهم يقفون قرب صور النجوم على نحو استعراضي؟ ولا يحتاج المحلل من أجل ذلك إلا ربط هذه الظاهرة بتأثيرات نظام النجوم الذي كرسته السينما منذ أعوامها الأولى.

كانت الجاذبية المميزة التي يمتلكها نجوم السينما عاملاً أساسياً في تكريس هيمنة السينما على الوعي بطريقة ساهمت في وجود أجيال من الشباب تتأسس شخصياتهم لا بناء على مواصفاتهم الذاتية بل حسب درجة تأثرهم بنجوم عصرهم والتي تحدد حجم تبعيتهم الثقافية واستلابهم الفني.

مع تجذر هذه الخاصية عبر الممارسة المتواصلة، باتت السينما واثقة من قدراتها، بحيث إنها صارت تغير من مواصفات النجم، وتتخلص تدريجيا من صفات الإنسان الكامل التي كانت تضفيها على نجومها، وبات من المعهود بروز نجوم ليست فيهم المواصفات القديمة التي كانت تسحر الناس سابقا، ولم يعد النجم بالضرورة هو الإنسان القوي والجميل والأنيق، إذ صار بالإمكان إيجاد نجوم غير وسيمين وغير جميلين وحتى ليسوا أقوياء.. والغريب في الأمر أن هذا النمط الجديد من النجوم صار يلاقي تعاطفا اكبر وتتأثر بهم قاعدة أوسع من الشباب، فالمواصفات الجديدة باتت اقرب إلى عموم الشباب، ولم تعد نموذجا منفردا، بل صارت نمودجاً شائعاً يمكن أن يتطابق معه الشباب العاديون، بحيث صار الشباب الدميمون، مثلا يعتقدون ان دمامتهم لن تكون حائلا أمام شعورهم بالتماهي وحلمهم بالتمتع بنموذج الحياة الذي تقدمه الشاشة، طالما أنهم يسرحون شعرهم ويرتدون ملابسهم وفق نموذج يشبههم بالنجوم.

نتيجة انتشار وسائل الاتصال البصرية عبر فضائيات الأقمار الصناعية وسهولة الحصول على الأقراص المدمجة، اتسعت إمكانية تقديم النجوم وازدادت فرص تأثيرهم في الوعي العام، ولم يعد الأمر يقتصر على نجوم السينما، بل امتد ليشمل نجوم التلفزيون وبالذات منهم أبطال المسلسلات التلفزيونية وأفلام الأغاني المصورة والإعلانات المصورة، التي بمجموعها تقدم نماذج شديدة التنوع ولكن يجمعها جامع واحد، هو قدرتها على دغدغة العواطف الشابة وتدعيم قوة الوهم والإيهام بإمكانية التماثل مع الشخصية النموذج والمتمتع بنمط الحياة المقدم عبر الشاشة أو شريط الفيديو.

ومن البديهي تبعا لذلك أن ظاهرة تكريس النجم، على اختلاف أنواعه، ليست عفوية، بل هي ظاهرة مدروسة وهي جزء من نظام إنتاجي اقتصادي وأيديولوجي، والنجم لا يوجد هكذا ببساطة بل يصنع ثم يصدّر ويروج له مثل أي بضاعة تحتاج إلى ترويج. وتجري عملية الترويج للنجم التي تلجأ إليها السينما والتلفزيون ووسائل الإعلام المختلفة، بطرق متنوعة، بعضها داخلي ويستند إلى الخواص النفسية والاجتماعية والثقافية التي تجبر الشباب على الحلم بالنمط الذي يبشر به وبعضها الآخر خارجي، يستند الى الحاجة إلى تقليد أشكال النجوم وطريقة لبسهم والتوهم بأن تقليد الشكل الخارجي للنجم يؤهل للتماهي معه كخطوة أولى على طريق الوصول إلى ذات الحياة التي يحياها النجم، ولهذا تنتشر موضة تسريحة الشعر والأزياء والحلي وغيرها، انتشارا سريعا، وتساهم في زيادة فرص الاستلاب الثقافي والعبودية لشخصية النجم، وذوبان الشخصية الفردية المتميزة عبر نمط عام ولكنه مستورد. وهذه الظاهرة قد لا تكون خطرة إذا ما كانت ظاهرة مؤقتة، أو إذا ما نظر إليها من زاوية ارتباطها بمرحلة خاصة من العمر وإذا ما أخذ بعين الاعتبار أن تأثيرها قد يتضاءل مع الأيام التي تجبر الشباب على الدخول في معترك الحياة العملية، غير أن الخطورة تكمن في تراكم الظاهرة لن يبقى من دون أثر.

الخليج الإماراتية في 10 فبراير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك