سينماتك

 

أثمر 5 أفلام جيدة مرشحة لدخول "الأوسكار"

السيناريو المكتوب خصيصاً نقطة الإبداع الأولى

محمد رضا

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

في الأسبوع الماضي ألقينا نظرة فاحصة على بعض أهم السيناريوهات المقتبسة عن أصول مختلفة (كتب او أفلام). هذا الأسبوع رحلة أخرى إنما في نطاق السيناريوهات المكتوبة خصيصاً للسينما. والسيناريوهات المكتوبة خصيصاً للسينما التي أعلن عن ترشيحها رسمياً للأوسكار القريب، هي “بابل” و”رسائل من إيوو جيما” و”ليتل مس سنشاين” و”متاهة بان” و”الملكة”. وبصرف النظر عن السيناريو الذي سيفوز بالأوسكار هذه السنة، فإن الأفلام الخمسة جيّدة الكتابة ما أسهم فعلياً في إنجاز أفلام جيدة التنفيذ أيضاً.

وإذا ما كان السيناريو المقتبس يستند عادة الى مادة سابقة (مقال او بحث او فيلم او  غالباً  رواية) فإن السيناريو المكتوب خصيصاً للسينما يتميّز بأنه نقطة الإبداع الأولى. الكاتب في هذه الحالة يستمد من باله وخياله ورؤيته. يؤلّف العالم كاملاً بما في ذلك العالم من أحداث وشخصيات وأبعاد.

التالي إذاً نظرة نقدية فاحصة على الأفلام المتنافسة لجائزة أفضل سيناريو مكتوب خصيصاً من زاوية الكتابة ذاتها.

 

Babel “بابل”

 السيناريو: جويلرمو أرياجا             المخرج: إليخاندرو جونزاليز إياريتو.

من بين كل الأفلام المرشّحة “بابل” من بين الأصعب كتابة إذا لم يكن أصعبها على الإطلاق، فهو مبني على أربع حبكات عليها أن تتقاطع وينتقل بذلك المشاهد من الرواية الأولى الى الثانية ثم الثالثة والرابعة على التوالي. بعد ذلك قد يعود الى الثانية قبل الأولى ثم الرابعة قبل الثالثة او قد ينتقل من الأولى الى الثالثة مباشرة مرّتين على التوالي، وذلك من دون بناء قابل للتوقّعات. القصة إذا ما جمعت حبكاتها وسردتها على نحو تقليدي عليها أن تبدأ وتنتهي على هذا النحو: قبل سنوات بعيدة ياباني أهدى بندقية صيده الى قروي مغربي. يعمد ذلك القروي، في الزمن الحاضر القروي الى بيع البندقية لقروي آخر يعطيها لولديه لاصطياد “ابن آوى” يحوم حول القطيع. خلال تحدٍ بينهما يطلق أحدهما النار على حافلة سياحية فيها أمريكيان (رجل وزوجته). تصاب الزوجة وتنقل الى قرية ثالثة. للأمريكيين طفلان برعاية خادمة مكسيكية في أمريكا، وهذه تأخذهما في رحلة الى المكسيك لكن في طريق العودة، ووسط ظروف قاهرة، تفقدهما. يتم الاتصال بالياباني لمعرفة سر البندقية عن طريق تحرِ يلتقي وابنة الياباني التي تعيش ظرفاً عاطفياً صعباً كونها بكماء صماء.

من شاهد الفيلم يدرك أن الحكاية لا تتم حسب هذا السرد، لكنه يعلم أيضاً أن المساحة، كما يؤكدها الملخّص، شاسعة جغرافياً وبتعداد الشخصيات الرئيسية. كل ذلك، كان متوقّفاً نجاحه على براعة الكاتب في الدخول والخروج من كل جزء من كل حبكة والعودة اليه لاحقاً من دون أن يفقد الخيط والوضوح.

 تقييم السيناريو: **** (من خمسة)                       تقييم الفيلم: **** (من خمسة)

 

Letters From Iwo Jima “رسائل من إيوو جيما”

 السيناريو: إريس ياماشيتا وبول هاجيز                 المخرج: كلينت ايستوود

على عكس فيلم كلينت ايستوود الآخر “رايات آبائنا” الذي ورد في نطاق تحليل السيناريوهات المقتبسة، ينطلق سيناريو “رسائل من إيوو جيما” من فكرة كُتبت خصيصاً وتتناول حياة وموت مجموعة من الضباط والجنود اليابانيين في موقعة إوو جيما نفسها، تلك التي رواها ايستوود من وجهة النظر الأمريكية في الفيلم الآخر.

هناك توليفة بسيطة في البداية والنهاية: مجموعة من الباحثين يكتشفون رسائل مكتوبة ومدفونة في مغارة في تلك الجزيرة على أيامنا نحن. من هذا الاكتشاف يغوص الفيلم في رحلته لسرد كيف عايش الجنود اليابانيون الحرب التي دارت فوق الجزيرة: آمالهم، تطلّعاتهم، خوف بعضهم وشجاعة بعضهم الآخر وإدراك البعض الثالث أنه لا مناص من الموت دفاعاً عن الإمبراطورية. الكتابة تمنح هؤلاء حجماً من الحياة على الصفحات لم يتمتعوا بها في فيلم أمريكي من قبل. شخصياتهم حقيقية وتصرّفاتهم، بطولية حيناً وغير بطولية حيناً آخر، واقعية.

المشكلة الوحيدة التي تطالعنا هي ان مشاهد “الفلاش باك” تبدو متناثرة لحين الحاجة إليها عوض أن تنتمي الى أسلوب، لكن ذلك قد يكون رأي هذا الناقد النابع من تفضيله الشخصي وليس بالضرورة أكثر من ذلك. في المقابل، أنت تعلم أن السيناريو كُتب جيّداً لأن الحس الياباني موجود. ربما مع بعض الاجتهاد في كيفية تصريف الأحداث والمفارقات، لكن الشخصيات تبدو واقعية وهذا بفضل أن أحد الكاتبين (الكاتبة إريس ياماشيتا) اليابانية.

 تقييم السيناريو: **** (من خمسة)                        تقييم الفيلم: **** (من خمسة).

 

Little Miss Sunshine  “ليتل مس سنشاين”

 السيناريو: مايكل أردنت                     المخرج: جوناثان دايتون، فاليري فارس.

هذا فيلم ليبرالي المنهج. قصّته تدور حول عائلة مفكّكة تتألف من الأب (كرج كينير) الذي يخفي لبعض الوقت حقيقة أنه مفصول عن عمله، والزوجة (توني كوليت) العنيدة فيما يخص مواقفها وابنتهما الصغيرة (أبيجيل برسلِن) التي تصلها رسالة قبول في مسابقة غناء. هناك أيضاً الشقيق (ستيف كارِل) الذي حاول، قبل بدء الأحداث، الانتحار كون صديقه قرر الانفصال عنه، وهناك الجد (ألان أركين) الذي لا يزال يعيش الدنيا بالطول والعرض والمدمن على المخدرات رغم تقدّمه بالعمر. السيناريو يجد لزاماً عليه تحبيب مشاهدي الفيلم بهذه العائلة على الرغم من عيوب أفرادها، وينجح في ذلك إنما على حساب الموقف الآخر، فليس كل المشاهدين ليبراليين لكي يقبلوا بتأييد مثل هذه العائلة. نجاح السيناريو، كامن في أنه -عبر الرحلة بالسيارة من ولاية الى أخرى لتقديم الابنة الى المسابقة  يوعز بأن المحور المتجسّد بتلك الفتاة هو الذي أبقى العائلة متّحدة في نهاية الأمر. للأسف، النهاية من نوع “قص ولصق” لكن الكاتب كان ينوي تعزيزها بمفهوم مفاده أن النهايات السعيدة عليها أن تلي أحداثاً حزينة لكي تنجح. هذا صحيح بالمبدأ وغير متّفق عليه بالتفصيل.

 تقييم السيناريو: *** (من خمسة)                   تقييم الفيلم: *** (من خمسة).

 

Pan Labyrinth “متاهة بان”

 السيناريو والإخراج: جويلرمو دل تورو

فانتازيا حول فتاة صغيرة تنتقل مع والدتها إلى إسبانيا الأربعينات، للعيش مع زوج والدتها وهو ضابط فاشي وسادي يكرهه من حوله باستثناء جنوده الذين يحاربون الثوّار في الغابة القريبة. في الغابة نفسها هناك مخلوقات غريبة من بينها عنزة ناطقة ونصف حيوان- نصف إنسان، تعلم الفتاة الصغيرة أنها في الواقع أميرة وعليها أن تستعيد عالمها بإنجاز بضعة أفعال قبل تحوّل القمر الى بدر كامل. بذلك يتجاذب الفيلم موقعين دراميين، كل ينتمي الى حكاية مختلفة في الظاهر لكنها متّصلة بموقع جغرافي واحد. هذا قبل أن يزداد ارتباطهما بفعل حبكة ترفع من قيمة الفيلم قبيل نهايته. كنت اتمنّى لو أن السيناريو مُروى من وجهة نظر الخادمة التي ترعى شأن الزوج والزوجة (وبالتالي الفتاة الصغيرة) على حد سواء، والتي لها صلة سرّية مع رجال المقاومة في الغابة ثم يزداد الاعتماد عليها في النهاية بحيث تتحوّل الى شبه بطلة مطلقة. لكن الكاتب  المخرج رغب في فيلم يقدّم عالم البراءة في مواجهة عالم الشر (المتمثّل بالضابط الفاشي) وفي هذا النطاق حقق نجاحاً.

 تقييم السيناريو: *** (من خمسة)                تقييم الفيلم: *** (من خمسة)

 

The Queen “الملكة”

 السيناريو: بيتر مورجان            المخرج: ستيفن فريرز

على الرغم من كل الحفاوة، المتمثّلة بكل تلك الجوائز التي حصدها الفيلم حتى الآن، لا يزال صعب عليّ تحديد مكامن القيمة السينمائية (ولا أقول الفكرية او السياسية) في هذا العمل كتابة وإخراجاً. القصّة قائمة على إيضاح موقف الملكة اليزابيث من حادثة موت الأميرة ديانا انطلاقاً من كره الملكة للأميرة واعتبارها لا تمثّل العائلة الملكية بعد انفصالها عن زوجها، ثم إيضاح موقف توني بلير من الملكة تبعاً لذلك. ومسعاه لكي يعرّف الملكة على مواقع الخطأ الذي ترتكبه بتجاهل مطلب الشعب البريطاني بأن تكون الجنازة ملكية.

كتب مورجان السيناريو بأسبوعين ومن دون مراجع، لكن المشكلة ليست هنا، بل في أن الفيلم يعتمد بشكل مكثّف على المواد الوثائقية المصوّرة ما يجعله درامياً محدود الآفاق. يحسن الكاتب قراءة تلك العلاقة المتوتّرة بين الملكة ورئيس وزرائها، لكن الناتج في النهاية أقل مما يجب. وهذا رأي شخصي.

تقييم السيناريو:                                    تقييم الفيلم:

 

أوراق ناقد.. أيام عربية أفضل

بعد أقل من شهر تبدأ العروض التجارية الأمريكية للفيلم الجزائري  الفرنسي “أيام المجد” او “بلديون” لرشيد بوشارب. وفي حين هناك تناول جديد للفيلم في مكان آخر من الصفحة الا أن الرغبة هي القول إن لا أحد يتوقّع أن يتقاطر الأمريكيون لمشاهدة هذا الفيلم ويرفعون من إيراداته كثيراً. لكن ذلك لا يهم. بمقدار أهمية المناسبة ذاتها، مناسبة وصول فيلم عربي الى العروض التجارية في بلد معروف كم هو مغلق على نفسه بحواجز من صنع ثقافته ونمطية تفكير بعض من فيه. هذا الفيلم الذي يفتح عين الأمريكيين على المساهمة العربية في تحرير فرنسا، كما فتح عين الفرنسيين على ذلك، خير دعاية عربية في هذه الآونة، كما كان فيلم هاني أبو أسعد “الجنّة الآن” في العام الماضي. وكما بات معروفاً كلاهما رشّح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي. لم ينلها فيلم هاني بسبب اللوبي الصهيوني فهل ينالها “أيام المجد”؟ سننتظر ونرى. لكن الأهم ربما هو التالي:

إذا ما وصل الفيلم الى العروض العربية، أرجو أن لا تتوانى عن حضوره. عيب أن يشاهده الأمريكي ويغيب عنه العربي!

قائمة “برلين 2007”

هناك فيلم “إسرائيلي” عن الحرب العربية  “الإسرائيلية” الأخيرة في يوليو/ تموز المالي أخرجه يوسف شيدار بعنوان “بيوفورت” ويعرضه مهرجان برلين في مسابقته التي ستنطلق في الثامن من الشهر المقبل. هذا الفيلم من بين ثلاثة أفلام أضيفت الى قائمة أفلام المسابقة، بذلك أصبحت هذه القائمة تتكوّن من الأعمال التالية: “الآخر” (أرييل روتر- الأرجنتين)، “ضائع في بيكينج” (لي يو- الصين)، “ملاك” (فرنسوا أوزون- فرنسا)، “بلدة على الحدود” (جريجوري نافا- الولايات المتحدة)، “حلم صحراء” (زانج لو- كوريا الجنوبية)، “لا تلمس الفأس” (جاك ريفَت- فرنسا)، وداعا بافانا (بيلي أوجوست- ألمانيا)، “خصم هالام” (ديفيد مكنزي- بريطانيا)، “أنا سايبورج، لكن هذا لا بأس به” (بارك تشان ووك- كوريا)، “في ذكراي” (سافيريو كوستانزو- إيطاليا)، “إرينا بالم” (سام جاربارسكي- بلجيكا)، “خدمت ملك إنجلترا” (ييري منزل- التشيك)، “الحياة ووردة” (أوليفييه دهان- فرنسا)، “رسائل من إيوو جيما” (كلينت ايستوود- الولايات المتحدة)، “ملاحظات حول فضيحة” (رتشارد آير- بريطانيا)، “المزيّفون” (ستيفن روزيفتيز- ألمانيا)، “الألماني الصالح” (ستيفن سودربيرج - الولايات المتحدة)، “شهود العيان” (أندريه تاشيني- فرنسا)، “العام الذي ذهب فيه والداي الى العطلة” (شاو همبرجر- برازيل)، “زواع تويا” (وانج كوانان- الصين)، “عندما يسقط رجل في الغاية” (رايان إسلنجر- كندا)، “ييلا” (كرستيان بتزولد- ألمانيا).

رسالة

الصديق القارئ حامد محمّدي بعث برسالة جديدة يقول فيها: “أود السؤال عن ترجمات الأفلام السينمائية على الإنترنت، والسبب في سؤالي هذا هو أنني حصلت أخيراً على الفيلم الإيطالي “رواية جريمة” الذي كنت أبحث عنه وقد ذكرته لك في أكثر من رسالة ماضية، ولكن للأسف لم أحصل على ترجمة له. لذلك أرجو أن يكون لديك معلومات حول ترجمة هذا الفيلم باللغة العربية وأن تزوّدني بها مشكوراً. وأود أن أسألك أيضاً عن السينما الإلكترونية وهو ما يتعلّق بالسينما على الإنترنت، من أفلام ومجلات سينمائية ومنتديات الخ..”.

وللقارئ الصديق أقول: لا علم لي بكيف يمكن أن تفيدك مسألة ترجمة الفيلم على الإنترنت. الرسالة ما زالت غير واضحة رغم إرسالك السؤال مرّتين. إذا كنت تريد إرسال الفيلم نفسه الى الترجمة، وهو أمر مكلف، ولا أعتقد أن “رواية جريمة” يستحقّه، فيمكن اللجوء الى مترجمي أفلام تجد أسماءهم في نهاية الأفلام المعروضة على الشاشة (ولا أملك معلومات عنهم كوني أعيش في الغرب).

بالنسبة للسؤال الثاني، يمكنك الذهاب الى: http://www.artslynx.org/film/journals.htm  حيث قائمة ب 72 موقعاً لمجلات ومواقع سينمائية متخصصة تختار منها ما تشاء. 

م. ر 

"أيام المجد" احتفاء بالعرب الذين حرّروا فرنسا  

يحمل إخراج “أيام المجد” او “بلديون” لرشيد بوشارب، بصمات افلام الخمسينات والستينات الأمريكية الحربية. الشخصيات المثيرة للحماس والفضول والفوضى والتأييد والنفور واجتمعت في رحى معارك تحمل قضية تحرير أرض من محتلّيها. كل معركة تنقل كل هذه الشحنات الى خط أبعد وصولاً الى الموقعة الأخيرة التي فيها تتجلّى المعاني بكاملها التي تبقى لما بعد نهاية العرض. خلال هذه المعالجة يتسنى للكاتبين أوليفييه موريل ورشيد بوشارب توفير الدعم الكامل لمواقف تقودها الشخصيات ومشاكلها الإنسانية التي تطرح فيما تطرح مسائل العنصرية والتفاوت في التقدير والتصنيف وتجسيد المعنى الشامل المطلوب تعزيزه وهو أن تحرير فرنسا، وعلى عكس ما تصوّرت الغالبية، لم يعتمد على الجيش الفرنسي (الأبيض) وحده، بل على المساهمة العربية والإفريقية التي خاضها فيلق مؤلف من هؤلاء وخاض المعارك جنباً الى جنب حيناً وأخرى انفرد بها وتكللت بنجاح فاصل.

يبدأ الفيلم بتعريفنا بالشخصيات الرئيسية التي، خلال قرار انضمامها الى القوّات الفرنسية، وهي ما زالت في شمال إفريقيا، تعلل ذلك بالسعي للتغيير المطلوب. العريف عبد القادر (سامي بوعجيلة) من المؤمنين بأن المساواة بين المستعمر الفرنسي وبين المغربي يبدأ بالانضمام الى الجيش الفرنسي. آخرون ينشدون العدل والمساواة والحرية ويعتقدون أن دخول الجيش الفرنسي هو الملاذ الوحيد المُتاح لهم هرباً من الوضعية التي يفرضها الاحتلال الفرنسي عليهم كمواطنين خارج فرنسا. البعض الثالث يتداول مسألة الوطنية، معتبراً أن تحرير فرنسا من النازية هو واجب تجاه “الأم الحنون”. كل هذه الاعتبارات تدخل أتون المواقف التي تبرهن على أن تلك المسميّات ليست دوماً من الأمور المسلّم بها او الممارسة تطبيقيا. إذ ينتقل الفيلم الى الموقعة الحربية الأولى يدلل من البداية على شجاعة الجندي العربي، لكن المشهد الحربي الأول من الوهن  تنفيذاً  الى درجة مؤثرة سلباً ولا يمكن القبول به الا إذا كان المقصود البدء بمشاهد حربية عادية التنفيذ الى أخرى أصعب ثم أخرى أصعب وأصعب. هذا ممكن اعتباره على أساس أن السينما الحربية عادة ما تترك المعركة الكبرى والأكثر وقعاً الى النهاية، ولو أن هذا لا يعني أن تأتي الأولى ضعيفة تركيباً وتنفيذاً.

الاهتمام بالطرح الإنساني  السياسي للفيلم يبدأ باكراً حين نتعرّف الى المشادات بين عبد القادر الذي يحاول دفع قائده مارتينيز (برنار بلانسان) لتبنّي حقوق الجنود العرب، لكن بلانسان، المؤلف من نصف فرنسي يحييه ونصف جزائري يزدريه، لا يفعل شيئاً حيال الوضع. الشخصيات الأخرى تجد نفسها في أتون من تجارب الصياغة النفسية والاجتماعية. مسعود (رشدي زم) الذي يعيش قصّة حب مع فرنسية، وسعيد (جمال دبّوس) الذي أجبرته الإعاقة (يده اليمنى مشلولة وهي في الواقع كذلك) على العمل مساعداً وخادماً (أحياناً) لرئيسه الى أن يثور على وضعه وينتقل الى الحرب ذاتها مبرهناً عن جدارته.

هذه الشخصيات وسواها تؤسس قلب الفيلم العاطفي وتجيّش الشعور تجاه شخصياته وبالتالي تجاه رسالته. والمجموعة التي تؤديها تفهم دورها وتجيد فيه وتنجح في تجسيد الرسالة المطلوبة منهم. وكأفلام مشابهة ينقسم الفيلم بهم الى مراحل: الانضمام الى الجيش والتدريب والقتال الأول والمواقف التالية والمختلفة وقتال ثانٍ ومزيد من تلك المواقف وإيصال كل الفيلم الى الفصل الأخير حيث معركة الألزاس التي خاضها الفيلق العربي في الجيش الفرنسي وانتصر فيها على الجيش الألماني، وهي  تنفيذياً  أفضل المشاهد القتالية على الرغم من أن الموقعة ذاتها، الصدام بين الفرقة الألمانية الكبيرة المتقدّمة والأفراد القلائل الذي قرروا التحصّن في القرية ومواجهة الألمان، ليست حاشدة، لكن ما يساعدها على النجاح كان وقع خارجها وهو تجييش شعور المشاهدين لصالح أبطال الفيلم حتى إذا ما وصل الفيلم الى نهاياته كان المتوفّر الوحيد المتاح هو الوقوف الى جانبهم وتقدير تضحياتهم.

ليس هناك ما هو خطأ في ذلك، من ناحيتي الدراما والخطاب السياسي، لكن المرء يتمنّى لو أن الفيلم شُيّد على نحو أقوى. لو أن القصّة احتوت ما يشد الرجال أكثر الى مواقع أهم من مشهد ثورة عبد القادر حول حق الجنود العرب في تناول البندورة والتمرّد الذي يلي ذلك. في هذا المشهد لا يفوتنا المعالجة السهلة تبعاً للكليشيهات في هذا المجال. اللقطات والعبارات والانفعالات المختارة... كلها تبدو منسوخة للغاية عوض أن تؤلف تلك الغاية فعلياً بلقطات تبتدع الموقف المطلوب وتحفر اختيارات فنية بديلة لتلك المستخدمة.

الخليج الإماراتية في 28 يناير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك