سينماتك

 

بمناسبة احتفالها بمئويتها

السينما المصرية في دوامة العشوائية والاحتكار

تحقيق ــ علا الشافعي

 

 

 

 

ما كتبته

جديد حداد

خاص بـ"سينماتك"

 

صفحات خاصة

أمين صالح

عبدالقادر عقيل

يوخنا دانيال

 

حول الموقع

خارطة الموقع

جديد الموقع

سينما الدنيا

اشتعال الحوار

 

أرشيف

إبحث في سينماتك

 

سجل الزوار

إحصائيات استخدام الموقع

 

 

 

سينماتك

 

برغم أن السينما المصرية تحتفل بمئويتها هذا العام إلا أنها لاتزال تعاني مشاكل يصعب تصديقها‏,‏ فالخلافات بين كبريات شركات الإنتاج التي تزداد يوما بعد يوم أكدت أن السينما صناعة لا تعرف القوانين‏,‏ ولاتزال تعتمد علي الأعراف‏,‏ هذا ما يؤكده تفاقم الخلافات بين الكيانين اللذين يتحكمان في الإنتاج والتوزيع ودور العرض‏,‏ إضافة إلي النجوم‏,‏ وهما الشركة العربية‏,‏ التي تترأسها إسعاد يونس‏,‏ وتكتل الثلاثي الفن السابع وهم أوسكار والماسة وأفلام النصر‏,‏ والمفارقة أن غرفة صناعة السينما وقفت مكتوفة الأيدي أمام خلافات الشركات الإنتاجية‏,‏ والتي أصبح كل منهما يكتفي بعرض أفلامه في دور العرض التابعة له‏,‏ دون أخذ أفلام من الشركة الأخري‏,‏ ليس ذلك فقط‏,‏ بل قامت كل شركة بإصدار أرقام تؤكد تصدر إيرادات أفلامها لشباك التذاكر‏,‏ علي الرغم من الاجتماعات التي عقدت بمقر الغرفة في محاولة للتوصل إلي حل يرضي الطرفين‏.‏ وللأسف لم يحدث شئ‏,‏ بل تطورت الأوضاع إلي الحد الذي دفع رئيس الغرفة منيب شافعي لأن يستنجد بوزير المالية طالبا أن تحصل الغرفة علي أرقام الإيرادات الحقيقية من الضرائب بعيدا عن الأرقام المضروبة‏,‏ وإذا كانت السينما تشهد مثل هذه الأزمات من الموسم الصيفي الماضي‏,‏ والتي ألقت بظلالها علي الموسم الحالي‏,‏ وأيضا موسم منتصف العام‏,‏ إذ تم تأجيل أكثر من ثمانية أفلام جاهزة للعرض والاكتفاء بعرض فيلمين فقط هما مهمة صعبة‏,‏ وآخر الدنيا‏,‏ في محاولة من الشركتين لتعويض خسارتيهما‏,‏ ويصبح السؤال‏:‏ ماذا عن مستقبل السينما في ظل احتكار الشركتين لدور العرض؟ وماذا يفعل المنتجون الصغار والذين لا يمتلكون دور عرض؟ وأين دور الدولة في تنظيم الصناعة؟

أزمة الغرفة

ليس بجديد أن غرفة صناعة السينما لا تملك الحل أو الربط‏,‏ فيما يتعلق بأزمات السينما‏,‏ خصوصا أن أغلب أعضاء مجلس إدارة الغرفة من المنتجين والموزعين أصحاب المصالح المتضاربة في السوق‏,‏ لذلك أصبحت المسألة مقسمة إلي جبهات‏,‏ وفي هذا السياق يؤكد رئيس غرفة صناعة السينما منيب شافعي أن الغرفة تحاول قدر الإمكان التوصل إلي حلول بين الأطراف المتصارعة‏,‏ برغم عدم انصياعهم لما يتم الاتفاق عليه‏,‏ ورفضهم إعلان الأرقام الحقيقية للإيرادات‏,‏ لذلك لجأنا إلي وزارة المالية في محاولة للحصول علي الأرقام الحقيقية لأن المسألة تتعلق بتاريخ السينما وليس فقط بتنظيم الصناعة‏.‏

وبرغم كلام شافعي وتأكيده أن الغرفة تحاول جاهدة القيام بدورها إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك تماما‏,‏ فالمتحكم في مواعيد عرض الأفلام أو رفعها من دور العرض هم المنتجون والموزعون‏,‏ ولا تستطيع الغرفة أن تلزم أحدا بأي قرار‏.‏

غياب القوانين

ما يحدث من أزمات بين شركات الإنتاج هو أمر طبيعي وسبق ونبهنا إلي أن ترك الأمور بدون تنظيم سيؤدي إلي حالة من الفوضي والكلام للفنان محمود حميدة‏,‏ والذي يمتلك شركة إنتاج وحوربت أفلامه أكثر من مرة توزيعيا وتم رفعها من دور العرض وآخرها ملك وكتابة‏.‏

أضاف حميدة أن صناعة السينما المصرية لا تعرف القوانين والعلاقة بين القائمين عليها تنظمها مجموعة من الأعراف أصبحت بلا معني‏,‏ بحكم اختلاف الأنماط الإنتاجية وتغيير المفاهيم التي تحكم السوق‏.‏

ولقد بح صوتنا من الحديث في هذا الموضوع ومطالبة الدولة بضرورة التدخل لوضع قوانين تنظم صناعة السينما والتي هي بالتأكيد تختلف عن باقي الصناعات‏,‏ فأي خلاف يحدث بين اثنين من المنتجين مثلا يحول إلي المحكمة العادية‏,‏ ومن الطبيعي أن نجد القاضي يحكم بعدم الاختصاص‏,‏ فالسينما مصدر مهم من مصادر الدخل القومي‏,‏ طالما كانت تمثل الدخل الأكبر للاقتصاد القومي بعد صناعة القطن‏.‏

فلماذا نستهين بها إلي هذه الدرجة ونتعالي عليها؟

بنفس وجهة النظر يتحدث المنتج محمد العدل‏,‏ إلا أنه يلقي بالعبء كاملا علي غرفة صناعة السينما والتي يصفها بالعجز التام‏,‏ عن إصلاح حال السينما ويتساءل ماذا يفعل هو وغيره من المنتجين الذين لا يملكون دور عرض؟ وماذا عن أفلامهم التي أصبحت تنتج بوجوه جديدة؟

وكيف ستأخذ فرصتها في السينمات؟ لاسيما أن من يتحكم في مواعيد نزول الأفلام هما شركتين لا ثالث لهما‏,‏ وهذا ما أكدته الأزمة الأخيرة من تضارب في الإيرادات‏,‏ وحرب البيانات بين الشركتين‏,‏ وهي ظواهر جديدة علي صناعة السينما ولم نكن نعرفها سابقا‏.‏

في كل دول العالم صناعة السينما تملك قوانينها الخاصة وبنظرة سريعة سنجد أن الشركات الكبري في أمريكا مثلا فوكس ووارنر لا تملك دور عرض تابعة لها‏,‏ لأنه لا يصح أن يكون المنتج هو الموزع‏,‏ لكن صناعة السينما المصرية وحدها هي التي تشهد هذه الظاهرة‏,‏ لذلك فالصناعة الآن أصبحت في حالة فوضي‏,‏ المنتج هو الموزع‏,‏ لذلك فمن مصلحته أن يعرض إنتاجه في أكبر عدد من دور العرض‏,‏ وللمدة التي يجدها لصالحه‏,‏ بغض النظر عن باقي الأفلام وضرورة أن تأخذ فرصتها الحقيقية‏,‏ وانطلاقا من ذلك يؤكد المنتج كامل أبوعلي‏-‏ أفلامه يوزعها تكتل الفن السابع‏-‏ أن ما حدث من تضارب في الإيرادات كان هدفه الأساسي أن يؤكد كل جانب علي تفوق نجمه‏,‏ والذي يرغب في تثبيت أقدامه في شباك التذاكر‏,‏ لكن لا يصح أن نبخس أحدا حقه ولا يستطيع أحد أن ينكر أن فيلمنا مطب صناعي للنجم أحمد حلمي هو الأعلي إيرادا‏,‏ ليس لأنني منتج فيلمه‏,‏ لكن تلك هي الحقيقة‏.‏

واسترسل ما حدث يضر بصناعة السينما ليس ذلك فقط‏,‏ بل يغرق النجوم في صراعات شخصية مما ينعكس علي جودة الأعمال التي تقدم‏,‏ وسيصبح معيار ما يعرض هو الأكثر إيرادا بعيدا عن الجودة‏.‏

ومن وجهة نظري أري أن الحل المثالي لهذه الأزمة هي أن تتغير القاعدة ويتم استبعاد المنتج من التوزيع حتي لا يصبح الاحتكار هو سيد الموقف‏,‏ ولا تظهر المزيد من التحالفات والتكتلات‏,‏ فأي منطق يقول أن تسيطر شركتان فقط علي سوق العرض؟

أما المخرج الكبير رأفت الميهي فجاء تعليقه مليئا بالمرارة‏,‏ خصوصا أنه من أكثر المخرجين الذين تضرروا من احتكار الشركات الكبري‏,‏ حيث تعرض فيلمه قبل الأخير علشان ربنا يحبك للظلم علي أيدي أصحاب دور العرض ولم يستطع إنهاء فيلمه الجديد إلا بعد سنوات بسبب العشوائية التي أصبحت أهم سمات صناعة السينما‏,‏ مما أدي إلي توقفه عن الإنتاج‏.‏

أكد الميهي أنه يأسف للحال المتردي الذي وصلت إليه صناعة السينما موضحا أنه طالما طالب هو وزملاؤه من المخرجين بضرورة فصل الإنتاج عن التوزيع‏,‏ وشدد علي دور الدولة في وضع قوانين تحكم الصناعة وتناسب التطورات التي أصبحت تحكم السينما في كل دول العالم‏,‏ للأسف أصبحنا نكرس للإسفاف أكثر بعيدا عن الإبداع الحقيقي وضرورة الاهتمام به‏,‏ فأبسط حق للمخرج أن يشاهد فيلمه وسط جمهوره‏.‏

وأضاف إذا لم يتم التدخل في هذا التوقيت لحسم الأمور ووضع حد لسيطرة الشركات الكبري‏,‏ فالقادم سيكون أسوأ ولن يشاهد الجمهور إلا الأفلام التي يرغب هؤلاء في عرضها‏,‏ وهو ما يحدث منذ سنوات‏,‏ وسيجلس نجوم في منازلهم لأن كل كيان سيعمل علي فرض وتثبيت نجومه أكثر من الآخر‏.‏

وبرغم الأزمة المتصاعدة بين الشركتين‏,‏ فإن كل المؤشرات تؤكد أن الموسم المقبل سيكون أسوأ بكثير في ظل تخاذل الأطراف المنوطة عن تأدية واجباتها‏.‏ لاسيما أن هناك زيادة حقيقية في عدد الأفلام التي تم تأجيلها أو يتم تصويرها حاليا‏,‏ في حين أن دور العرض تشهد زيادة بطيئة ولا أحد يعرف مصيرها من العرض‏,‏ وبالتأكيد سيتم التضحية ببعضها لصالح الأخري‏,‏ في ظل غياب التنظيم‏,‏ ويبقي الأمل معقودا علي ظهور شركات أخري تسعي إلي خلق نوع من التوازن في سوق السينما مادامت الدولة رفعت يدها تماما عن تنظيم هذه الصناعة‏,‏ والضحية في نهاية الأمر هم المنتجون الذين لا يملكون دور عرض‏,‏ والنجوم الذين لا ينتمون إلي أي من الشركتين والذي أصبح كل شئ في صناعة السينما خاضع لرغبتيهما‏,‏ وهذا ضد طبيعة الأشياء والطفرات التي تشهدها السينما المصرية من ظهور أفلام مستقلة‏,‏ فبالتأكيد ستقضي عليها الشركات الكبري‏*‏

الأهرام العربي في 27 يناير 2007

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سينماتك