يطل علينا الفنان نور الشريف بفيلم (الهروب الى القمة ـ
1995)، أمام إلهام شاهين وسعيد عبد الغني وعايدة رياض، وهو من إخراج عادل الأعصر.
والفيلم توليفة ميلودرامية تقليدية، تدور حول شخصية سيد الهوا، وهو لص
صغير يهرب من مطاردة الشرطة ليقع في يد أحد رجال الأعمال الذي كان يبحث عن
وجه جديد لعملياته التجارية غير المشروعة. وينتحل سيد الهوا شخصية جديدة
وشكل جديد ليرتفع في سلم السياسة والمجتمع كواجهة للفساد. هذه الفكرة
الرئيسية للفيلم، إنما الفيلم كأحداث درامية، فهو زاخر بالكثير من
التوليفات والمغريات التجارية التي يوجهها الفيلم للجمهور العريض لكسب
تعاطفه مع شخصياته.
يحكي الفيلم عن سيد الهوا (نور الشريف) الميكانيكي الفقير الذي يستغله الهجامة في فتح الخزائن في مقابل بضع جنيهات يتعيش منها هو ووالدته المريضة. وبالرغم من إعلانه التوبة، إلا أنه يظل لصاً في نظر الشرطة. حيث يتم
القبض عليه كلما وقعت سرقة في أحد المنازل لينال عقابه. صحيح بأنه ليس
لصاً بطبعه، إلا أن اللصوص يستغلون حاجته الشديدة للمال لعلاج والدته.
فهو إنسان بسيط وطيب القلب، إلا أن قسوة ضابط الشرطة همام (نبيل الحلفاوي)
يجبره على الرجوع للسرقة للإنتقام. فبعد أن يهاجم همام بيت سيد ويضربه
ويهينه أمام والدته، والتي بدورها لا تتحمل كل هذا يحدث أمامها وهي التي
تعرف بأن إبنها بريء، تصاب بصدمة وتموت. ويدفعه موت والدته الى إقتحام
منزل همام بدافع السرقة والإنتقام. ولكنه يفاجأ بالزوجة داليا (إلهام
شاهين) خارجة من الحمام شبه عارية لتثير غرائزه فيحاول إغتصابها ويهرب.
وأثناء هروبه ينجو من حادث سيارة ويختفي على إثر الحادث، بعد أن سجل في
عداد الأموات.
هنا يبدأ خط جديد للفيلم، يستغله السيناريست ويصنع منه ميلودراما سوداوية
تقليدية. فبعد الحادث يكتشف همام بأن زوجته حامل بعد أن ظلت بدون إنجاب
طوال الجمس سنوات على زواجهما. مما يجعل الشك يتسرب إليه بأن الإغتصاب لم
يكن محاولة وإنما تم بالفعل، فيطلب من زوجته التخلص من الجنين ولكنها ترفض، ليفرق بينهما الطلاق.
أما سيد الهوا فيظهر بشخصية جديدة في المجتمع، بعد أن إختفى عند صديقته
القديمة شهد (عايدة رياض)، والتي بدورها تقنعه على عمل عملية تجميل
بالكومبيوتر، ليتغير شكله وملامحه تماماً، ويصبح له إسماً جديداً وهو رجل
الأعمال الكبير (وجدي الزيني)، وليكون واجهة جديدة لمافيا تجارة القمح
بقيادة شهد وصديقها الجديد (سعيد عبد الغني). وبمرور الزمن يصبح سيد الهوا
(وجدي الزيني) واحداً من كبار المستثمرين، ويستضيفه التليفزيون وتجرى له
عدة حوارات صحفية، ومنها تتعرف عليه داليا بصفتها الصحفية وهي لا تعلم
بأنه اللص الذي حاول إغتصابها. وتصل الأمور الى أكثر من هذا، حيث تتكون
بينهما علاقة حب. وبعد أن يصبح عضواً في مجلس الشعب، يصحو ضمير سيد الهوا، ويرفض أن يلغي عقله على طول الخط، بل ويرفض أسلوب شركاء السوء في
التصفية الجسدية للتخلص من خصومهم. ويدخل في مشاحنات معهم، ويعلن بأنه لن
يتردد في إعلان حقيقة شخصيته مهما كلف الأمر من تضحيات. وبالذات عندما
يتضاعف إحساسه بأنه يخدع الجماهير التي أحبته وإلتفت حوله وجعلته عضواً في
مجلس الشعب. وأمام جمع غفير يكشف رجل الأعمال (وجدي الزيني) الحقيقة وكل
الحقائق التي عرفها من تعامله مع الكبار والمرتشين، ليكون ذلك هو نهاية
حياته برصاصة مصوبة بإتقان من أعدائه المتضررين بكشف كل هذه الحقائق.
في فيلم (الهروب الى القمة) نحن أمام عمل تقليدي، وفيلم آخر من ميلودرامات
السينما المصرية. فالسيناريو إعتمد في صياغة شخصياته وأحداثه على نفس التيمة القديمة في البناء الدرامي التي تعود عليها المتفرج العربي. ليس
هناك أي كسر لتلك التقاليد البالية التي عفى عليها الزمن. ربما هناك بناء
متماسك أحياناً في رسم الشخصيات وصياغة الأحداث، إلا أنه لم يتجاوز نطاق
الدراما التقليدية، ولم يأتي بجديد يذكر .
كذلك جاء الإخراج.. متناسباً لذلك السيناريو، ولم يحاول المخرج تطويعه
والخروج به من التقليدية. ربما تكون هناك لمحات فنية نجح المخرج في
تنفيذها، إلا أنها لم تنقذ الفيلم من الوقوع في القالب القديم. وهناك
إدارة جيدة من المخرج لفريقه الفني من فنانين وفنيين، خصوصاً إدارته
للممثلين.. حيث جاء أداء نور الشريف مقنعاً، ولو أن هذا الدور ليس جديداً
عليه، حيث شابه دوره في فيلم (أهل القمة). كذلك إلهام شاهين ونبيل الحلفاوي وعايدة رياض وسعيد عبد الغني، الذين قدموا أدوارهم حسب ماهي
مرسومة في السيناريو. |