فيلم (اعدام قاضي)، واحد من الافلام التجارية الكثيرة التي اخرجها أشرف فهمي. وهو هنا كاتب القصة ايضاً،
يقدم من خلاله توليفة محبوكة من العنف والاثارة والسياسة.. الفيلم من بطولة
عزت العلايلي ويحيي الفخراني وجالا فهني (ابنة المخرج) في اول بطولة لها في
السينما.
في البدء يمكن القول بانه ليس من العيب ان بكون تصوير الفيلم بكامله داخل اماكن مغلقة، وهذا مافعله مخرجنا في فيلمه هذا، ففي الامكان ان يحنوي
الفيلم على موضوع يتدفق بالحيوية، ويكون لهذه الاماكن المغلقة دوراً
فعالاً في صنع الاحداث الدرامية. وفيلم أشرف فهمي هذا لم تخرج فيه
الكاميرا الى الشارع تماماً، او حتى الى اي مكان مفتوح. فالفيلم صور اما
في شقق فاخرة او مكاتب الامن والمحامين والشركات إضافة الى قاعة المحكمة..
إذاً اين يكمن العيب؟!
يوحي عنوان الفيلم بقصته، حيث لنا ان نتصور من ايقاع الاسم، بانه لابد ان
يكون هناك قاضي سوف يحكم في قضية يفقد على اثرها حياته. وطبعاً الفيلم لا
يخذل المتفرج. ويحكي الفيلم عن قاض يبت في قضية امنية حسب ما يمليه عليه
القانون، لكن الجهات الامنية والمحكمة المتمثلة في رفيق الحناوي (عزت
العلايلي) تحاول تحاشي هذا الحكم ونتائجه، وذلك باعدام القاضي بحذفه من
شرفة شقته علي اساس انه انتحر. بعد ذلك تظهر عناوين المقدمة، لتكون
فاصلاً زمنياً طويلاً، لنرى بعده إبنة ذلك القاضي (جالا فهمي) تبحث لتثأر
لوالدها، بالرغم من مرور عشرين عاماً على الحادث. بعد هذه السنين يعود
رفيق الحناوي الي البلاد وفي جعبته مشاريع استثمارية يروج لها مع خادمه
المطيع المحامي (يحيي الفخراني)، والذي اشترك معه في جريمته القديمة،
عندما زور تحقيق النيابة في حادثة قتل القاضي. يقدم لنا الفيلم فلاش باك
طويل ليثبت لنا هذه الحكاية.
كل هذا واحداث الهامة لم تبدأ بعد، فهي تبدأ بعد عدة لقاءات بين المحامي
وابنة القاضي، التي تقنعه فيها بالتعاون معها لقتل والانتقام من الحناوي.
فكان لابد من قيامه بتدبير خطة جهنمية بحكم خبرته بالقانون للتخلص من
الحناوي، لكن هذا الاخير وبمساعدة بعض اصدقائه القدامى في جهاز الامن
يكتشف الخطة، ويرسم خطة مضادة. الا ان الفيلم وصانعوه يفاجؤوننا ايضاً
بنهاية ملفقة، يقتل فيها الحناوي والمحامي وتنجو الفتاة الخارقة، مراعاة
لمشاعر المتفرج الذي تعاطف مع هذه الفتاة ومأساتها.
هذه النهاية التلفيقية المفتعلة تتماشى ومنطق الفيلم، الذي يقول بالحل
الفردي ويعتبره الطريق الامثل والوحيد لتحقيق العدل الاجتماعي والسياسي.
صحيح بان هناك زعم من الفتاة بانها لاتحارب وحدها بل هناك قطاع كبير من
الشرفاد يقف في صفها، الا ان هذا الزعم لا يتحقق او لا يتحول الى علاقات
داخل الفيلم، وبذلك يفقد مصداقيته ويفقد قضية اغتيال القاضي طابعها العام، لتبدو كما لو كانت قضية انتقام شخصي من مجرم، من الممكن ان يكون تاجراً
للمخدرات او مزور او غير ذلك.
ان صبغ الاحداث بفترات زمنية معينة قد اعطى لهذا الفيلم اهمية لم يكن
يستحقها، وفي ظل هذه التوليفة الدرامية التي اضفى عليها المخرج طابع
الاثارة وختمها بتلك النهاية المأساوية التي يلعب القدر فيها دوراً كبيراً.
في فيلم (اعدام قاضي) ادى يحيي الفخراني دوره باتقان واستطاع ان يشيع جواً
من الحيوية في المشاهد التي ظهر فيها. كما استعان عزت العلايلي بخبرته
الطويلة في تجسيد دور الرجل الجنتلمان الدي يخفي وراءه ماضٍ مليء بالعنف
والتسلط. اما جالا فهمي فلم تحقق الشيء الكثير، وبدت وكأنها تحفظ الحوار
بدون معايشة للدور، كما يبدو على ملامح وجهها. ولعل المتفرج يشعر بتلك
الفجوة التي بين ممثلة جديدة وبين امكانيات الدور الذي بدى اكبر من
امكانياتها وتجربتها المتواضعة.
يبقى ان نقول بان هذا الجهد الفني التقني في فيلم (اعدام قاضي) قد ضاع
تماماً امام موضوع تلفيقي هزيل.
|