في موضوعنا هذا سنتناول الفيلم
التلفزيوني (آسفة أرفض الطلاق- 1985) للمخرجة "إنعام محمد علي" والذي
شاهدناه مؤخرا على شاشة القناة الفضائية المصرية. وإنعام محمد علي تعتبر
من المخرجات البارزات في التلفزيون المصري، وأعمالها تشهد لها بالجودة
والقدرة على تلمس الواقع الاجتماعي للأسرة والمجتمع. فقد قدمت مسلسلات
تلفزيونية مثل. حتى لا يختنق الحب، هي والمستحيل، دعوة للحب، حصاد العمر.
وقدمت سهرات تلفزيونية أبرزها "أم مثالية" وجميع أعمالها تهتم بقضية المرأة
ودورها في قيام الأسرة الناجحة. تقول المخرجة إنعام في هذا الصـدد "صحيـح
أن معظم مسلسلات تعالج قضايا المرأة، إلا أنني لست متحيزة للمرأة لأنني لا
أدافع عن المرأة فقط، بل أدافع عن المجتمع كله، أنا متحيزة لمجتمع متحضر،
يدفع عنه تهمة التمييز بين الرجل والمرأة. تلك التهمة التي مازالت قائمة في
مصر والوطن العربي "آسفة أرفض الطلاق" يعتبر أول تجاربها الفيلميـة لافلام
التلفزيون كتب قصة الفيلم "حسن محسن" وصاغ السيناريو والحوار "نادية رشاد
". وقد آثار الفيلم ردود فعل قوية ومؤيدة للفكرة الجريئة التي طرحها.
يقدم لنا الفيلم شخصيـة الزوجة الهادئة الطيبة "منى" (ميرفت أمين)، التي
تهب وقتها لزوجها وتربية ابنتها الوحيدة وتسعى بإخلاص لراحتها. وتعتبر
حياتها مع زوجها "عصام" (حسين فهمي) كل ما في مجتمعها. ولكن زوجها يفاجئها
في العيد العاشر لزواجهما بأنه يريد الانفصال عنها وبهدوء. ومن الطبيعي أن
تشعر في هذه اللحظة بأن كل شئ انتهى، وكل أحلامها وكبريائها والإنجازات
التي حققتها على مدى عشر سنوات، قد تحطمت بكلمات قليلة تفوه بها
الزوج. عندها لا تملك إلا أن ترفض هذا الطلاق بكل قوة لديها استمدتها من
سنوات السعادة التي قضتها معه. إنها ترفض هذا الطلاق بدون معرفة الأسباب
التي جعلته يتخذ هذا القرار المفاجئ وبعد أن تفيق من الصدمة لا تجد معها
سوى والديها وصديقتها "هناء" (نادية رشاد أ أستاذة القانون التي آثارها
الموقف الذي تقف فيه صديقتها، وبدأ الجدل في هذا الموضوع يثير اهتمامها
بشكل كبير، حيث لم يكن يفارقها التفكير فيه لا في البيت ولا
في الجامعة وبرز أمامها تساؤل وحيد هو هل من حق الزوج أن يطلق زوجته بدون
استشارتها، مع العلم بأن القوانين التشريعية والوضعية تكفل للزوج هذا الحق.
لذلك تنصح صديقتها منى باللجوء إلى القضاء لاستعادة روجها ا بل وتقرر في
نفس الوقت الترافع عنها بعد أن ضحت بعملها في الجامعة بدافع عشقها للعدالة
الاجتماعية، وتبنيها لقضية صديقتها كمثال للتعسف في استخدام الحق من قبل
الزوج، فالاسرة كائن حي أيضا. وبالرغم من إثارة هذه القضية أمام الرأي
العام من خلال وسائل الأعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، إلا أن أستاذة
القانون لا تنجح في إقناع المحكمة بعدالة قضيتها، ولكنها تنجح في عودة
الزوج لزوجته طالبا السماح، وإنه سيعوضها عن كل شئ ضاع وينتهي الفيلم بهذه
العبارة علي لسان الزوجة، " اللي ضاع مايتعوض". اللي ضاع إحساسي بالأمان ".
بالرغم من قوة الفكرة وجرأتها التي اعتمد عليها الفيلم في نجاحه، إلا أن
السيناريو قد أخفق في بعض الأحيان. فقد اتسم
الفيلم بالمشاهد الطويلة والحوار المسترسل والرتابـة المملة، خصوصا قبل
معرفة الزوجة بقرار الزوج هذا. وقد حاولت المخرجة تجنب هذا الترهل في
المشاهد باستخدامها للمونتاج السريع واللقطات القريبة التي تعكس التعبيرات
الدقيقة على وجوه الشخصيات. هذا إضافة إلى أن السيناريو لم يقنعنا تماما
بموقف الزوج من جراء اتخاذ قرار خطير كهذا ليترك زوجته الشابة والجميلة
والثرية والتي تحبه في نفس الوقت وتتفانى في خدمته، لمجرد إنه يحب امرأة
أخرى كانت حبه الأول وحتى لو كان هذا التصرف عبارة عن نزوة طارئة فلا يمكن
أن تأتي من فراغ بل لابد أن يكون لها مبررات تتعلق بتفاصيل و حياة الأسرة
والفيلم، إخراجا، لم يخرج عن نطاق الحيز التلفزيوني، حيث كانت أغلب مشاهده
صورت في غرف مغلقة، كعادة التصوير في المسلسلات، ماعدا لقطات قصيرة جدا في
النادي والسيارة. واهتم الفيلم باللقطات القريبة بشكل لافت للنظر باعتباره
ينتمي للتلفزيون. وقد ساهم ؤ نجاح تجربة إنعام محمد علي هذه وتقديم رؤيتها
الفيلمية الأولى وجود موضوع جديد وجرئ ذي فكرة فنية جيدة. وتظل النهاية
المفتوحة وغير التقليدية من أهم ما وصل إليه الفيلم من نتائج إيجابية حيث
لم يبين للمتفرج هل عادت الزوجة لزوجها أم أنها رفضت العودة إليه مثلما
رفضت رغبته في الطلاق سابقا أن الفيلم هنا يدق جرس الإنذار في وقت ألغي فيه
قانون الأحوال الشخصية الذي صدر في عام 1979، وفي غيبة من البرلمان الذي
رفض من قبل المحكمة الدستورية العليـا. ليتجدد الحوار مرد أخرى حول علاقات
الرجل بالمرأة في المجتمع المصري. |