الفنان الظاهرة عادل إمام،
قام ببطولة أفلام كثيرة ومتنوعة المواضيع. كوميدية وميلودرامية وإجتماعية
وبوليسية وغيرها. وقام بأداء كل الشخصيات، طالب ومهندس طبيب ومحامي وصحفي
ومجرم وشرطي، ولم يدع شخصية إلا وقدمها في أحد أفلامه الكثيرة. وفيلم (خللي بالك من عقلك ـ 1985) قام فيه بدور
طالب علم نفس، أمام الممثلة شيريهان و جلال الشرقاوي وأحمد بدير. والفيلم
من إخراج محمد عبد العزيز.
يتحدث الفيلم عن وائل (عادل إمام) الذي يعمل جرسوناً في أحد المراقص، وفي
نفس الوقت يدرس علم نفس في كلية الآداب، ومن الطبيعي أن يذهب الى إحدى
المستشفيات النفسية لممارسة الجانب التطبيقي من الدراسة.. وهناك يلتقي
بالمريضة سلوى (شيريهان)، التي تتعلق به من جراء الإهتمام الزائد منه
تجاهها. في البداية يكون هذا الإهتمام بمثابة عطف وشفقة، ومن ثم يتحول
هذا الشعور الى حب متبادل، وبالتالي تتحسن حالة سلوي النفسية. وفي نفس
الوقت يكون هناك الدكتور توفيق (جلال الشرقاوي) متابعاً لتطورات هذه
العلاقة، ويحاول منع إستمرار هذه العلاقة، فينقل وائل الى عنبر الرجال
بالمستشفى، محاولة منه لإبعاد وائل عن سلوى، ولكنه يفشل في ذلك، حيث
يتسلل وائل الى عنبر النساء ليلتقي بسلوى، وتخبره بأن خالتها ما زالت تعيش
في الإسكندرية، فيذهب إليها بحثاً عن ما يساعد سلوى، ولكنها لا تعطيه
معلومات كافية. يواصل البحث الى أن يتوصل الى أن والدة سلوى قد تورطت في
علاقة مع رجل رفض الزواج منها، لذا إضطرت من الزواج برجل آخر وهي حامل،
مقابل أن تكون له حرية التصرف في أموالها. وبعد أن تموت والدة سلوى،
يستولي هذا الزوج على كل شيء ويدعي بأنه والد سلوى، إلا أنه يحاول الإعتداء على سلوى، فتنهار وتلحق بمستشفى الأمراض النفسية. وبعد أن يكتشف
وائل هذه الحقائق الخطيرة، يزداد حبه لسلوى ويهرب بها من المستشفى، ومن
ثم يتزوجها. ويأتي هنا دور المجتمع المحيط، عندما تنتشر إشاعة بأن وائل
متزوج من فتاة مجنونة. هنا يستغل أحد سكان نفس العمارة هذه الحالة،
وينتهز فرصة غياب وائل عن المنزل، ويحاول إغتصاب سلوى. فتنهار وتعود اليها نفس الأزمة النفسية. إلا أن وائل يساعدها مرة أخرى للرجوع الى
حالتها الطبيعية، بعد أن يتم إنقاذها بمساعدة الشرطة.
أول ما يمكن أن يقال عن فيلم (خللي بالك من عقلك)، بأنه فيلم ميلودرامي
قد أخطأ الدرب فوصل الى الكوميديا الساذجة. فالعقدة الأساسية تتمثل في
مأساة الفتاة الرقيقة سلوى، التي تفاجأ ذات يوم بأن والدها يحاول الإعتداء
عليها، مما يصيبها بإنهيار نفسي.
إلا أن كاتب القصة السيناريو والحوار (أحمد عبد الوهاب) قد أدخلنا في
متاهات كثيرة، بعد أن وضع هذه المأساة في قالب كوميدي. وبالرغم ما سمعناه
من المخرج، بأن الفيلم إستغرق إعداده أربع سنوات، إلا أنه جاء مستعجلاً.
فالشخصيات فيه غير مرسومة بعناية ووضوح حيث لم يستطع السيناريو أن يضفي
عليها مصداقية درامية، فشخصية وائل التي قدمها عادل إمام جاءت مفصلة لكي
تتناسب وإمكانيات عادل إمام في الإضحاك، هذه الشخصية التي جاءت متناقضة في
تصرفاتها. فهو طالب يقوم بالتحضير للدراسات العليا في علم النفس، وفي نفس
الوقت يعمل في الليل في إحدى المراقص في خدمة السكارى والراقصات العرايا.
وهذا الوضع الإجتماعي ـ إذا قبلنا به ـ بإعتبار أنه جاء نتيجة للقيم
الجديدة التي أفرزتها مرحلة الإنفتاح، يضعنا أمام شخصيتين مختلفتين في
الطباع والتصرفات، وهذا ما لا يمكن أن يقبل به في الدراما. فوائل طالب
الدراسات العليا هو البطل المنقذ، فارس الأحلام المخلص، يهرب من الشرطة،
يضرب كاراتيه، يطارد أستاذه حتى وهو عاري في الحمام، يقتحم عنبر النساء
في المستشفى بسهولة، ولا يملك أستاذه في الجامعة إلا أن يتركه طليقاً حتى
يستكمل الفيلم. هناك أيضاً شخصية الأستاذ الدكتور (جلال الشرقاوي) كانت
ضعيفة ولا توحي بأي شيء تدل على مكانتها. أما المرضى النفسيون بالمستشفى،
فنراهم دائماً في حالة إنبساط دائماً يغنون، منهم نساء سمحات الوجوه لهن
أظافر مسحوبة وجميلة.
وبإعتبار أن الفيلم يتناول حالة مرضية نفسية، فهو لم بقدم ظروف شخصية سلوى
وبداية علاقتها يهذه الحالة وحادثة الإعتداء عليها إلا من خلال فلاش باك
قصير جداً. ثم إن دراسة هذه الحالة النفسية جاءت في مشاهد مفبركة ومركبة
تركيباً، فهي مشاهد تحوي آراء ولحظات نفسية، لو إهتم بها مخرج حساس
وشحنها بالإنفعال المطلوب كاتب متأني بمساعدة طبيب نفسي متخصص، لكان من
الممكن أن نشاهد فيلماً ذو مستوى جيد.
الفيلم ـ بشكل عام ـ جاء مفككاً وضعيفاً، يحوي الكثير من مقبلات السينما
التجارية، من مشاجرات وضربات كراتيه، ومشاهد كوميدية في مواقف درامية
صعبة، مليء بالنكات والقفشات اللفظية. هذا بالإضافة الى أن شخصيات الفيلم،
أما المخرج محمد عبد العزيز، والذي يعد من أبرز مخرجي الكوميديا، قد حاول
تقديم الأحداث في شكل كوميدي كاريكاتوري، إلا أن القصة لم تسعفه، فقدم
فيلماً يتأرجح بين الكوميديا والميلودراما. |