فيلم "ابتسامة الموناليزا".. جديد النجمة جوليا روبرتس.. كان ذو طعم خاص
للمشاهدة.. فالفيلم جميل وممتع.. قوي ومؤثر.. يجعل هذه النجمة تقف في صف
نجمات السينما العالمية بثقة وثبات.. حيث كانت مقنعة تماماً في دورها كمدرسة
لتاريخ الفنون الجميلة في كلية البنات الخمسينية.
والفيلم يستمد عنوانه من لوحة الموناليزا الشهيرة.. وابتسامتها الغامضة.. حيث
تتساءل أحد بطلات الفيلم.. هل كانت هذه السيدة المبتسمة سعيدة؟ والإجابة على
هذا التساؤل نجدها في زوايا هذا الفيلم.. المليء بالكثير من النقد للمؤسسة
التعليمية الإنجليزية في الخمسينات.. تلك المؤسسة التي تهتم أكثر ما تهتم
بتهيئة البنات لبيت الزوجية.. دون مراعاة لأي من طموحاتهن المستقبلية. وهذا
بالطبع ناتجاً لكل تلك التقاليد الصارمة التي تعيشها البنت الإنجليزية في
العقد الخامس من القرن الماضي. أما مهمة جوليا روبرتس وهي القادمة من
أمريكا.. فهي المحاولة لتغيير هذه التقاليد والتصادم معها.. ففي محاولتها هذه
لتكسير تلك القوالب الجامدة في مدينة ويلز، واجهتها الكثير من العوائق
الاجتماعية والنفسية.
يعتمد الفيلم كثيراً في نجاحه على أداء بطلاته للشخصيات الرئيسية فيه.. حيث
يتيح لهم حيزاً كبيراً للتعبير والأداء الجميل.. حيث لا يقتصر ذلك على أداء
النجمة جوليا روبرتس، وإنما يشمل مجموعة الممثلات اللاتي قمن بأداء شخصيات
الطالبات الأربع الرئيسية (كيرستين دانست، جوليا ستايلز، ماجي جايلينهال،
جينيفر جودوين)، واللاتي يواجهن مشاكل نفسية واجتماعية في علاقاتهن مع
العائلة والمجتمع، ومن ثم مع المدرسة الجديدة.
ويصر كاتبا السيناريو (لورانس كنير، مارك روسنتال) على عدم إعطاء حلولاً
قسرية ونهائية لكل تلك المشاكل، بل إنهما يتركان تلك الشخصيات تواجه مستقبلاً
مجهولاً.. غير محدد المعالم. وفي أحد تصريحاتهما الصحفية، يذكر كاتبا
السيناريو بأنهما قد استوحيا فكرة هذا الفيلم من مقال نشرته هيلاري رودهام
كلينتون، زوجة الرئيس الاميركي
السابق بيل كلينتون، وعضو مجلس الشيوخ الاميركي الحالية عن ولاية نيويورك،
حول
خبرتها في كلية ويلسلي التي درست فيها خلال فترة الستينات من
القرن الماضي.
يقترح علينا الفيلم جو الخمسينات، بكل ما يحمله من معالم وملابس وديكوارات
وأحاسيس.. معتمداً على مدى براعة مدير التصوير (اناستاس ميكوس) الذي نجح في
تقديم صورة ناعمة حساسة من خلال الإضاءة المتميزة، لإعطاء تلك الصورة الباهتة
الغائمة التي لا تستطيع معها من تحديد الملامح إلا مع قربها.. فكانت النتيجة
مذهلة.
إخراج الفيلم أوكل للمخرج الإنجليزي "مايك نويل" الذي عمل طويلاً في الدراما
التليفزيونية منذ الستينات.. أما أفلامه فكان أولها (الرجل دو القناع
الحديدي) عام 1976، ومن أشهرها كان (أربع زيجات وجنازة) عام 1994. الذي حصل
على تقدير معنوي وأدبي كبير. في فيلمه الأخير (ابتسامة الموناليزا) بدا
الإخراج بسيطاً، ولكنه كان مهماً في نفس الوقت، حيث نجح المخرج في شد انتباه
المتفرج لهذا القدر من الصدق والإيهام بتلك الفترة الحرجة من تاريخ إنجلترا..
فترة سيطرة التقاليد الاجتماعية الجامدة.
|