سنة أولى حب

إنتاج عام 1976

صلاح أبوسيف

 
 
 

نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 10 سبتمبر 1993

 
 
 
 

بطاقة الفيلم

 

نجلاء فتحي + محمود ياسين + بوسي + مريم فخرالدين + جميل راتب + أمينة رزق عدلي كاسب + عمر الحريري

سيناريو وحوار: أحمد صالح ـ قصة: مصطفى أمين ـ تصوير: رمسيس مرزوق ـ موسيقى: هاني مهنى ـ مونتاج: فتحي داوود ـ إخراج: صلاح أبو سيف, نيازي مصطفى, عاطف سالم, حلمي رفلة ـ إنتاج: حلمي رفلة

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

سنة أولى حب

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 

فيلمنا هذا الأسبوع هو (سنة أولى حب - 1976)، وهو من بطولة محمود ياسين ونجلاء فتحي، قام بإخراجه أربعة من كبار المخرجين في مصر (صلاح أبوسيف، نيازي مصطفى، عاطف سالم، حلمي حليم).. وهي سابقة تحدث لأول مرة في السينما المصرية. حيث أنها عملية غير مأمونة العواقب، وذلك لأن لكل مخرج منهم أسلوبه وشخصيته وطريقته الخاصة في الإخراج إلا أن وجود مخرج كبير مثل كمال الشيخ، قد ساهم كثيراً في تجاوز مثل هكذا مشكلة، حيث أشرف على السرد الفيلمي للمونتاج. وقد نجح إلى حد ما في تقديم أسلوب سردي موحد، ساعده في ذلك خبرته الطويلة في المونتاج. وكتب سيناريو الفيلم السنياريست أحمد صالح، عن قصة بنفس الاسم للكاتب الصحفي مصطفى أمين.

يتحدث الفيلم عن فترة من أهم الفترات السياسية في تاريخ مصر الحديث، ألا وهي بداية الثلاثينات، حيث الفساد داخل الحكومة ومؤامراتها ضد المعارضة، وسيادة القمع والإرهاب وإسكات الحريات، يقابلها على الجانب الآخر الإضرابات والمظاهرات ضد الحكومة والمطالبة بحماية الديمقراطية وإطلاق الحريات العامة. وفي تلك الفترة من الغليان السياسي والاجتماعي يبرز دور عمال العنابر بالسكة الحديد، حيث إنهم أول من قاد التمرد والثورة ضد الحكومة وضد الحكم الفاسد، مطالبين بخروج الإنجليز من مصر.

كل هذا الزخم السياسي استغله صانعو الفيلم لتقديم دراما عاطفية ميلودرامية مع رؤية سياسية اجتماعية، تبدو وكأنها محشورة في الفيلم حشراً لا داعي له، وتفتقر إلى التحليل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لتلك الفترة، وتقدم وجهة نظر خاصة جداً وأحادية الرؤية. تنفي الفعل الجماعي وتركز على الحل الفردي.

يبدأ الفيلم بمظاهرة لعمال العنابر بالسكة الحديد، وأثناء قمع المظاهرة من قبل أجهزة السلطة، يصاب العامل حنفي (أحمد الجزيري)، والد محمد (محمود ياسين). ومحمد طالب جامعي فقير يجب أن يكون بعيداً عن السياسة مشاكلها، وتشاء الصدف أن يعطي محمد دروساً خصوصية لنجوى (بوسي) ابنة المنسترلي باشا. تحاول نجوى إقامة علاقة عاطفية معه، إلا أنه لا يجرؤ على ذلك، خصوصاً عندما يرى ذلك البعد الطبقي والاجتماعي بينهما.

يلقى القبض على والد محمد بتهمة خطف وزير الحربية وقتله، حيث يعذب من قبل رجال عوني حافظ (جميل راتب) وزير الداخلية، ليعترف والد محمد في النهاية، من جراء قسوة التعذيب، بجريمة لم يرتكبها، وبالتالي يقبض على محمد وأمه (أمينة رزق)، إلا أن الحقيقة تكتشف ذلك أن الوزير لم يختطف وإنما كان نائماً في سيارته، وعلى ضوء ذلك يطلق سراح العائلة الفقيرة بعد أن فقد الوالد توازنه العقلي. لذلك يقرر محمد أن يقتل عوني حافظ انتقاماً لوالده، ولكنه يفشل في المحاولة. وتساعده على الهرب امرأة جميلة تدعى بأنها ممرضة، ويكتشف محمد بأنها زوجة عوني حافظ. وذلك عند دخوله قصر عوني لسرقة بعض الأوراق الخاصة بالمعارضة بعد أن انضم لها. وتنشأ بينه وبين زبيدة زوجة عوني (نجلاء فتحي) قصة حب رومانسية.

أما المعارضة، فهي تحاول التصدي للحكومة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يدير عوني حافظ بمساعدة جهاز مخابراته مؤامرة ضد المعارضة حيث يصل إلى خطيبة زعيم المعارضة لمحاولة تشويه سمعته، إلا أن المحاولة تفشل بمساعدة محمد وزبيدة.

في النهاية ينتحر محمد بسبب اليأس والإحباط الذي سيطر عليه، خصوصاً بعد طرده من عمله في صحيفة المعارضة، ثم نتيجة وشاية دبرتها له نجوى التي رفض محمد حبها، لتحطيم مستقبله. صحيح أن الحقيقة تظهر في النهاية، إلا أنها تظهر بعد فوات الأوان، بعد انتحار محمد.

الفيلم في تصوري من أسوأ النماذج التي تحدثت عن تلك الفترة السياسية، حيث أنه قدم للمتفرج علاقات مريضة وبعيدة عن المنطق الاجتماعي والسياسي، هذا إضافة إلى استسهاله لقضية النضال الوطني وتصغير حجمها الحقيقي وتقديمها على أنها تقتصر فقط على المؤامرات والدسائس فيما بين الحكومة والمعارضة، وكأنها مشاكل وخلافات شخصية لا تهم المجتمع بشيء. مبتعداً بذلك عن قضايا الجماهير الحقيقية.

نحن إذن أمام فيلم تجاري رديء يتاجر بالشعارات السياسية، ويخدع المتفرج ويستغله بشكل سافر وساذج وبعيد عن المنطق، هذا إضافة إلى ضياع ذلك الجهد الفني والإمكانيات الإنتاجية التي سخرت لفيلم يا يستحقها ولا حتى يستحق أن يجلب له أربعة من كبار المخرجين، وعلى رأسهم المخرج صلاح أبوسيف، الذي قدم الواقع السياسي والاجتماعي بشكل قوي وجريء في أفلام مثل (القاهرة 30 - القضية 68).

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004