جديد حداد

 

ندوات ولقاءات ومقالات متفرقة

حسن حداد في صحف ومجلات ومواقع متعددة في البحرين وخارجها

ملحقات

 

تعقيب أمين صالح على ورقة حسن حداد

ثقافة الفيلم القصير

نادي البحرين للسينما ـ بتاريخ 12 يوليو 2009

 
 
 
ثقافة الفيلم القصير
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

توقّعت من ورقةِ الصديق حسن حداد، بعنوان "ثقافة الفيلم القصير"، وهو القريب من تجربة الأفلام القصيرة في البحرين كمطّلع جيد على النتاجات المحلية والخليجية، ومساهمٍ فعّال من خلال كتابته لأحد هذه الأفلام، وهو "غياب"، ومتابع مستمر لما كتب عن الأفلام القصيرة في المطبوعات الخليجية والعربية، توقّعت من ورقته أن تكون أكثر نفاذاً إلى واقع هذه التجربة ومعطياتها وآفاقها ونواقصها وتمايزاتها.. أو على الأقل، أن تكون الورقة أكثر ملامسة لواقع وآفاق التجربة.

لكن الصديق حسن حداد آثر في ورقته أن يراوح عند الحدود الخارجية للتجربة، وأن يكثّف من إسداء النصح عوضاً عن التحليل، مكتفياً بتقديم مجموعة من الانطباعات التي قد تمس سطح التجربة لكن تغلب عليها العمومية والبداهة.

إن المطالبة بالاهتمام بالثقافة السينمائية، عبر المشاهدة المكثّفة والقراءة الشاملة ، والتي يؤكد عليها حسن حداد في أكثر من موضع من الورقة، هي مطالبة مشروعة وضرورية وملحّة بالفعل، ولا يمكن أن يستغني عنها أي سينمائي (رغم أن حركتنا الفنية – من مسرح وتشكيل – والأدبية أيضاً، تتّسم بفقر شديد في هذا المجال، حيث يطغى الكسل والجهل والاستخفاف).

كما أن الدعوة الموجهة إلى مخرجي الأفلام القصيرة عندنا بتقديم سينما فنية، هي دعوة حسنة النيّة لكنها هنا تبدو مربكة وغير واضحة،  ضمن التعريفات والتحديدات الملتبسة والمتناقضة التي يضعها حداد.

مرّة يحددها بأنها تلك التي تبتعد عن السينما الاستهلاكية التي تسعى وراء الربح ودغدغة غرائز الجمهور، وتعتمد على نواح إبداعية خلاقة.

في موضع آخر يقول: المصطلح غامض للكثيرين، وبالذات لمن يختلف معنا في المفهوم أساساً.

في موضع ثالث يقول: ربما لا تشكّل مصطلحاً بالمعنى التقني للكلمة (..) إنها السينما التي تسعى لتقديم الفن والصورة المعبّرة عن مشاعر وأفكار وحالات معينة..

وفي موضع رابع يقول بأنها التي لا تقع تحت شروط العرض والطلب بالرغم من أنها أيضاً سينما مطلوبة من قطاع كبير من المتفرجين.

وفي الموضع الأخير ينصح بالابتعاد عن السينما الشعبية، طالما أن الشباب غير قادرين على مجاراتها، والتوجه لصنع سينما فنية هي أيضا ناجحة في صالاتنا عند عرضها من حين إلى آخر.

من وجهة نظري، "السينما الفنية" art movie ليست مصطلحاً بل هي تعبير غير دقيق لنوعية معينة من الأفلام لا يقبل عليها الجمهور العام رغم أهميتها وجدّتها في الأسلوب والمعالجة. وضمن هذا المفهوم (أي السينما الفنية) تندرج كل الأفلام الطموحة فنياً، والتي ترغب أن تصل إلى الجمهور العريض عبر شبكات الإنتاج والتوزيع ذاتها. وهي أحياناً تصل إلى الجمهور وتحقق إيرادات عالية، كما الحال مع أي فيلم تقليدي تجاري. إذن الفوارق ليست حادة بحيث تشكّل توجهات مضادة، أو تمايزات قابلة للإدراك ومن ثم التقييم. فيلمٌ مثل "الساعات"، بمعطياته وتوجهاته الفنية، وبأسلوبه الحداثي، ولا تقليديته في السرد والبعد الزمني، استطاع أن ينجح تجارياً ويفوز بجوائز أوسكار.

عندما يعرّف حسن حداد السينما الفنية بأنها "التي تسعى لتقديم الفن والصورة المعبّرة عن مشاعر وأفكار وحالات معينة"، نتساءل: هل هناك أفلام لا تسعى إلى تقديم مشاعر وأفكار وحالات؟

وعندما يقول بأنها لا تقع تحت شروط العرض والطلب، نتساءل: ما نوع هذه الشروط التي لا تخضع لها؟

الأمر الملفت في هذه الورقة، تلك الإشارة التي يتطرق إليها حسن حداد في قوله: "بصفتي متابعاً ومهتماً بما يقدّمه المشتغلون بالصورة السينمائية عندنا، دائماً يبرز أمامي الكثير من الملاحظات التي سبق وتحدثت عنها كثيراً وأعيد وأكرر ذكرها في كلِ المناسبات. لن أدخل في تفاصيل تلك الملاحظات"..

وكأن حسن يريد أن يبرر عدم رغبته في خوضِ الأمور الجوهرية التي تتصل بتجربة الأفلام القصيرة. بالطبعِ هذا مبرر غير مقنع، فالهدف من مثل هذه الندوات ليس فقط توجيه النظر إلى أهمية التثقيف الذاتي بقدرِ ما هو خوض في قضايا تتصل بالموضوعِ الأساسي.

لقد تمنيت أن يتطرّق حداد إلى الفيلمِ القصير، أهميته وضرورته، جمالياته، واقعه في البيئة المحلية والخليجية (إذا شاء)، حاجة الآخرين أو الجمهور إليه.

تمنيت أن أجد تقييماً أو تحليلاً، من وجهة نظره الخاصة، للمحاولات البحرينية في مجال الفيلم القصير، منذ أن كانت الأفلام تحاكي الأكشن بطريقة اعتباطية وبتقنية غير مصقولة دون أن تحكمها رؤية واضحة، وحتى الأفلام الراهنة الجادة والرصينة، والتي تهتم بالموضوع وبالنواحي الجمالية.

انتهى تعقيبي على ورقة حسن حداد، لكني أرغب في انتهاز هذه الفرصة لأتحدث قليلاً عن ملمح في التجربة يثير لديّ القلق والانزعاج. شخصياً لا اعتراض لدي على محاولة المنتج تسويق منتوجه الفني، فهذا من حقه، ومتاح له أن يروّج لعمله بالطريقة التي يراها مناسبة أو مجدية، عبر الصحف والمواقع الإلكترونية، لكن في حدود المعقول والمقبول. أي باعتدال ورزانة ورصانة.

ما نجده لدينا هو انفلات عن حدود المعقولية والتواضع، إلى حدود الشطح وتضخّم الذات، حيث الاعتقاد بأن المنجز بلغ درجة عالية من الإبداع الفني، وانتقل إلى حيّز العالمية، ولابد من الاحتفاء به بشكل يومي في وسائل الإعلام.

ثمة مبالغات إعلامية تتجاوز تخوم المنطق، ثمة أخبار ترويجية للأفلام تخرج عن نطاق الترويج الفني إلى نطاق الدعاية الفجّة والترويج لسلع تجارية، ثمة من يرى في فيلمه فقط ذروة الإبداع والتألق فيما الأفلام الأخرى لا تصل إلى المستوى الأدنى من الإبداع. ثمة من يظن أن اختيار فيلمه للمشاركة في أي مهرجان شهادة رفيعة بعظمة إنجازه. 

على المخرجين عندنا إدراك حقيقة أن المشاركات في المهرجانات والتظاهرات، بحد ذاتها، ليست دافعا قوياً للزهوِ والغرور. بل يحق لهم الزهو عندما يعملون جاهدين على تنشيط وتفعيل هذه الحركة حتى تجد لها موقعاً ثابتاً وراسخاً في المناخ الثقافي المحلي وفي المحيط الخارجي.

أمين صالح في

12.07.2009

 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)