جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

ستريب.. إختيار صعب

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

اختيار صوفي.. امرأة الملازم الفرنسي.. موسيقى القلب.. الساعات.. أفلام لا يمكن إلا أن تبقى في الذاكرة.. أفلام أطلعتنا على نجومية باهرة لامرأة خالطت روح الفن بروحها وفكرها، فجاء أداؤها الدرامي للشخصيات التي تؤديها أداء مليئاً بالحيوية والحياة. إنها النجمة ميريل ستريب.. صاحبة الوجه المليء بالحنان والطمأنينة والثقة.

أتذكر تلك اللحظة.. عندما شاهدتها لأول مرة.. يهرني ذلك الإحساس الطاغي بالتماهي مع هذه الفنانة فيما تؤديه من شخصية. أحقاً.. هذه هي المرأة التي في الفيلم، أم إنها فقط شخصية خارجة عن الممثلة.. إن هذه الممثلة العملاقة، تعطيك ذلك الإحساس بالصدق الانفعالي والنفسي لما تشاهده من شخصيات.

كيف ذلك إذن..؟! إن التمثيل أساساً، ليس أداء لأي شخصية حسب ما يعطى للممثل.. إنه (أي التمثيل) دراسة للحالة النفسية والاجتماعية للشخصية نفسها، وإيجاد ذلك الارتباط العلائقي بين الشخصية والممثل. وهي قدرة ليست متجسدة لدى الكثير من الممثلين، أو لنقل إنها ليست متوفرة بذات الدرجة لدى الجميع. وهذه الفنانة المتألقة تعي كل الوعي قيمة أن تجد لها ما يبرر وجود ميريل ستريب كشخصية في داخل الفيلم.

 فشخصية (سارة) في فيلم (امرأة الملازم الفرنسي)، بمثابة تلخيص ذكي لعصر كامل بما يحويه من صراع نفسي واجتماعي. فسارة عندما تقول بأنها تبحث عن حريتها في نهاية الفيلم، لم تكن تعني بالطبع الحرية بالمعنى الفردي، وإنما بما هو أكثر عمقاً وشمولاً.. كانت تعني البحث عن الذات وعن أسلوب جديد للحياة في هذا المجتمع المغلق.. هذا حتى ولو لم تكن "سارة" مدركة لذلك لفرط انهماكها في مأساتها الشخصية.

 كذلك هو الحال للشخصية في فيلم (الساعات)، تلك الشخصية الباحثة دائماً عن متنفس لمشاعر المرأة والأنوثة وحريتها في البوح بهذه المشاعر، وإمكانية تخلص الفرد من القيود التي تفرض اجتماعيا أو التي يفرضها هو على نفسه، تبعاً لحالة أو مشاعر إنسانية مختلفة. فنرى تلك المرأة القوية التي تبقى لصيقة الصلة بصديقها المريض رغم علمها بميوله الأخرى وفقدها الأمل حتى من انتمائه لها. ثم محاولتها المستميتة في إبقائه متصلاً مع الآخرين. وبرغم القوة الظاهرة التي تتحلى بها هذه الشخصية، إلا أنها من الداخل تعاني هذه الهشاشة في رغبتها الصادقة بالتحرر من كل ما فرضته هي على نفسها.

 هذه المشاعر الإستثنائية، ضمن نموذجين فقط من الشخصيات التي شاهدناها لهذه الممثلة، (ربما يجد القاريء شخصيات كثيرة مازالت عالقة في ذاكرته)، إنما هي خير دليل لما يعطى في مفهوم صناعة الممثل في السينما. ولا يمكننا أن ننسي بأن خبرة هذه الفنانة الحياتية ساعدتها بالطبع في اختيار شخصياتها السينمائية المتميزة، والنجاح أيضاً في تقديمها على الشاشة. وليست جائزة المعهد الأمريكي للفيلم، والتي خصصت هذا العام لهذه الفنانة عن مجمل أعمالها، إلا تكريسا لأهمية ميريل ستريب كفنانة كبيرة متميزة.

 

هنا البحرين في

05.11.2003

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)