جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

السيندريلا إنتحرت

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

انتحرت سعاد حسني.. خبر تناقلته وكالات الأنباء بعجل..

ولكنه كان له وقع كبير وحزين على الجميع.. انتحرت لتجسد مدى الجرأة التي تمتلكها هذه الفنانة الكبيرة..

وليكون انتحارها هذا، بعد ما يقارب العشر سنوات في حربها مع المرض، بمثابة شهادة احتجاج ضد الوضع العربي الراهن، وضد ذلك الجهل المتفشي في مؤسسات وأجهزة ثقافية أحجمت عن مساعدتها للخروج من أزمتها الشخصية.. انتحرت بعد أن وجدت بأن هذا الوضع بدأ يزداد سوءاً عاماً بعد عام..

رحلت وتركت إرثاً زاخراً بالإنجازات الفنية، لتفقد السينما المصرية والعربية بشكل عام، فنانة نادرة لم ولن تتكرر..

وبالرغم من اعتزالها التمثيل والمجتمع كله منذ سنوات طويلة، إلا أن خبر رحيلها كان صدمة للجميع، باعتبار أن جيل الستينات والسبعينات والثمانينات عاش في حضرة فنها الجميل.

فسعاد حسني، فنانة ولدت معها النجومية.. طفولتها خلت من الراحة، مما أنتج شخصية ذات تركيبة شديدة الخصوصية، تملك قدرة الإضحاك رغم أنها أقرب ألي الحزن.. يفرحنا ويبكينا عطائها الصادق المتدفق، تألقت خلال 50 عاماً من تاريخ السينما المصرية. سعاد حسني علامة فنية أخرى تصاحب فاتن حمامة على الشاشة المصرية.

مشوار سعاد حسني، مشوق وله سحر خاص.. حيث هذا التواجد الفني الطاغي والأداء المذهل والخاص لكل فيلم، يجعل منها ممثلة موهوبة خارقة في كل مرحلة.. مشوار طويل ومليء بالحواجز والآمال الكبيرة والأحلام المجمدة، وكأنها تسير مغمضة العينين على أرض كلها متفجرات.. ومع ذلك كانت خطواتها الجادة وحسها السليم ونظرتها الثاقبة والنابعة من الأعماق، تمهد لها طريقاً سلساً وواقياً يحميها من كل الثغرات.

 مع بداية الثمانينات، بدأت سعاد حسني في الإقلال من الظهور على الشاشة بشكل ملحوظ، حيث رفضت العديد من السيناريوهات لعدم اقتناعها بالأدوار المعروضة عليها.. ثم أن امتناعها عن أداء تلك الأدوار لا يرجع إلى حرصها على الانتقاء فحسب، بل أيضاً إلى أعذار السينما المصرية، وظهور كم هائل من الأفلام الهابطة والمصنوعة أساساً لغرض الربح التجاري، دون أي اهتمام بالقيمة الفنية.

 عزيزي القارئ.. هذه هي الفنانة سعاد حسني، أو سندريلا الشاشة المصرية.. التي ولا شك ستفتقدها السينما المصرية وسنفتقدها نحن جميعاً.. كانت فنانة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.. ممثلة ممتازة وغير عادية، وكانت قادرة على أن تعطي في كل الأدوار بدون افتعال، وقادرة أن تصل إلى القلوب بسرعة ملفتة.. فنانة  كانت تتمتع بعبقرية حقيقية في التوصيل لأعمق الأعماق من المعاني.. هذه هي سعاد حسني التي لن تتكرر أبداً في تاريخ السينما المصرية. 

 

هنا البحرين في

04.07.2001

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)