جديد حداد

 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

الخوف ( 1 )

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

بالرغم من النهاية السعيدة في فيلم (الخوف)، والتي أضرت بالفيلم كثيراً، إلا أن سعيد مرزوق قد نجح في تجسيد الخوف الذي يسكن داخل الإنسان ويسيطر على تفكيره، ويجعله عرضة للكوابيس والأحلام الزائفة.. فهو هنا يحدثنا حديثاً سينمائياً، يعتمد على الصورة السينمائية، بحيث لا تحتاج لحوار لغوي لفهم واستيعاب المشاعر والمواقف التي توحي بها هذه الصورة، حيث أنه استطاع أن يسخر لغة الصورة ويوظفها لخدمة المضمون العام في الفيلم. كما أن الحوار، الذي كتبه مصطفى كامل، كان ذكياً ومركزاً يبتعد عن المباشرة والتطويل، ونجح في إثارة الكثير من المشكلات الاجتماعية.

ويبقى أن نقف وقفة تأملية لما قدمه سعيد مرزوق، من لمحات ومميزات فنية وتكنيك سينمائي جديد، شاهدناه في الكثير من المشاهد.. كان أهمها: مشهد الحلم المشترك للعاشقين وهم يمارسان الحب على ورق الصحف الملقاة على الأرض، وإظهار لقطات تبين عناوين مثل لا قيود على الحريات الشخصية، وعناوين عن الحرب والقتال مع إسرائيل، وعناوين أخرى عبرت بصورة خلاقة من غير كلمة حوار واحدة. كذلك التناقض في شريط الصوت والصورة، في مشهد وصف الشاب لشقته في البنسيون أثناء حديثه في الهاتف، استخدمه مرزوق بشكل موفق، متخذاً من الصورة تجسيداً حقيقياً لهذا الوصف. وهناك أيضاً المشهد الذي يطلب فيه الشاب من الفتاة أن تشاهد القاهرة من خلال المنظار، حيث نعرف بأنها لا ترى سوى الخراب الذي حل بمدينتها، فهذه المأساة التي عاشتها تسيطر عليها ولا تجعلها ترى سوى شيء واحد، هو مدينتها المنكوبة، والقريبة جداً من وجدانها. أما المشهد التخيلي لذهاب الفتاة إلى البنسيون، فهو مشهد مكرر لمشهد وصف الشاب له، وكان من الأفضل اختصاره أو حذفه. وقد جاء اختيار سعيد مرزوق للعمارة (تحت الإنشاء) الغارقة بين أكوام الحجارة والرمال وسقالات البناء، لتكون ميداناً لأحداث النصف الثاني من الفيلم، اختيارا موفقاً وذكياً منه، حيث المقارنة بين كل هذا وبين الخراب والدمار في مدينة السويس، والتعبير عن حالة الخوف التي ساهمت في تجسيدها حركة الكاميرا السلسة وزوايا التصوير المدروسة بعناية، هذا إضافة إلى المؤثرات الصوتية. أما اختياره لشخصية البطل كمصور صحفي، فلم يكن اختياراً عشوائياً أو اعتباطياً، وإنما جاء ليكون ـ هذا الصحفي ـ شاهداً على الأحداث، دون المشاركة الفعلية فيها بالطبع.

وبالرغم من هذا المستوى الفني والتقني، الذي جسده سعيد مرزوق في (الخوف)، إلا إننا نلمس ذلك البطء والرتابة في أحداث الفيلم، مما أفقده عنصري التشويق والمتابعة. وربما يكون هذا البطء مقصوداً من قبل المخرج، إلا أنه في فيلم (الخوف) قد تناول موضوعاً حساساً ومهماً، قد جعله عرضة لتدخل الرقابة الرسمية، التي حذفت مشاهد كاملة من الفيلم، وكان لها دور في وصول الفيلم إلى النهاية التي شاهدناها.

 

هنا البحرين في

02.02.2011

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)