جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

كامل التلمساني

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

في الثالث من مارس الماضي، تكون الذكرى السنوية الثلاثون لوفاة المخرج المصري كامل التلمساني، قد مرت علينا دون ذكر.. هذا المفكر الفنان الذي مليء الدنيا فن وسينما، يستحق منا أكثر من ذلك.. فهو الذي يعد علماً بارزاً، ليس في الوسـط السينمائي فحسب، وإنما على صعيد الوسط الثقافى والفكري بشكل عام.. كـان داعية ومبشـراً وصاحـب رسـالة ثقافـية، وذلـك بمحـاولاتـه الجـادة في نـشـر الإتجـاه الـواقـعي في الـسـينمـا والفن التشكيلي.. كما أنه يمثل، مع كـمال سـليم وأحـمد كـامـل مرسـي وأحـمد بـدرخـان، الجيل الثاني لمخرجي السينما المصرية.. الجيل الذي أرسى إتجاهات الفيلم المصري أبّـان العـصر الذهبي لإستوديو مصر قبل الحرب العالمية الثانية. وذلك بعد تقديمه لفيلمه الأول (السوق السوداء ـ 1945)، هذا الفيلم الذي يعتبر بحق من بين أبرز كلاسيكيات السينما المصرية، وعلامة هامة من علاماتها، والذي يعد إستمراراً لمدرسة "كمال سليم" الواقعية.

بدأت هواياته لفن الرسم والتصوير وهو في سن مبكرة، وساهم في إقامة معارض فنية، ودعم إتجاهات الفن الحديث في الرسم والتصوير مثـل التـعبـيرية والسريالية والتجريدية. وتعرف على مجموعة من فناني الطليعة السرياليين أمثال: جورج حنين، رمسيس يونان، فؤاد كامل، أنور كامل.. الذين اسسوا فيما بعـد (جماعة الفن والحرية)، التي لـعـبت دوراً ريادياً بارزاً في ربط الفن بالمجتمع. وبذلك لمع إسـم التـلمـساني، وتـألق نجمه في عالم الفن والكتابة، حيث أقـام عـدة معـارض حـققت نجـاحـات كبـيرة، وإستطاعت لوحاته أن تثير عاصفة من الجدل والنقاش في الأوسـاط الفنـية.

في عـام 1943، إلتحـق بإسـتوديـو مصـر، وبـدأ مـشـواره السـينمائي بالعمـل كمساعد في الإخراج والمونتاج والإنتاج.. كمـا بـدأ الـكـتابـة في الـسينما، ليـواصل بذلك رسالته الفنية التي بدأها في الرسم. وتمـيز التـلمـساني في كتـابـاتـه بالبـساطة مـع شيئ من الـصـرامـة والتحديـد وعدم الإلتواء في الفكر أو القول أو التعبير عما يشعر به.. هذا إضافة الى أنه قام بتحرير باب (خلف الكاميرا) في مجلة السينما عام 1945، وذلك بعـد إنجـاز فـيـلمه الأول.

في عام 1960، ترك التلمساني بلاده في ظروف مريرة وصعبة، إثر محاكمته بتهمة كاذبة.. مما جعله يهاجر الى لبنان، حيث بدأ حياته من جديد هناك، وإستطاع بعد معاناة، أن يصنع له مكاناً مرموقاً في الأوساط الفنية اللبنانية.. وعاش في لبنان حتى رحيله عن عالمنا، وهو في السابعة والخمسين.

وإذا كانت الأكاذيب والشائعات والصحافة قد جنت على فنان متميز مثل كامل التلمساني.. والزملاء أغفلوه، والقضاء المصري قد قسى عليه، فإن التاريخ لن يقسو عليه وسيذكره دائماً.. بل وستبقى ذكراه في أكثر من مجال من مجالات الثقافة والفن، وستذكر محاولاته في خلق الجديد المبتكر، الذي كشف عن مرارة الحياة وحيرة الإنسان بين آماله وآلامه.

 

هنا البحرين في

30.04.2003

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)