جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

الرواية والفيلم.. جدل لن ينتهي

(1)

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

الرواية والفيلم.. عنواناً هاماً ومثيراً ومتجدداً على الدوام.. وبقدر ما هو هام، فهو أيضاً محوراً لجدل قديم وطويل لم ولن ينتهي..!!

فالعلاقة بين الرواية والفيلم علاقة تاريخية وثيقة ومتشابكة، بدأت مع السنوات الأولى لظهور السينما، حيث تلك الأفلام التي اعتمدت على روايات عالمية مشهورة، وحققت نجاحاً كبيراً حينها، وأبرز تلك الروايات، "أوليفر تويست" لتشارلز ديكنز، و"الجريمة العقاب" لديستوفسكي، و"العجوز والبحر" لهمنغواي.. وعلى المستوى العربي، هناك "دعاء الكروان" لطه حسين، و"قنديل أم هاشم" ليحيي حقي، و"الثلاثية" لنجيب محفوظ، وآخرها كانت رواية "عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسواني.

وبالرغم من أن هذه العلاقة تعد وثيقة ومتشابكة، إلا أن هناك العديد من السينمائيين الذين طالبو بضرورة فصل السينما تماماً عن الأدب، والتأكيد على ضرورة الكشف عن العلاقات التي تربطها بالأشكال الفنية الأخرى وإظهار الفروقات الجوهرية بينها، والبحث عن شكل فني وماهية خاصة لطبيعة السينما.. باعتبار أن للسينما لغتها الخاصة وجوهرها التعبيري المختلف، التي لا يزال البحث جاري عنها.. حيث ذكر العبقري الروسي الراحل تاركوفسكي بأن السينما ما تزال تبحث عن لغتها، وقد بدأت الآن فقط تقترب من إمكانية الإمساك بهذه اللغة.

الجدل فيما بين صناع السينما وصناع الأدب.. كما أشرنا سابقاً.. قديماً ومتجدداً، ومازال مستمراً.. ما بين رافض تماماً لتدخل صانع الفيلم، في تغييره لما تقوم عليه الرواية.. وبين روائي يمنح المخرج حق التصرف في روايته، بل ويعطيه مطلق الحربة في الاختيار والحذف.

أكثر الأمثلة على ذلك، هي صرخة همنغواي: (إنها ليست روايتي..!!).. في المقابل نرى بأن نجيب محفوظ لا يحب التدخل في أي سيناريو مأخوذ عن رواياته، رغم تمكنه من كتابة السيناريو، لأنه أدرك بأن هناك مبدعاً آخر هو صاحب الفيلم.

لكل من الرواية والفيلم، عالمه الخاص في التعبير السردي.. فالرواية تتخذ من اللغة وسيلة لتصوير مفردات الواقع.. والفيلم يتخذ من الصورة لغتها البصرية والسمعية للتعبير عن الواقع أيضاً.. ولكن بقدر ما تأثرت السينما كثيراً بالأدب من رواية وقصة وشعر، كذلك تأثرت الرواية بالسينما ـ خصوصاً الجديدة منها ـ من خلال نظريات المونتاج وسرد الحدث الدرامي التصويري، والمزج واللقطة الكبيرة والحركة الاستعراضية للكاميرا.

فالمخرج، عندما يبدأ في قراءة أي سيناريو، فهو يشاهد الشخصيات والأحداث برؤية بصرية، أي يراها بعين الكاميرا والعناصر الفنية الأخرى.. ثم يبدأ بتحويل كل شيء مكتوب على الورق إلى تكوينات بصرية، يوظف فيها إمكانيات الضوء والظل والنسق اللوني، كما يعالجها وفق تجربته وإدراكه وعاطفته وحساسيته الجمالية والفكرية.. وكل هذا يعني أن العمل السينمائي يحمل اسم مبدع آخر.. ألا وهو المخرج السينمائي.

 

هنا البحرين في

09.07.2008

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)