جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

مذنبو محفوظ أم الليثي..؟!

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

عن قصة لنجيب محفوظ وسيناريو ممدوح الليثي، يقدم المخرج سعيد مرزوق بفيلمه (المذنبون ـ 1976)، ريبورتاجاً سينمائياً، لنماذج وانحرافات في المجتمع، وذلك برؤية فنية واضحة ومحددة وصريحة. فهو يشير بأصابع الاتهام إلى الانتهازيين والمستغلين والوصوليين المنافقين في مواقع العمل المختلفة. وينبه المجتمع من الفساد الذي يصنعه هؤلاء المذنبون.

يبدأ الفيلم بمقتل الممثلة سناء كامل (سهير رمزي)، ويتم استدعاء كل من له علاقة بالقتيلة والتحقيق معهم. ويعتمد المحقق (عمر الحريري) على مجموعة من الصور لحفلة أقامتها الممثلة ليلة وقوع الجريمة. وأول سؤال يطرحه المحقق على المتهم هو ذلك التقليدي الذي يتكرر كثيراً في الفيلم.. (أين كنت وقت ارتكاب الجريمة؟). وكان على المتهم تحديد مكان تواجده أثناء ارتكاب الجريمة، وإلا اتهم بجريمة قتل الممثلة. وللإجابة على هذا السؤال يأتي المتهم تلو الآخر ليحاول تبرئة نفسه من جريمة القتل، ولكنه يكشف عن جريمة أخرى، بل أهم يرتكبها ضد المجتمع بأكمله.

لقد اكتملت للفيلم كل عناصر التشويق والإثارة، التي ترتبط دائماً بالأفلام البوليسية، علما بأن فيلم (المذنبون) قد يتشابه معها في الشكل فقط، أما المضمون فهو اجتماعي سياسي يتناول الفساد من خلال تشريح كامل للمجتمع.. لكننا نلاحظ أن عنصر التشويق الذي ابتدأ به الفيلم، لا يلبث أن تخف حدته وحرارته، بعد النصف ساعة الأولى من الفيلم. ويرجع ذلك لسببين، الأول وهو أن المشاكل والانحرافات التي قدمها الفيلم ليست جديدة، وسبق وأن اطلع عليها الناس من خلال الصحافة. كما قدمت من خلال المسرح والسينما من قبل، وأصبحت تفاصيلها معروفة. أما السبب الثاني فهو لجوء السيناريو لأسلوب سينمائي واحد لم يتغير طوال الفيلم، وهو أسلوب (الفلاش باك).. وذلك باستعراض شخصيات المذنبين أثناء تكذيب الاتهامات الموجهة لهم، فنحن ما أن ننتهي من مشهد (فلاش باك) حتى يأتي آخر جديد.. وهكذا. وهذا ما جعل مشاهد الاستجواب تبدو بطيئة إلى حد الملل، حيث تكرر فيها نفس السرد الدرامي ونفس حركة الكاميرا الجامدة التي تتحرك بطريقة آلية، لا تختلف فيه أبداً في كل قصة لكل متهم جديد. ولو أن كاتب السيناريو حاول البحث عن أسلوب فني آخر، لتجنب هذا الشكل الثابت الممل، واستطاع أن يخرج بفيلم مثير وشيق.

أما بالنسبة لمضمون الفيلم بشكل عام، فقد افتقر إلى تحليل الفساد الاجتماعي الذي يعبر عنه، فهو يدين هذه النماذج ويفضحها دون إعطاء توضيح لأسباب هذا الفساد وكيفية مواجهته. فالتحليل الدرامي الاجتماعي، يجعل من السينما أداة توعية وليست أداة لامتصاص مشاعر السخط فقط.

ليس هناك أي خلاف على أن سعيد مرزوق موهبة فينة وإبداعية كبيرة. وإنه في (المذنبون) قدم موضوعاً جماهيرياً حساساً وهاماً.. إلا أنه لو أعطى اهتماما أكثر بالسيناريو وجعله قيد البحث والدراسة المتأنية لاستطاع الخروج بفيلم متكامل جيد وجاد.

 

هنا البحرين في

11.10.2006

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)