جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

الفنوة.. البدايات..!!

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

من هذا العدد.. وفيما سيأتي من أعداد، سنحاول التحدث عن أهم الأفلام التي كتب قصتها أو سيناريوهاتها أو المأخوذة عن روايات منشورة لأديبنا الراحل نجيب محفوظ.. وسنعتبر هذه مساهمة متواضعة لتعريف القاريء على مساهمات هذا الراحل العملاق.

بعد أن كتب السيناريو لفيلم المنتقم عام 1948، وهو أول مساهمة له في السينما.. بدأ يشارك المخرج صلاح أبوسيف في غالبية أفلامه.. فكان فيلم الفتوة أحد هذه المشاركة. ويعتبر (الفتوة ـ 1957) من بين الأفلام الهامة التي تركت بصماتها في ذاكرة السينما المصرية والعربية بشكل عام، كما إنه من بين أهم إنجازات أبو سيف ومحفوظ، وأبرز الأفلام الواقعية والرائدة في السينما المصرية.

كتب قصة (الفتوة) محمود صبحي، واشترك مع نجيب محفوظ وصلاح أبو سيف في كتابة السيناريو والحوار، وقام ببطولة الفيلم فريد شوقي وزكي رستم وتحية كاريوكا وتوفيق الدقن وميمي شكيب. والقصة مأخوذة عن حادثة حقيقية حدثت لتاجر خضار كان يتعاون مع الملك فاروق في احتكار السوق ورفع أسعار الخضار بطرق ملتوية، وكان يفعل ذلك وهو مطمئن إلى أن القصر الملكي يحميه، خصوصاً أن الأرباح يكون للملك نصيب فيها.

يصل بطل الفيلم هريدي (فريد شوقي) إلى السوق، قادماً من القرية للبحث عن عمل، لذا نراه يرضى بالمهانة والمذلة في سبيل أن يجمع قليلاً من المال يعتاش به. يمرض حمار أحد الحمالين، فيغتنم هريدي هذه الفرصة، ليعمل بدلاً من الحمار في جر العربة، أي إنه يتساوى مع الحمار.  إن صلاح أبو سيف يؤكد، من خلال هذا التشابه، بأنه من أراد أن يدخل حلبة الصراع ـ صراع الكبير والصغير، وصراع تاجر الجملة مع تاجر الرصيف ـ عليه أن يبدأ قوياً وصبوراً، حتى لو اقتضى ذلك بأن يكون حماراً.

أما الشخصية المحورية الثانية فهي شخصية أبو زيد (زكي رستم)، التاجر المتسلط الذي يتاجر في قوت الشعب ويتحكم في السوق وسنده في ذلك هو القصر الملكي.. إن أبو زيد ذو شخصية قوية، لا تتدخل العواطف في حياته وقراراته.  فهو عندما يكتشف خيانة هريدي يدبر له عملية قتل شنيعة في ليلة زفافه، تدل على قسوته الجبارة.

إن (الفتوة) فيلم اجتماعي سياسي واقعي، يعالج فيه أبو سيف مرحلة اقتصادية وتاريخية، ألا وهي مرحلة الانتقال من الإقطاع إلى الرأسمالية، وذلك من خلال شريحة اجتماعية يمثلها بطله هريدي القادم من الريف المصري، حيث يمر بعدة تطورات تنقله إلى مركز أكبر برجوازي في السوق.

أما نهاية الفيلم، فتعتبر من النهايات النادرة والهامة في السينما المصرية، حيث أنها نفس البداية التي بدأ بها هريدي في السوق، ولكن الوجوه تغيرت.  إن أبو سيف يريد أن يقول ـ بهذه النهاية ـ بأن الدائرة مستمرة بتغيير الأشخاص، ولكن النظام في محتواه الاستغلالي باقٍ لا يتغير.. إنه ينادي بتغيير نظام المجتمع البرجوازي بأكمله.

إن من شاهد فيلم (الفتوة)، لابد أن يدهشه ذلك الأداء التمثيلي الراقي من الممثل العملاق زكي رستم في دور أبو زيد والفنان القدير فريد شوقي في دور هريدي. لقد دخل الاثنان في مباراة تمثيلية الخاسر فيها رابح، حيث استطاع أبو سيف إن يكشف عن قدرات أدائية هائلة ومدفونة لدى كل منهما، لم يتم استثمارها من قبل.

 

هنا البحرين في

20.09.2006

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)