جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

يسرى نصرالله..

جزء من سيرة (2-3) 

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

دفعتي في المعهد كانت تضم بهاء النقاش ـ الله يرحه ـ وعرب لطفي ومحمد شعبان وعدداً من الشباب المتحمسين جداً، وكان هناك حركة طلابية ـ أنا أتكلم هنا عن السبعينيات من 1970 إلى 1973. كان لدينا إحساس أنه لابد أن ننزل بالكاميرا إلى الشارع ونرى ما يفعله الناس، قلنا لنفعل ذلك ونجمع "فلوس" ما بيننا ونتحرك لنرى ما يحدث، كنا نريد ذلك كأشخاص يحلمون بالسينما ويعايشون التيارات السينمائية الموجودة في العالم أيامها ـ الكاميرا التي تنزل إلى الشارع والموجة الجديدة والسينما الثورية وكل تلك الأمور ـ قابلنا العميد لكي يعطينا الكاميرا ويكون مشرفاً علينا، فطردنا وقعتها، قال لنا: "أنتم سنة أولى ومالكمش دعوة بالكاميرا.. أنتم فاكرين نفسكم إيه؟".. أظن أن هذا الرجل كان جمال مدكور ولكني لست متأكداً لأن ثلاثة أشخاص تناوبوا على منصب العميد في تلك السنة الوحيدة هم: جمال مدكور وموسى حقي ـ أخو الأستاذ يحيي حقي ـ ومحمود الشريف، كان لدي إحساس بأن ميكانيزم المعهد أيامها هو ما جعلني لا أشعر بالراحة في المعهد (مجموع القبول بالمعهد من الثانوية العامة كان قليلاً ويدفعك للإحساس بأن في المعهد أشخاصاً كثيرين موجودين لأنهم لم يجدوا مكاناً آخر "يتاويهم" والنقاش السينمائي الفكري في المعهد كان بشعاً ومنحطاً جداً). كنت أشعر أني لو أكملت بالمعهد فسأكره السينما، ومع هذا الإحساس بخطورة المعهد على حبي للسينما وعلى رغبتي في عمل سينما ومع خناقة ثانية مع الإدارة أو شيء مثل ذلك دخلت في محاضرة الأستاذ محمود مرسي وكان من المدرسين المحترمين، وقمت بقراءة استقالتي من المعهد: "آنه نتيجة كذا وكذا وكذا سأترك معهد السينما حرصاً على حبي للسينما، وهاتشوفوا أني في خلال كم سنة هابقى مخرج"، وتركت المعهد وأكملت في كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، وأخذت منها البكالوريوس.

أعتقد أن معهد السينما اليوم يحاول خلق توازن أكبر في معرفة الطالب أو الطالبة بالعالم، فعندما ذهبت لمناقشة "سرقات صيفية" و"مرسيدس" في المعهد شعرت أن هناك مستوى نقاش معقول لم يكن موجوداً أيامنا.. أيامنا كان النقاش "فهلوي" أكثر، "سلطوي" أكثر، الناس خائفون لأنهم غير داخلين في آليات المجتمع.. اليوم هناك تحسن، تحسن ناتج غالباً من أن المجتمع أصبح متطوراً، لم يعد هناك شيء اسمه "التنظيم الطليعي" وهذه "البلاوي" التي كنا نتعامل معها، الدولة نفسها تغيرت، هيمنتها على المجتمع قلّت، وأصبح الصراع مشروعاً ـ بهذا المعنى ـ بين الدولة والمجتمع وداخل المجتمع ذاته: أيامنا لم يكن الأمر كذلك: كنا نعتبر فيلماً كـ"زائر الفجر" لممدوح شكري فيلم "سوبر ثوري"، وأفلام "دميانو دمياني" التي هي أفلام رديئة تشبه المحاضرات عن المافيا الإيطالية وتواطؤ أجهزة الدولة معها كانت بالنبة لنا أفلاماً ثورية تماماً، وهذه كانت الأفلام التي كنا نذهب لنناقشها كمرجع لكيفية التكلم عن مشاكلنا في المجتمع، اليوم نتكلم بشكل واضح عما لدينا وما ينقصنا.

عن مجلة "ألف"ـ العدد 15 ـ 1995

 

هنا البحرين في

14.12.2005

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)