جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

سحر سبيلبيرغ

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

البعض يقول بأن التأثر الانطباعي الفوري لأي فيلم.. بعد مشاهدته مباشرة، لا يمكن أخذه في الحسبان أثناء مناقشة أي فيلم..!! ونحن نقول العكس.. فالتأثر بفيلم ما بعد الخروج من صالة العرض، لهو إحساس حقيقي له أبلغ الأثر على نجاح أي فيلم وقدرته على التأثير.

فقد استمر ذلك الشعور بالخوف والرعب لساعات عدة، بل وسيطر علينا بالكامل.. بعد مشاهدتنا لفيلم الأمريكي الأشهر ستيفين سبيلبيرغ (حرب العوالم).. هذا المخرج الكبير، الذي عودنا دوماً على المفاجآت، في ابتكاره لأساليب جديدة في معالجاته لدراما الخيال العلمي السينمائي.

فهو في فيلمه الجديد هذا.. يقول الكثير عندما يتحدث عن مخلوقات فضائية جاءت إلى كوكب الأرض للقضاء عليه وعلى الإنسان فيه.. مستوحياً ذلك من رواية كتبها الإنجليزي (هـ. ج. ويلز) المنشورة عام 1898.. وقدمت أكثر من مرة في الإذاعة والسينما.. إلا أن سبيلبيرغ يعود بها من جديد، بعد أن أضاف إليها من لمساته الفنية الابتكارية، وجعلنا نفتح أفواهنا دهشة وإعجاباً واستمتاع.

يبدأ سبيلبيرغ فيلمه بمسار اجتماعي عادي وبسيط، عندما نشاهد بطل الفيلم (توم كروز) يعيش وحيداً بعيداً عن طليقته وولديه، ويكتفي برؤيتهما مرة كل شهر، مع التأكيد على عدم الألفة والتعلق الأسري من الطرفين.. الأب وولديه.

ثم نكتشف بأن هذا المسار الاجتماعي، ليس سوى تمهيداً فقط لوضع تلك الشخصيات في حالات إنسانية وحياتية صعبة بل كارثية، لمواجهة أحداث الكارثة الآتية من السماء، على شكل برق ورعد وإعصار غير عادي كبداية، ثم كيف أن الأرض تبدأ في التشقق، في مشهد يعد من أخطر مشاهد الخيال العلمي في السينما، لتظهر من هذه التشققات مركبة فضائية عملاقة تصب نيرانها على الجميع.. لتبدأ المعركة الكونية غير المتكافئة.

من خلال هذه الكارثة الكونية والأحداث الكئيبة والمدهشة.. نتابع الأب ومحاولاته في حماية ولديه لإيصالهم إلى والدتهم.. ولنتعرف من خلال تلك الأحداث الجسام، على علاقات إنسانية حميمية كامنة في أعماق تلك الشخصيات، ونكتشف ذلك الخط الإنساني بينهم، والذي بدأ يتجلى بوضوح.. إضافة إلى إحساسهم بمدى حاجتهم إلى هذا الترابط الأسري الأثير.

هنا نجح سبيلبيرغ إلى حد كبير في الموازنة بين العاطفة والكارثة.. بين الواقع الاجتماعي والخيال العلمي.. في مشاهد مدهشة خلاقة ومبتكرة.. متنازلاً في هذا الفيلم عن براءة الترفيه الذي اتصفت به غالبية أفلامه الخيالية.. حيث نظرته الأثيرة إلى الفضاء وكائناته كمصدر للإلهام والتواصل مع الآخر.. على عكس هذه النظرة التشاؤمية التي حملها فيلمه الأخير هذا.. فهو هنا يقدم نظرة داكنة لعالم متعثر كوارثي.. مع إيحاء بأن دمار الأرض يأتي على يد مخلوقات كونية كارهة بشدة لما أنجزه العقل الإنساني.. ولن يكون مصدر هذه النظرة التشاؤمية، سوى تلك التأثيرات النفسية والاجتماعية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا.

 

هنا البحرين في

03.08.2005

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)