جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

أحمد زكي "لا ينام"

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

دور أحمد زكي في فيلم (عيون لا تنام ـ 1982)، لم ولن ينسى أبداً، فهذا الفيلم يتبنى فكرة تعتمد ـ أساساً ـ على الرغبة المرتبطة بالطبيعة الإنسانية، وهي حب التملك. ولكنه قدمها بعيون ناقدة ومتفهمة لمدى خطورة هذه الرغبة، فهي عندما تسيطر على الإنسان تحطمه وتقضي عليه.

ففي أحد محاوراته الصحفية.. يتحدث الفنان الراحل أحمد زكي وهو يفكر بعمق عن إنسان اليوم.. فيقول:

"اليوم علينا معالجة الإنسان.. أنا لا أجيد الفلسفة ولا العلوم العويصة.. أنا رجل بسيط جداً لديه أحاسيس يريد التعبير عنها.. لست رجل مذهب سياسي ولا غيره، أنا إنسان ممثل يبحث عن وسائل للتعبير عن الإنسان. الإنسان في هذا العصر يعيش وسط عواصف من الماديات الجنونية ، والسينما في بلادنا تظل تتطرق إليه بسطحية (...) هدفي هو ابن آدم، تشريحه، السير ورائه، ملاحقته، الكشف عما وراء الكلمات، ما هو خلف الحوار المباشر. الإنسان ومتناقضاته، أي إنسان، إذا حلل بعمق يشبهني ويشبهك ويشبه غيرنا.. المعاناة هي واحدة.. الطبقات والثقافات عناصر مهمة، لكن الجوهر واحد . الجنون موحد.. حروب وأسلحة وألم وخوف ودمار، كتلة غربية وكتلة شرقية، العالم كله غارق في العنف نفسه والقلق ذاته. والإنسان هو المطحون. ليس هناك ثورة حقيقية في أي مكان من العالم.. هناك غباء عام وإنسان مطحون.

من هذا المنطلق.. يرى أحمد زكي في أداءه لشخصية (إبراهيم) الميكانيكي تجربة مهمة بالنسبة لتطور قدراته الأدائية على الشاشة.. فنراه يؤكد على أن الشخصيات التي أداها ـ في أغلبها ـ حزينة، ظريفة، محبطة، حالمة، متأملة.. ويكمل بقوله:

"تعاطفت مع كل الأدوار، غير أنني أعتز بشخصية إسماعيل في فيلم عيون لا تنام، فيها أربع نقلات في الإحساس.. في البداية الولد عدواني جداً كريه جداً.. وساعة يشعر بالحب يصبح طفلاً.. الطفولة تجتاح نظرته إلى العالم والى الآخرين.. لأول مرة الحب، وهاهو يبتسم كما الأطفال، ثم يعود يتوحش من أجل المال، ثم يحاول التبرئة، ثم يفقد صوابه.. كلها نقلات تقتضي عناية خاصة بالأداء. في عيون لا تنام جملة أتعبتني جداً، جعلتني أحوم في الديكور وأحرق علبة سجائر بأكملها.. مديحة كامل تسأل: (إنت بتحبني يا إسماعيل؟) فكيف يجيب هذا الولد الميكانيكي الذي يجهل معنى الحب، وأي شيء عنه؟ يجيبها: (أنا ما عرفش إيه هو الحب، لكن إذا كان الحب هو أني أكون عايز أشوفك باستمرار، ولما بشوفك ما يبقاش فيه غيرك في الدنيا، وعايزك ليّه أنا بس.. يبقى بحبك). سطران ورحت أدور حول الديكور خمس مرات عشر.. لحظة يبوح ابن آدم بحبه، لحظة نقية جداً، لابد أن تطلع من القلب.. إذا لم تكن من القلب فلن تصل.. واحد ميكانيكي يعبر عن الحب، ليس توفيق الحكيم وليس طالباً في الجامعة، وإنما ميكانيكي يعيش لحظة حب.. هذه اللحظة أصعب لقطة في الفيلم".

 

هنا البحرين في

08.06.2005

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)