جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

شادي.. اليوبيل الذهبي

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

إنها حقاً بادرة طيبة من مكتبة الإسكندرية، بالإعلان عن الإحتفال باليوبيل الذهبي لميلاد الفنان العبقري "شادي عبدالسلام" (1930 ـ 1986).. هذا الإحتفال الكبير والهام، الذي سيتضمن إفتتاح أول قاعة متحفية لعبد السلام وتضم مكتبته وأصول تصميماته للازياء والديكورات اضافة الى رسومات عشرات اللقطات السينمائية للافلام التي أخرجها ومشروعات الافلام التي لم يستكملها. إضافة إلى عددا من الانشطة الثقافية منها المحاضرات والعروض الفنية فضلا عن افتتاح قاعة عرض سينمائي ستعرض فيها أعماله. وقد اشترت مكتبة الاسكندرية التراث الفني لعبد السلام تقديرا لدوره الكبير في تطوير صناعة السينما المصرية من خلال فيلمه (المومياء) الذي تمكن من خلاله من وضع السينما المصرية على خريطة السينما العالمية منذ عرضه في مهرجان البندقية السينمائي الدولي عام 1970.

وعبدالسلام.. هذا الفنان التشكيلي والمخرج والمنظر السينمائي المصري، أعتبر واحداً من أهم فناني عصرنا العربي الحديث، ليس لتميز أسلوبه السينمائي فحسب، وإنما لأنه أحد المناضلين في حرب الفن والثقافة العربية.

في يونيو من عام 1985، طالعتنا الصحف، وبشكل مفاجأ، بأن شادي عبدالسلام موجود في مستشفى «تيفناو» السويسري، لإجراء عملية إستئصال ورم جبيث، وهو المرض الذي توفي به وحرمنا من عبقريته.

لقد توفي شادي عبدالسلام في الثامن من أكتوبر عام 1986 ، بعد أن أهدى للسينما فيلمه الخالد (المومياء ـ 1970)، ذلك الفيلم المعجزة الذي تفخر به السينما العربية. لقد رحل عنا دون أن يتمكن من تحقيق مشروع حياته الثاني، ألا وهو فيلم (أخناتون)، والذي كتب له القصة و السيناريو والحوار، إضافة الى وضعه التصاميم لأدق وأصغر اللقطات والمشاهد، ثم عجز عن توفير منتـج لـه. خمـسـة عـشر عـامـاً قضاها شادي وهو يبحث عن ذلك المنتج، وقضاها ـ أيضاً ـ وهو يحارب المرض الخبيث من جهة، ومن جهة ثانية كان عنيدآ في حربه مع الجهل المتفشي في مؤسسات وأجهزة ثقافية أحجمت عن إنتاج فيلم سيعتبر مفخرة لمن يصنعه. خمسة عشر عاماً من الإنتظار لتحقيق فيلم، إصرار مبالغ فيه فعلاً، إلا أنه لا يوازي ذلك الجهل والإهمال والحرب التي واجهها هذا الفنان. إنه حقاً تحدٍ مباشر، يكشف عن قدرة إسطورية على التحمل، ويكشف ـ الى حد كبير ـ عن خصوصية هذا الفنان وتميزه.

لولا تواجد المخرج الإيطالي الكبير روسيلليني في مصر، إثناء إخراجه فيلم عن الحضارة، لما أتيح لفيلم (المومياء) الظهور إلى النور.. فبعد إنتهاء عبدالسلام من كتابة المومياء، بدأ بالبحث عن طريقة لتنفيذه، وقتها كان يعمل مع المخرج الإيطالي الكبير روسيلليني، فعرض عليه السيناريو، وبعد أن قرأه روسيلليني لم يصدق بأن هذا السيناريو يبحث عمن ينفذه. فأخذه فوراً الى وزير الثقافة المصري، وكان ذلك بمثابة تزكية وإعتراف صادق من مخرج عالمي كبير، بأهمية الفيلم وأهمية تنفيذه، لذلك دخل السيناريو ضمن مشاريع مؤسسة السينما.

وإذا كان السرطان قد هدد الجسد وقضى عليه، فإن دهاليز الأجهزة الثقافية المسئولة عن الإنتاج السينمائي في الوطن العربي، لا بد أن تشل قدرة فنان مبدع وخلاق مثل شادي عبدالسلام.

 

هنا البحرين في

23.02.2005

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)