جديد حداد

 
 
 
 

رؤية..

صَدَقَ سهر الليالي

 
 
 
 

مجلة

هنا البحرين

 
 
 
 
 
 

الصدق الفني.. قضية مطروحة دوماً في الأوساط الفنية والسينمائية وعلى الأخص في تناول قضايا اجتماعية ونفسية.. وهذا أول ما لفت انتباهي في فيلم (سهر الليالي).. الفيلم الأشهر الذي استحق بالفعل كل الضجة الفنية والجوائز الكثيرة التي حصل عليها.. ففي مشاهدة متأخرة لفيلم (سهر الليالي).. تملكني هذا الفيلم الجميل جداً.. شعرت حينها بأن معالجة قضايا اجتماعية حميمية كالقضايا التي طرحها هذا الفيلم.. بات مسكوتاً عنها في سينما هذه الأيام.. أقصد سينما الضحك والابتذال.... خصوصاً تلك العلاقة بين الزوج والزوجة.. بين الحبيب والحبيبة.

الصدق الفني الذي يبثه الفيلم هو خليط مذهل من النقاش الفكري والاجتماعي وبين الكوميديا الخفيفة التي تعطي المتلقي جرعات استراحة من هذا النقاش المتواصل في بناء العلاقات الاجتماعية.. وهي بالطبع جرعات بعيدة كل البعد عن الإسفاف والابتذال.. دون المساس بالتراتب الدرامي لمجمل الشخصيات والأحداث التي يقدمها السيناريو.. فهو يقدم لظروف أربعة أزواج من الشباب جمعت بينهم صداقة قديمة وذكريات حميمة.. ويعتمد بناء الفيلم على التناغم بين علاقات هؤلاء الشباب وزوجاتهم.

أربع حركات لسيمفونية بصرية متكاملة: الحركة الأولى تحكي عن رجل الأعمال الشاب (فتحي عبدالوهاب)، الذي يحب زوجته (منى زكي)، إلا أنه لا يتوانى عن خيانتها مع أخريات.. لذا تطلب منه الافتراق رغم أنها تحبه. الحركة الثانية تتناول اختلاف الوضع الاجتماعي بين الشاب (أحمد حلمي) وزوجته (حنان ترك)، تلك التي اختارته زوجاً لإغاظة حبيبها السابق.. وتأثير ذلك على علاقتهما التي لم تكن في الأساس ذات أسس أصيلة. الحركة الثالثة تعرض لموضوع حساس يتناول الحياة الجنسية لمديرة العلاقات العامة (جيهان فاضل) التي تعاني من عدم اكتفاء جنسي مع زوجها.. لذا تطلب الطلاق للبحث عما يحقق لها ما تريد. الحركة الرابعة تعكس حالة حب حميمية بين مهندس الصوت (شريف منير) وخبيرة الإدارة الطموحة (علا غانم).. إلا أن الحبيب يخاف الزواج والفشل ويفضل أن يتحاشى تلك المشاكل التي وقع فيها أصدقائه. يخشى بقوة من الزواج، لأنه يرى الزواج قيدا لا يقوى عليه ومسؤولية ليس مستعدا لتحمل تبعاتها المعنوية والأدبية.

هذه الحركات الأربع تتداخل مع بعضها لتثمر لحناً جميلاً يعلو ويهبط في نسيج اجتماعي وتناغم هرموني جميل. حيث تشابك هذه العلاقات بين الذكور من جهة وبين الإناث من جهة أخرى.. يختار الأزواج الذهاب سوياً إلى الإسكندرية، والزوجات اللاتي جمعتهن محنة الهجران واللجوء الاضطراري للانفصال المؤقت. ينسج السيناريو برهافة وفي حوار ذكي ولماح شحنات شعورية لكل شخصية مستعرضاً الذكريات والتجربة المشتركة بينهم ومناطق اختلافها.. ليصل السيناريو بهذه العلاقات إلى نهاية سعيدة.. ولكنها مفتوحة على الاحتمالات الدرامية الاجتماعية.. وهو بذلك لا يقدم حلولاً لهذه المشاكل الاجتماعية التي عرضها.. بل يسلط الضوء عليها بشكل هادئ وعقلاني.

هاني خليفة.. قادم جديد وفنان مذهل.. جاء بفيلمه الأول ليؤكد بأنه مخرج، طال انتظارنا له، وأن السينما المصرية في السنوات الأخيرة باتت بحاجة لمخرج مثله.

 

هنا البحرين في

01.09.2004

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)