جديد حداد

 
 
 
 

ألن باركر وضعه في القمة فسقط سريعاً

روركي العائد بحسرة

 
 
 

جريدة الوطن

 
 
 
 
 
 

أتذكره تماماً.. هذا الذي يدعى ميكي روركي.. الأمريكي صاحب الأعمال المتميزة مع بداية الثمانينيات (Rumble Fish ـ Year of the Dragon ـ Angel Heart ـ The Rainmaker).. إنها حقاً أفلاماً متميزة.. رفعت رصيد هذا النجم في سوق السينما آنذاك.. بعدها لم يلفت النظر بأي فيلم له.. صحيح بأنه لم يتوقف عن التمثيل، ففي رصيده أكثر من أربعين فيلماً.. إلا أنه لم يهتم بالتمثيل كما ينبغي... أفلامه هذه لم يتبقى منها في الذاكرة سوى قلة قليلة.. ربما تعد على أصابع اليد.. وها هو يعود مرة أخرى في فيلم "رودريغيز" الجديد "مدينة الخطيئة".. الذي وصفوه بالتحفة السينمائية.

عندما تعرفت عليه في فيلم (قلب ملائكي ـ 1987) مع العملاق روبرت دي نيرو.. أدهشني ساعتها في دور استثنائي مذهل.. قلت بأنه نجم المستقبل.. وأفلامه المقبلة ستؤكد ذلك.. إلا أنه خذلني كمتفرج.. مثلما خذل نفسه، كما يقول في إحدى حواراته الصحفية الأخيرة.

ففي حوار مع ميكي روركي، أجرته له مجلة "توتال فيلم"، يذكر بأنه قد مر بأيام كلها جنون.. (...كانت لدي تجربة رائعة مع مايكل سيمينو في «سنة التنين» ومع ألان باركر في «قلب ملائكي» .. ألان باركر مخرج عظيم، أحد أفضل المخرجين الذين صادفتهم، كما عملت أيضاً مع فرانسيس كوبولا في فيلم «السمكة» وأعطاني بعض المشاهد أيضاً في «صانع المطر» أقدر له ذلك (...) مرت حياتي بأيام كلها جنون، كنت فيها قادراً على السيطرة على الأمور وجعلها تسير على نحو أفضل بكثير مما فعلت. لقد خيبت نفسي بنفسي، ولم أتمكن من تطوير حياتي المهنية بخلاف ما حدث، ولهذا حياتي لم تصبح أفضل، لم أفعل، بل ذهبت في الاتجاه المعاكس، لم أكن مهتماً بأن أصبح ميل جيبسون (...) أنا من خريجي استوديو الممثل، وكنت مهتماً جداً بأن أطور نفسي كممثل وأن أتوسع بأن أقدم أدواراً لم تكن فيها المادة السينمائية مضمونة، أردت أن أكون قادراً على القيام بأدوار شخصيتي في فيلم «بارفلاي» بغض النظر عما إذا كان الفيلم جيدا أو قذراً، ثم ان أذهب إلى أيرلندا. وأشارك في فيلم عن الجيش الجمهوري الأيرلندي «صلاة لأجل الموت»، في وقت لم تكن تلك المادة تحظى بشعبية، بدلاً من المشاركة في فيلم تجاري نصوره داخل استوديو، ربما ما كان يجدر بي القيام بشيء كهذا.. (...) طبيبي النفساني قال لي ذلك في عدة مناسبات، لقد بدأنا العمل معاً حين رأيت أني بحاجة لبعض العون، بعض التوجيه، فقال لي: «مايك إن أخلاقياتك ما عادت تسري في عصرنا هذا، كان يمكن للأمر أن يكون أفضل لو أنك ولدت قبل 200 عام من الآن، إنك لست بحاجة لهذا الدرع الذي تحيط به نفسك، من الأفضل أن ترميه!» ذهنياً أو غير ذلك، أحياناً تستطيع أن تخرج قليلاً عن نطاق السيرة وتفقد إدراكك للصورة التي يراك الناس عليها، أظن أن هذا ما حدث لي...).

روركي هو أحد خريجي أستوديو الممثل.. هذا المعهد المعروف لدى الكثيرين، بأنه من خرج مارلون براندو، وروبرت دي نيرو، وداستن هوفمان.. وغيرهم من عمالقة الأداء التمثيلي العبقري.. كان يمكن أن يكون أقل فوضوية وأفضل مما هو عليه الآن..

إذن ما الذي حصل..؟! ماذا فعل بنفسه هذا الفوضوي..؟! عرفت فيما بعد بأنه قبل أن يكون ممثلاً كان رياضياً يعشق الملاكمة.. لذلك اهتم بالملاكمة أكثر من اهتمامه بالتمثيل، لمدة عشر سنوات، ذهب خلالها إلى آسيا وأوروبا ليمارس عشقه القديم، بينما اعتبر المحيطون به هذا التصرف جنوني.. لأنهم رأوا بأن الملاكمة ستنهي حياته تماماً.. متجاهلين رغبة روركي كإنسان أحب الملاكمة أكثر مما أحب التمثيل.

ويقول في نفس اللقاء: (...لقد كنت ملاكماً قبل أن أصبح ممثلاً، ولهذا أردت العودة إليها، من جديد، لهذا توقفت عن التمثيل ومضيت إلى آسيا وأوروبا طوال خمس سنوات، أخذت فيها ألعب الملاكمة، فعلت هذا لأجلي أنا دائماً، كنت أحب الرياضة أكثر مما أحببت التمثيل، لم يعجب هذا أوساط الصناعة السينمائية لأنهم رأوا الملاكمة شيئاً هداماً بالنسبة لي، لكن كانت هناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن أفعلها وكانت أكثر ضرراً من الملاكمة، صحيح أنني تعرضت للكثير من الضرب، لكنني لا أنظر إليها كشيء هدام للصحة.

في حديثه لنفس المجلة.. بدت الحسرة والندم واضحان عليه: (ليس هناك من ألومه سوى نفسي.. كل ما أرادته هو أن أحظى بالاعتراف بأهميتي لا أريد أن يتذكرني أحد لتلك السنوات العشر التافهة التي قضيتها بعيداً عن السينما... لقد فقدت أموالي، فقدت زوجتي، فقدت مهنتي، وفقدت الملاكمة، لم أعد قادراً على إيجاد عمل لي، وعلي أن أعود وأبدأ من جديدة. كل شيء ضاع... كان علي أن أترك المخدرات وأترك الشراب، وأغلق فمي وأسيطر على أعصابي وأنظم حياتي، لابد من دفع الثمن حين يعيش الإنسان بلا قواعد، الآن لدي قواعد.. وأهداف.. (...) أعيش الآن بالاعتماد على مواردي الخاصة، لهذا لا يتعين علي أن أقبل أي دور من أجل المال، في السابق، كلما نقص المال معي، تراني أقبل بأي عرض حتى لو لم أكن أحترمه، أما الآن، فلن أقبل إلا بالعمل مع مخرجين وممثلين أحترمهم ومواد نزيهة. لقد عرضت علي العديد من الأدوار بعد فيلم «دومينو» لكنني رفضتها لأنها لم تعجبني...).

 

الوطن البحرينية في

25.01.2006

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)