جديد حداد

 
 
 
 

لقطة

معضلة الإنتاج

 
 
 

جريدة الوسط

 
 
 
 
 
 

كثر الحديث في السنوات العشر الأخيرة عن أزمة أو أزمات تواجه السينما المصرية.. والتطرق لأبرز المشاكل التي تواجه السينما المصرية، ومحاولة تشخيص هذه المشكلة المسماة بالأزمة، تكمن أساساً في مشكلة الإنتاج. حيث أن السينما المصرية تواجه أزمة إنتاج بالدرجة الأولى، وليس كما يشاع غالباً، بأن الأزمة هي أزمة إبداع.

والقول بأن السينما فن وصناعة قولاً صحيحاً، إلا أن الصناعة هي التي تتحكم وتوجه هذا الفن. فالسينما كفن، ليست كباقي الفنون الأخرى، وذلك لأنها تعتمد أساساً على عناصر التمويل والإمكانيات المادية، أكثر من إعتمادها على عناصر فنية خالصة، ولا يمكن أن يستغني هذا الفن عن رأس المال أبداً . لذلك يبقى مبدعو السينما دائماً تحت رحمة صناع وتجار السينما.

وهذا بالطبع ينطبق على السينما في كل مكان، خصوصاً في البلدان التي تتوفر فيها عجلة إنتاج مستمرة.. وكمثال على ماسبق، أمامنا نموذج الإنتاج في السينما المصرية.

ففي السينما المصرية، ذات الإنتاج الفقير ـ مقارنة بسينما الدول الغربية ـ تحكم الفنان عجلة إنتاج ودوائر توزيع محددة. فالمبدع السينمائي المصري ليس من السهل عليه أن يتجاوز صناعة سينما لها تاريخ طويل، وتقاليد سينمائية متوارثة ترسخت على مر الزمن. وبالتالي فالمخرج المصري في هذه الحالة عليه أن يبذل جهداً مضاعفاً غير الجهد الإبداعي، جهداً لمقاومة كل هذه التقاليد والموروثات داخل هذه الصناعة.

أما في بلدان عربية أخرى، كسوريا أو تونس أو الجزائر مثلاً، فلا يوجد عجلة إنتاج مستمرة، وإنما يوجد هناك نظام تمويل وصيغ إنتاجية مختلفة تماماً، صيغ إنتاجية ثرية، تسمح بإنتاج سينما بشكل مريح. فالمخرج ـ مثلاً ـ يعطى فرصة سنة كاملة للإعداد لفيلمه. وهذا أمر مستحيل في مصر، فأقصى فترة يمكن أن يصور فيها فيلم ما هي ستة أو سبعة أسابيع. وهذا بالطبع ناتج من أن هذه البلدان لا يوجد فيها صناعة سينما بصفة مستمرة، والسينمائيون فيها يعيشون في حالة من الحرية الفنية، لا تحكمهم تقاليد وقيود سينمائية محددة، فهم ـ مثلاً ـ متحررين من الأداء التمثيلي التقليدي والميلودرامي المبالغ فيه.

ومما سبق نصل الى نتيجة مذهلة، ألا وهي بأن المبدع المصري الحقيقي الذي يحاول تقديم الجديد والجاد لهو محارب شرس ضد كل هذا التيار الإنتاجي التقليدي المسيطر، وإن أي جديد يصل به الى المتفرج ليعتبر إنتصاراً حقيقياً في ضل سيطرة هذا الإنتاج المتخلف.

 

الوسط البحرينية في

22.09.2002

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)