جديد حداد

 
 
 
 
 
 

عن رحيل العملاق شاهين

( 3 )

 
 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

في (جميلة الجزائرية ـ 1958)، يتقدم المخرج المناضل شاهين خطوة أخرى، ليعبر عن ذلك الشعور القومي والتضامن العربي مع الجزائر في حربها التحررية ضد الفرنسيين.. لم يتضمن الفيلم أي تحليل سياسي لقضية الشعب الجزائري، وإنما جاء فيلماً حماسياً صادقاً، هذا رغم أنه يعد نقطة تحول عند يوسف شاهين، إذ يقول: '(...دخل الوعي الاجتماعي أفلامي بعد فيلم جميلة.. في جميلة كنت وطنياً بالفطرة، كانت الأمور بالنسبة إليّ أشبه بالعسكر والحرامية، الناس في الفيلم كانوا إما جيدين أو سيئين، وعندما خرجت الجماهير من قاعة العرض وأحرقت السفارة الفرنسية، أدركت أني فجرت شيئاً لا أعرفه، هناك صراعات أبعد من قصة العسكر والحرامية. بدأت أقرأ عن مذاهب فلسفية واجتماعية، وتعرفت على عدد من السياسيين، بدأت أكتشف تدريجياً بعض القوانين ولغة الصراع، فأخذت تتكون عندي عموميات فكر سياسي...).

وفي فيلم (الناصر صلاح الدين ـ 1963) تتأكد قدرات شاهين السينمائية والتقنية، حيث قدم من خلاله ملحمة على طريقة أفلام هوليوود الضخمة، عن الحروب الصليبية التي قادها صلاح الدين الأيوبي ضد أوروبا، مشيراً ـ بشكل واضح ـ إلى عبد الناصر، الذي قاوم أوروبا ـ أيضاً ـ إبان العدوان الثلاثي على مصر.

قدم شاهين بعدها، فيلم (فجر يوم جديد ـ 1964) متناولاً فيه وضع الطبقة البورجوازية في مصر بعد ثورة يوليو .1952 ويعلق شاهين على هذا الفيلم، فيقول: (...كنت لازلت مثالياً، فتصورت أن الأمل يأتي من داخل البورجوازية ذاتها، وربما يعود هذا التصور إلى طبيعة انتمائي الطبقي...).

وفي عام 1967 بدأ شاهين العمل في فيلم (الناس والنيل) وهو إنتاج مشترك مصري/ سوفيتي، عن تعاون البلدين في بناء السد العالي، إلا أن النسخة الأولى من الفيلم لم تعجب المسئولين المصريين، ما اضطره إلى إجراء تعديلات انتهت إلى نسخة جديدة منه لم تعجبه هو. وكان هذا الفيلم خاتمة مرحلة نمو الوعي الاجتماعي؛ وبداية تعمق الوعي السياسي عند شاهين، مرحلة جديدة أعقبت هزيمة ,1967 بدأها بفيلم (الأرض ـ 1968)، حيث لم تكن هذه المرحلة هامة وحاسمة بالنسبة لشاهين فقط، وإنما كان صدى الهزيمة وتأثيرها قد أصاب غالبية المثقفين العرب، إن لم نقل غالبية الشعب العربي.

كانت الهزيمة بمثابة الصفعة القوية والحدث الأفجع، بل كانت مرحلة انتهت فيها العفوية والتعاطف مع الطبقات الشعبية، وجاءت لحظة الالتزام الحقيقي والوعي السياسي والاجتماعي الجاد. وقد بدا ذلك واضحاً بالنسبة ليوسف شاهين، حيث ذلك الفرق ما بين فيلمي صراع في الوادي، والأرض، على الرغم من طرحهما لموضوع متشابه، ألا وهو صراع الفلاحين ضد الإقطاع. فقد عبر شاهين بصدق عن هذا الصراع في فيلمه (الأرض)، وأكد مقدرته على النفاذ إلى أعماق الفلاح وتصوير حياته البسيطة التي تمتزج فيها المأساة بلحظات الفرح، وكان الفيلم بمثابة التحفة الفنية الرائعة، ومن أهم ما أنتج في السينما المصرية عن الأرض والفلاح.

 

أخبار الخليج في

14.09.2008

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)