جديد حداد

 
 
 
 
 

رسائل داود

( 1 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

بعد شهور من الانتظار والترقب لمشاهدة "رسائل البحر"، الفيلم الأخير للمخرج داود عبدالسيد.. تمكنت أحداثه وشخصياته من التأثير بشكل جلي، علي وعلى مشاعري.. كنت حريصاً على مشاهدة الفيلم قبل رفعه من صالات العرض في البحرين.. باعتبار أن الفيلم العربي في صالات البحرين لا يستمر أكثر من أسبوع، خصوصاً إذا كان من هذه النوعية من الأفلام الفنية.. وفي نفس الوقت حرصت ـ بعد المشاهدة ـ أن لا أناقش الفيلم مع أي شخص.. وذلك لاعتقادي بأن ذلك سيفسد علي الكثير من متعتي الشخصية بالفيلم وشخصياته.. وبالفعل حدث ما أردت.. خصوصاً بأن المقربين مني فاتهم الفيلم ولم يشاهدوه قبل رفعه من صالات العرض.. المتعة الشخصية التي أتحدث عنها، هي متعة فنية جمالية خالصة، بما جاء به الفيلم من مضمون وشكل فني خلاق.. سيطر على إمكانيات التلقي لدي.. إمكانيات المشاهدة والتفاعل والانسجام والتأثر..!!

حالة النشوة والمتعة الفنية التي كنت فيها بعد مشاهدتي لفيلم (رسائل البحر)، لم تتركني حتى اللحظة.. لحظة الكتابة عن الفيلم.. وبما أني لازلت أعيش هذه المتعة، فمن الطبيعي أن أتقاضى عن بعض الإخفاق في سرد الأحداث وتتابعها، كما بعض الأخطاء في التنفيذ التقني.. المهم أن هذه الأشياء لم تفسد متعتي في المشاهدة.. وهذا هو المهم..!!

فمن يريد أن يستمتع بفيلم عبدالسيد الأخير هذا، عليه أولاً أن يشاهد أفلامه السابقة.. فهي التي ستعينه على تتبع جميع الأفكار والمعاني النفسية والأخلاقية التي يضمنها أفلامه.. منذ فيلمه الأول الصعاليك، وحتى فيلمه هذا..!!

فعبدالسيد يشكل حالة خاصة في السينما المصرية، باعتباره فنان بدرجة مفكر سينمائي، بمعنى أن أفلامه تحمل في طياتها أفكاراً فلسفية ونفسية عميقة.. فهو يكتب أفكاره ويترجمها بالصورة والصوت، من خلال شخصيات يحيطها بالكثير من التفاصيل والظروف الخانقة، ويتركها تختار طرقها وتختار قراراتها، التي بالطبع ستؤدي إلى حالات من التفاعل بين الخطأ والصواب.. وهو ـ بالتالي ـ لا يحاول أن يدين هذه الشخصيات أو يطلق ضدها الأحكام.. فقط يتركها في خضم تلك الظروف والمتناقضات، لكي تصل إلى مرحلة الحسم أو الانتصار.. هذه هي طبيعة شخصيات عبدالسيد في جميع أفلامه..!!

مؤخراً.. فاز فيلم (رسائل البحر) بالجائزة الأولى في مهرجان الإسكندرية السينمائي هذا العام.. كما تم اختيار الفيلم عن طريق لجنة فنية مصرية، للمشاركة في ترشيحات جوائز الأوسكار القادمة لأوسكار أفضل فيلم أجنبي.. وهذا بالطبع يزيد من رصيد الفيلم الفني والجماهيري.. اللجنة رئسها الكاتب محمد سلماوي، وتضم في عضويتها محمود ياسين وليلى علوى ومحمود قابيل، والمخرجين سمير سيف وإيناس الدغيدى، والنقاد رفيق الصبان ولويس جريس وأحمد صالح.

يتحدث عبدالسيد عن فيلمه، فيقول:

(... الفكرة كتبتها عن طريق علاقة وجدانية بحتة مع شخصيات داخلي أردت أن أعبر عنها وأتعايش معها، فالفيلم حكاية أحبها وشخصيات أريد أن أوضحها، وشعرت بشحنة داخلي تدفعني للتعبير عن هؤلاء البشر وكيف يعانون في المجتمع وكيف يواجهون المشاكل ويحبون أنفسهم ويتصالحون مع ذواتهم، وكيف يتصرف معهم القدر وبصراحة، لم يكن لدى هم اجتماعي أو سياسي بل مجرد أحاسيس وجدانية فقط...).

 

أخبار الخليج في

29.04.2011

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)