جديد حداد

 
 
 
 
 

داود عبدالسيد

( 1 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

كل فيلم جديد للمخرج داود عبدالسيد، يمثل تظاهرة سينمائية استثنائية.. ترى لماذا..؟! هل لأنه يقدم فيلماً كل خمس أو أربع سنوات.. أو لأنه يبقى في بحث دائم ودراسة متأنية لما سيقدمه في عمله التالي.. أو لنقل بأنه لا يجد المنتج الجريء والمؤمن به كفنان صاحب رؤية سينمائية وفكرية..؟! كلها أسئلة تنتظر الإجابة، لمن لا يعرف هذا الفنان المتميز، ولم يتعرف على مجموع أفلامه التي قدمها على مدى ربع قرن. فيلمه السينمائي الأخير (رسائل البحر)، بدأ عرضه في الصالات المصرية مع بداية فبراير الماضي، والذي أتى بعد توقف طويل دام تسع سنوات، بعد إخراجه لفيلم (مواطن ومخبر وحرامي) عام 2001. هذا الفيلم الذي أثار الكثير من الجدل والأسئلة حول المحرمات الإجتماعية والأخلاقية التي تعرض لها داود عبدالسيد..!!

* * * *

منذ المشاهدة الأولى لفيلم (الصعاليك ـ 1984) باكورة أعماله الروائية الطويلة، يتضح جلياً بأننا أمام مخرج فنان ومفكر، يحاول تقديم فيلم ذو مضمون فكري وفني متميز.. فنان يبحث عن أسلوب مختلف في الطرح والأسلوب.. وتأكد ذلك مع أفلامه اللاحقة، حيث كان كل فيلم جديد له، بمثابة بحث متواصل عن العلافات الإنسانية المتشابكلة، بحث عن مكنون الإنسان النفسي والإجتماعي..!! فالمخرج عبدالسيد، بالرغم من قلة أعماله (8 أفلام في 25 عام)، إلا أننا نلاحظ هذا التأني والدقة المتناهية في الإختيار، من أجل تقديم سينما ذات مضمون فني وفكري متميز.. سينما حملها رؤية وأسلوب خاص.

نحن إذن.. أمام مخرج يحاول دوماً الخروج على السائد والتقليدي، والتحرر من أسر تلك السينما التقليدية العتيقة.. يصنع السينما التي يريدها، مهما كلف الأمر، حتى ولو بقى بعيداً عن صناعة السينما التي يحب أعوام وأعوام.

بدأ عبد السيد حياته العملية بالعمل كمساعد مخرج في بعض الأفلام، أهمها (الأرض) ليوسف شاهين، (الرجل الذي فقد ظله) لكمال الشيخ، (أوهام الحب) لممدوح شكري. ثم بعد ذلك توقف عبد السيد عن مزاولة هذا العمل.. (...لم أحب مهنة المساعد، كنت تعساً جداً وزهقان أوي.. لم أحبها، إنها تتطلب تركيزاً أفتقده.. أنا غير قادر على التركيز إلا فيما يهمني جداً.. عدا ذلك، ليس لدي أي تركيز...). ولهذا السبب، قرر أن يحمل الكاميرا وينطلق بها في شوارع القاهرة، يرصد الحزن والألم في عيون الناس، ويصنع أفلاماً تسجيلية إجتماعية عنهم. حيث قدم العديد من الأفلام التسجيلية، أهمها (وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم ـ 1976)، (العمل في الحقل ـ 1979)، (عن الناس والأنبياء والفنانين ـ 1980). وهي بالطبع أفلام قد حققت لعبد السيد فرصة للإحتكاك المباشر مع الناس، ومعرفة أوسع وأعمق بالمجتمع المصري بكافة طبقاته، إضافة الى أنها أكسبته الإحساس بنبض الحياة المتدفق.

(...لم يكن ضمن طموحي في الطفولة أن أصبح مخرجاً سينمائياً، ربما أردت أن أكون صحفياً.. إلا أن ما غير حياتي هو إبن خالتي، وكان يعشق مشاهدة الرسوم المتحركة. وتطور معه الأمر لشراء كاميرا، وعمل بعض المحاولات في المنزل. وتدريجياً تعددت علاقاته بالعاملين في مجال السينما. وأذكر، وكنا آنذاك في السادسة عشر، أن أخذني لأستوديو جلال، وهو القريب من سكننا بمصر الجديدة، وكانوا يصورون فيلماً من إخراج أحمد ضياء الدين، الذي كنت أعرفه بحكم زمالتي وإبنه في المدرسة. ما حدث يومها أني إنبهرت بالسينما بصورة مذهلة. وهذا الأمر أفشل تماماً في تفسيره حتى الآن، المؤكد إنه ليس النجوم وليس الإخراج وليس التكنولوجيا، بل شيء آخر غامض حقاً.. قررت بعدها دخول معهد السينما...).

 

أخبار الخليج في

13.11.2010

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)