جديد حداد

 
 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

توتسي Tootsie

 
 
 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

من بين الأفلام المهمة التي يعاد عرضها على قنوات التلفزيون في الفترة الأخيرة، الفيلم الأمريكي (توتسي ـ 1982)، وهو عبارة عن كوميديا اجتماعية خفيفة تعالج قضية البطولة المتفشية في الوسط الفني، ويعرض للمشكلة التي يتعرض لها الممثل الملتزم بالذات.. ويأتي إعادة عرض هذا الفيلم، ليس لأهميته فحسب، وإنما لأنه يعد بمثابة مثال ممتاز على أداء الرجل لشخصية امرأة في الأفلام.. وهو موضوع تناولته السينما الأمريكية كثيراً، إلا أنه في هذا الفيلم، يقدم على نحو خلاق ومبتكر.

يجسد الفنان الكبير داستن هوفمان في هذا الفيلم شخصية ممثل مسرحي يتكرر فشله في الحصول على دور في المسرح أو في التليفزيون، والسبب ليس كونه ممثلاً رديئاً، بل لأنه من وجهة نظر المنتجين والمخرجين ممثل مزعج وفضولي يتدخل في عمل غيره. لذلك نراه يضطر للعمل كجرسون في أحد المقاهي لكسب لقمة العيش، مع قيامه بتدريب بعض الوافدين الجدد على التمثيل. إلا أنه ـ وبشكل مفاجئ ـ يقرر أن يتنكر بثياب امرأة لدخول اختبار للقيام بدور امرأة في مسلسل تليفزيوني جماهيري، كانت صديقته قد فشلت في الحصول عليه. ولم يكن إقدامه هذا بدافع كسب العيش فحسب، وإنما اعتبره تحدياً لإثبات قدراته التمثيلية .ينجح هوفمان في الحصول على هذا الدور، بل ويشتهر أيضاً بفضل أدائه الجيد في المسلسل ولكنه بالمقابل يتعرض لمواقف محرجة ومشاكل عاطفية ونفسية صعبة تدفعه للكشف عن هويته في النهاية ليعود مرة أخرى في البحث عن عمل .

فيلم (توتسي) قائم أساساً على إمكانيات الممثل الكبير داستن هوفمان، وعلى قدرته على إقناع المتفرج. فقد أذهلنا هذا الفنان الكبير حقاً في هذا الدور، وكان كما عهدناه سابقاً.. حيث عودنا دائماً على ذلك التميز في اختياراته لأدواره.

أما المخرج سيدني بولاك (والذي توفى في مايو 2008)، فقد نجح في أول تجربة كوميدية له، بعد أن قدم عدة أفلام درامية جادة وهامة وناجحة، فقد برع بولاك في فيلم (توتسي) من تجسيد مجموعة من المواقف الكوميدية الساخرة البعيدة عن الابتذال وابتزاز تعاطف المتفرج. هذا بالرغم من أن طبيعة الموضوع تسمح بأن يتحول الفيلم إلى كوميديا مبتذلة على أيدي مخرج آخر.

الفيلم يعتمد في النهاية على عدد من القواعد المعروفة في السينما الكوميدية، وموضوعه مطروح وليس جديداً على أية حال. إلا أن المخرج بولاك يحاول ألا يحصر الموضوع في هذا الإطار الكوميدي المباشر ليطرح عدداً من القضايا التي يعيشها أهل الفن ومن أهمها مشكلة البطالة المتفشية في الوسط الفني، وما يتعرض له الفنان من مد وجزر على مدار العام. كذلك يتعرض الفيلم لقضية غاية في الأهمية، ألا وهي العلاقة التي يمكن أن تقوم بين الممثل والشخصيات التي يجسدها، فهناك عملية تنكر مستمرة يشير إليها الفيلم في بدايته. ويبلغ هذا التنكر أقصاه عندما يتحول الممثل إلى ممثلة، حيث أن هذا التحول ليس سوى جزء من عملية التنكر المسخرة التي يعيشها أي ممثل عند انتقاله من شخصية إلى أخرى. هناك إذن رغبة صادقة سدني بولاك للارتقاء بفيلمه وتجاوز الموقف المباشر الذي يعتبر محوراً لطرح قضايا أخرى تهم الممثل وكذلك المتفرج الذي تفاعل معه بشدة.

 

أخبار الخليج في

28.03.2010

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)