جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

إعدام ميت

 
 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

(إعدام ميت ـ 1985) بطولة محمود عبدالعزيز ويحيى الفخراني وبوسي وليلى علوي، ومن إخراج علي عبدالخالق. يندرج الفيلم ضمن تصنيف أفلام الجاسوسية، والتي برعت في صناعتها السينما الأمريكية لدرجة ابتكارها لأسطورة جيمس بوند، ووضعت في خدمته كل وسائل الإبهار التقني السينمائي بميزانيات ضخمة وإمكانيات خيالية.

أما بالنسبة للسينما المصرية فهي لم تغامر في خوض هذا المجال قبل عام 1985 سوى بفيلم واحد وهو (الصعود إلى الهاوية) للمخرج كمال الشيخ. وهو فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية سجلتها ملفات المخابرات المصرية. إلى أن قرر علي عبدالخالق إخراج فيلم (إعدام ميت)، عن قصة للكاتب إبراهيم مسعود الذي وضع السيناريو والحوار أيضاً.

وفيلم (إعدام ميت) بشكل عام كان مخيباً للآمال عند عرضه الأول، خصوصاً بأن مخرجه هو نفسه صاحب الأفلام المتميزة، مثل: أغنية على الممر، الحب وحده لا يكفي، العار.. حيث كان الجميع يتوقع من هذا المخرج فيلماً متميزاً يضاف إلى رصيده السابق من الأفلام، إلا انه قدم فيلماً ضعيفاً على أكثر من مستوى، وخاصة ذلك البناء الدرامي الضعيف والمفكك.

فالفيلم يقوم أساسا علي ذلك التشابه التام بين عميل المخابرات الإسرائيلية وآخر ضابط للمخابرات المصرية (يقوم بالدورين محمود عبدالعزيز)، حيث استغلت المخابرات المصرية هذا التشابه لتزرع عميلاً لها في الأرض المحتلة، وذلك للتأكد من صحة معلومة هامة وخطيرة، ألا وهي صحة امتلاك إسرائيل للقنبلة الذرية، من عدمها!! وبالتالي فأحداث الفيلم تدور قبيل حرب 1973.

ولا ننسى أن نشير في البدء إلى أن اعتماد الفيلم على ذلك التشابه قد جعله يركز أساسا على قدرة البطل الفرد ومغامراته أكثر من تركيزه على منطقية الأحداث الدرامية. فقصة الفيلم مؤلفة ومستمدة من خيال الكاتب، أي أنها لم تستند إلى وقائع حقيقية من واقع الصراع الشرس بين المخابرات المصرية والإسرائيلية، والذي حتماً شهد قصصاً حقيقية وحوادث مليئة بعشرات التفاصيل المثيرة، على العكس من قصة هذا الفيلم التي احتوت على تجاوزات ومغالطات لم تصل إلى مستوى المنطق والمعقول.

بعد الانتهاء من مشاهدة الفيلم، بل حتى أثناء المشاهدة، تبرز في أذهاننا تساؤلات كثيرة عن مدى صحة ومنطقية الأحداث والشخصيات، مثل: كيف تتوالى أحداث الفيلم كما أرادها وحددها رجل المخابرات المصرية، وتسير دون عقبات!! وكيف أجبر العميل الإسرائيلي على إفشاء كافة التفاصيل الكبيرة والصغيرة عن حياته، وهو الذي كان يعرف إن مصيره سيكون الإعدام لا محالة!! وكيف يريدنا صناع الفيلم أن نصدق بأن المخابرات الإسرائيلية، والتي أظهرها في صورة شديدة الحذر والذكاء في تتبعها لخطوات عميلتها سحر، ولا تعرف من جانب آخر بأن عميلها منصور قد قبض عليه وتم التحقيق معه وصدر عليه حكم بالإعدام!! ثم كيف أنها (المخابرات الإسرائيلية) وقفت عاجزة تماماً عن الوصول إلى حقيقة هذا العميل!!

كل هذا لا يعني الإخلال بكل قواعد لعبة الذكاء والاستهتار بعقلية المتفرج فحسب، وإنما يعني أيضا الاستخفاف بقدرات المخابرات الإسرائيلية، وهي المعروفة بأنها أقوى جهاز تقوم عليه دولة إسرائيل.

وإضافة إلى عدم مصداقية الأحداث وافتقادها إلى القواعد الأساسية للمنطق، افتقد الفيلم أيضا لتلك الخلفية الاجتماعية والسياسية التي تدور من خلالها الأحداث وتدعم الشخصيات.. فالشخصيات بدت وكأنها تعيش في تناقض واضح بالنسبة لتصرفاتها ومواقفها الدرامية.

وإذا اعتبرنا ـ تجاوزاً ـ بأن الفيلم مجرد مغامرات وتشويق ويمثل فيلم بوليسي ليس إلا، فيمكن الإشارة إلى أن الفيلم قد صنع بشكل جيد كإخراج وتقنية. فمخرجه علي عبدالخالق استطاع التحكم بعناصره وأدواته الفنية والتقنية، ونجح في إدارة ممثليه جيداً، خصوصاً محمود عبدالعزيز، كما أن هناك بعض اللمحات الفنية التصويرية التي جسدها الفنان سعيد شيمي بكاميرته، وساهم مونتاج حسين عفيفي في الاحتفاظ بإيقاع التوتر وطابع التشويق والحركة، ولكن كل هذا الجهد ينتهي بانتهاء الفيلم، ولا يبقى منه شيء في الذاكرة.

 

أخبار الخليج في

20.07.2017

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)