جديد حداد

 
 
 
 
 

من ذاكرة السينما..

قهوة المواردي ( 2 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

فيلم (قهوة المواردي) زاخر بالأحداث والمفارقات الكثيرة، والتي تؤكد على ذلك التغيير الحاصل في الحارة على جميع الأصعدة، الأخلاقية والاجتماعية والنفسية وحتى السياسية.. أما النهاية، فتكون مع نهاية "أبوسنة"، الذي يقتل عن طريق شابين ملتحين لم نراهما طوال الفيلم، فجأة نراهما يتهامسان وأنظارهما موجهة صوب "أبوسنة"، ومن ثم نسمع صوت طلقات الرصاص.. لتعلن نهاية الطاغية وسط أفراح الجميع، وانطلاقة المتلعثم "شعبان"، وصدور كتاب الصحفي "أحمد"، وتعم الأفراح وتنطلق الزغاريد، وتأتي الأناشيد الوطنية.

في فيلمه الثاني (قهوة المواردي) يواصل "هشام أبو النصر تحذيره من انهيار القيم.. فإذا كان في فيلمه الأول قد حذر من احتمال هدم جامع الأقمر، فإنه في فيلمه الثاني يعلي من صوته ويجعله واضحاً، حتى ولو كان ذلك على حساب تقديم قيم فنية وجمالية.. لقد زادت جرعة الفساد كثيراً في (قهوة المواردي)، وبالتالي كان يجب زيادة جرعة الدواء.. لقد مرت خمسة أعوام بين الفيلمين، تغيرت فيها مصر كثيراً، وامتدت الأذرع الأخطبوطية، محاولة تكسير كل شيء ينبض بالأصالة والتراث.. مرت خمسة أعوام نضجت فيها شخصيات فيلم (الأقمر) بعضها أصبح أكثر قدرة على المطالبة بالتغيير، وبعضها أصبح يملك تطلعات أكثر وطموحات أكثر.. وقد جاء رد الفعل للأحداث والمستجدات أكثر وضوحاً وأكثر إيجابية.

لقد تقدم "هشام أبو النصر ـ بالطبع ـ من الناحية الفنية والتقنية، عن فيلمه الأول، إلا أن (قهوة الواردي) جاء مشحوناً بالحوار الكثيف، مما أضعف من قيمة الصورة التعبيرية.. هذا إضافة إلى تشعب الشخصيات وكثرتها، فبالرغم من ترابطها، إلا أنها قد ساهمت في عدم الترابط الواضح بين أفكار الفيلم.. وبالتالي فإن السيناريست "محسن زايد" قد أرهق نفسه كثيراً بطول الحوار وتنوعه، وفي تشكيل هذا الكم الهائل من الشخصيات.

هناك أيضاً بعض الأشياء التي لم ينجح الفيلم في إظهارها، وكانت عبئاً ثقيلاً على الفيلم.. فمثلاً عندما يظهر الثري العربي في كل لقطة، لابد وأن تصاحبه أغنية عربية، وكأن المتفرج غبي لهذه الدرجة.. كذلك نهاية الفيلم، والتي جاءت مباشرة وساذجة جداً.. حيث أن من مساوئ أي عمل فني هو لجوئه إلى المباشرة.. نشاهد في المشهد الختامي "شعبان" الذي أخذ على عاتقه طبع كتاب "أحمد" الصحفي وهو يتقدم ويعطي "فراولة" وشاحاً أخضر، كرمز للعلم المصري، قائلاً: إن الحياة لابد وأن تبدأ من جديد وإن علينا أن نفتح النوافذ.. فإذا بنوافذ الحارة كلها تفتح، تتبعها موسيقى "سيد درويش" وتردد الأناشيد الوطنية، وكأن ما شاهدناه إنما هو ثورة سياسية على أوضاع معينة.. فالجميع يردد ( قوم يا مصري.. مصر دايماً بتناديك)، مع مانشيت عريض هذا الفيلم صناعة مصرية.

وختاماً.. لابد من الإشارة إلى أن فيلم (قهوة المواردي) يبقى من الأفلام الجريئة الهامة التي تناولت مساوئ عصر الانفتاح الاقتصادي في مصر، بصرف النضر عن أسلوب معالجته للأحداث.. وقد عرض الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي السادس عام 1982، وحصل على جائزتين، الأولى جائرة أفضل ممثلة لـ"نبيلة عبيد" والثانية جائزة أفضل ديكور لـ"نهاد بهجت".

 

أخبار الخليج في

22.05.2016

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)