جديد حداد

 
 
 
 
 

نور الشريف.. هرم العطاء.. ( 9 )

دم الغزال ( 1 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

يعد فيلم (دم الغزال) من بين أبرز أفلام عام 2006، والذي يتناول موضوعاً مخالفاً لما طرحته السينما المصرية سابقاً في قضية التطرف والإرهاب.. وهو موضوع قديم ومطروح منذ سنوات على الساحة السينمائية والتليفزيونية.. حتى أن كاتب السيناريو نفسه (وحيد حامد) قد تناوله في أفلام (الإرهاب والكباب، طيور الظلام) وفي مسلسل (العائلة).. وهو هنا في فيلمه الجديد يتناوله مرة أخرى ليحكي أحداث قصة حقيقية وقعت في حي إمبابة الشعبي.. حي عتيق من أحياء الجيزة، الملاصقة للقاهرة، وتحكي أحدث الفيلم عن عالم الفقراء والمهمشين ليكشف عن انفعالاتهم وإحباطاتهم ويسلط الضوء على مجتمع مليء بالمتناقضات من مشاعر وأحاسيس، تلك التي تختفي وراء أكوام من القمامة والمخلفات والجريمة والهمجية التي تسيطر على المكان والزمان.. يحكي لنا الفيلم عن أناس يعيشون في الجانب المظلم من الحياة.. مجاميع بشرية هائلة تضطرهم ظروفهم ليكونوا مهمشين.. في مجتمع عشوائي..!!

في ظل مجتمع كهذا، سهل التشكل والقيادة.. من الطبيعي وقوعه تحت سطوة شاب متهور تحول إلى متطرف ديني ومن ثم حمل السلاح بدعم من الجماعات الإسلامية، بعد أن استولت على الحي واعتبرته دولة مستقلة، يطبقون فيها حدود الشريعة الإسلامية، في وضح النهار، على الحي وناسه، إلى أن انتبهت الدولة وحررت الحي وسيطرت على الوضع، ولكن بعد ذهاب الكثير من الضحايا..!!

هذا ما أراد وحيد حامد والمخرج محمد ياسين أن يقولاه من خلال فيلمهما (دم الغزال).. ولكن الأهم في الفيلم تلك العجينة المذهلة التي شكلت شخصيات الفيلم.. والتي نجح حامد في إعطائها روح درامية جديدة.. أعطاها الكثير من التفاصيل لتبدو مليئة بالمعاني والرموز والإيحاءات.. شخصيات مرسومة بعناية فائقة تشعر بها وتتعايش مع معاناتها.. شخصيات من لحم ودم استطاعت انتزاع إعجاب المتفرج وتعاطفه.. أغلبها شخصيات مهمشة، خصوصاً تلك الشخصيات الثانوية التي أعطت للأحداث دفعة قوية من الشحنات والمشاعر الإنسانية الفائقة الحميمية..!!

فجابر عميش (نور الشريف) رجل كهل موظف على المعاش يعيش لوحده على سطح عمارة شبه متهاوية، يربي الحمام ويسعد مع أسرابها، عندما يرسلها في السماء لتطير وتعود إليه مرة أخرى. وهو يعيش أيضاً كذبة عندما يدعي بأنه يتلقى إيراد أملاك له ليتعيش منها، وينفق منها على كل من يحتاج من محيطيه.. فالحقيقة هي أن هذا المال يأتيه من مهنة غريبة يجيدها تماماً.. فهو يلقي بجسده أمام السيارات المسرعة، ومن ثم يقبل بتعويض مادي، بعد خروجه بأقل الأضرار.. وتكون نهايته تحت عجلات سيارة سائق متهور، ولكن هذه المرة دون قصد منه.

أما شخصية عبده (صلاح عبدالله)، فنجده ذلك الإنسان البسيط والطيب القلب، تلك الطيبة التي تقوده إلى ارتكاب أخطاء لا يعيها ولا يدركها.. لنشاهده يتصرف ببراءة الأطفال.. يعيش هو وزوجته على راتبه من العمل جرسوناً في نادي أرستقراطي.. وبالرغم من هذا فهو الذي يأوي الفتاة اليتيمة "حنان" مع فقده لابنته..!! كما أنه يساعدها في إيجاد عمل كخادمة لدى سيدة ارستقراطية في فندق ضخم.. معتقداً بأن هذا سيساعدها على الهرب من الحارة ومن مطاردة البلطجي والطبال اللذين يتنازعان عليها.

وتؤدي يسرا شخصية السيدة الغنية من الطبقة الأرستقراطية التي تدير النادي الصحي، وتحاول أن تتغلب على معاناتها في حرمانها من ابنها الوحيد من طليقها رجل الدولة وصاحب النفوذ والسلطان.. وتقبل بأن تعيش حنان في منزلها، ليس فقط لمساعدتها، وإنما لتساعدها على تحمل تلك المعاناة الصعبة.. ولتتكون تلك الألفة بينها وبين حنان وتعتبرها كابنتها.

 

أخبار الخليج في

14.12.2015

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)