جديد حداد

 
 
 
 
 
 

في ذكرى رحيله العاشرة..

أحمد زكي.. الأسطورة

( 1 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

ها هي الذكرى العاشرة لرحيل عملاق التمثيل الفنان الظاهرة أحمد زكي.. إذ نشعر بمدى ذلك الفراغ الفني الرهيب الذي تركه بعد رحيله..!! فمنذ ذاك الرحيل العظيم.. ونحن نعيش في دوامة الفقد.. حيث متاهات الخوف والرهبة.. رحل هذا العملاق، بعد أن أنهكه المرض والتعب، وتحدى كل وصفات الأطباء في العالم، مصمماً على التمثيل حتى آخر رمق في حياته (أصر على استكمال فيلمه الأخير حليم بالرغم من استفحال مرضه).. فقد كان التمثيل ملاذه الأول والأخير، بل إنه كان الكنز الذي اختزنه في خلاياه البلورية المليئة بالكثير من المشاعر والأحاسيس.. رحل العملاق ليجعل الخسارة والحيرة تعلو وجوه الكثيرين ممن كانوا ينتظرون شفائه، عسى أن يقوم بتنفيذ تلك المشاريع التي كانت مكتوبة خصيصاً له.

أحمد زكي، كان فناناً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.. عشنا معه مشوار طويل، منذ صعوده إلى القمة مع نهاية السبعينات، ومتعتنا بالفعل كانت حقيقية، بتلك الأدوار والشخصيات المتميزة التي قدمها طوال مشواره الفني المهم.. شخصيات كثيرة ومتنوعة شاهدناها وأحببناها عن طريقه.. ولم نتخيل يوماً بأن ممثلاً آخر يمكنه أن يؤديها بدله.. خصوصاً تلك الشخصيات الشعبية للناس البسطاء التي نتعرف عليها يومياً ولكننا لا نراها، أو نعيرها أي اهتمام.. لقد تألق أحمد زكي في أداء مثل هذه الشخصيات، وقدم لنا في كل مرة وجهاً أكثر صدقاً للمصري الأصيل.

هذا المشوار الطويل من الأداء التمثيلي الخلاق، جاء بعد معاناة كبيرة، وخلال طريق صعب ومليء بالإحاطات والنجاحات.. طريق قطعه أحمد زكي حتى يصل إلى ما وصل إليه من شهرة واحترام جماهيري منقطع النظير، جعله يتربع على قمة النجومية لأكثر من عشرين عاماً. حصد خلالها العديد من الجوائز المحلية والدولية، واحتكر جوائز أفضل ممثل مصري لعدة أعوام متلاحقة.

اعتقد جازماً.. بأنني عندما أطلق على النجم الأسمر أحمد زكي، النجم الأسطورة، فهو حقاً أسطورة في التمثيل.. فقد كنا أمام فنان مجتهد جداً، اهتم كثيراً بالكيف على حساب الكم، لفت الأنظار مع كل دور جديد قدمه، وأعماله شهدت له بذلك، منذ أول بطولة له في فيلم "شفيقة ومتولي" وحتى آخر أفلامه.. مروراً بأفلام إسكندرية ليه، الباطنية، طائر على الطريق، العوامة 70، عيون لا تنام، النمر الأسود، موعد على العشاء، البريء، زوجة رجل مهم، والعديد من الأفلام والشخصيات التي حققت نجاحات كبيرة على مستوى الجماهير والنقاد على السواء.

عزائنا الوحيد، فقط، هو ذلك الكنز العظيم من الأدوار المتميزة الذي خلفه ورائه، والتي يمكننا تكرار مشاهدتها من حين إلى آخر.. هذه الأدوار التي ملئت ذاكرة التاريخ السينمائي، وستظل خالدة مدى الدهر.. هذا ما يتبقى من فنان عظيم لا يتكرر أبداً، مثله مثل بقية نجوم التاريخ العربي.

ولد أحمد زكي عام 1949 بالزقازيق (محافظة الشرقية)، وأهل هذه المحافظة مشهورون بالكرم الأهبل، حتى قيل عنهم بأنهم عزموا القطار. وأحمد زكي (أهبل شرقاوي) وهو يذوب رقة وخجلاً. يحدث المرأة فلا يتطلع لعينيها أو لوجهها. ويحدث الرجال الكبار باحترام شديد، ويعامل أقرانه بمودة متناهية، ويكفي أن تلقاه مرة واحدة حتى ترفض كل دعاوي الغرور التي تلتصق به، وترد السهام التي يطلقونها عليه إلى صدور مطلقيها، وتصيح بأن أحمد زكي فتى نقي بريء.

مات والده وهو في عامه الأول، وتزوجت والدته بعد رحيل الوالد مباشرة.. فتعلقت بأهدابه كلمة يتيم، وتغلغلت في كل تفاصيل عينيه، فعاش حتى الآن في سكون مستمر، يتفرج على ما يدور حوله دون أن يشارك فيه. ولهذا أصبح التأمل مغروساً في وجدانه بعمق، حتى أصبح خاصية تلازمه في كل أطوار حياته.

 

أخبار الخليج في

20.04.2015

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)