جديد حداد

 
 
 
 
 

في وداع سيدة الشاشة العربية.. «فاتن»..

نبع المحبة والرومانسية.. وداعاً

( 4 )

 
 
 

جريدة

أخبار الخليج

 
 
 
 
 
 

فاتن حمامة.. الفنانة التي تربعت على القمة، لتزداد بريقاً وتألقاً بعد أن أهدت للسينما ما تجاوز المائة فيلم، تركت بعضها علامات مضيئة في تاريخ السينما المصرية، خلال القرن الماضي، صنعتها بما ملكته من قدرات وطاقات فنية مذهلة، استطاعت بها تحويل ما قدمته من شخصيات درامية في أفلامها إلى شخصيات إنسانية تنبض بالحياة.

لن يكون بوسعنا في حيز صغير كهذا، أن نتابع مشوار فاتن حمامة السينمائي، وأن نستعرض استعراضا شاملا كل أفلامها.. لذا من المفيد تقسيم هذا المشوار إلى مراحل فنية، تبعاً لتطور الأنماط والشخصيات في أفلامها، وعرض لبعض من أفلامها. فالتصدي لمشوار فاتن حمامة الفني لن يمكن السيطرة علية دون تقسيم أو تبويب يجعلنا نخترق هذا التاريخ من عدة جبهات، وإلا لن يتوقف سيل الحديث ـ لا نختلف بأنه سيكون شيقا في كل الأحوال ـ لذلك اجتهدنا بهذه التقسيمات التي تعتمد على مراحل، علها لا تهزمنا في هذه الجولة.

مرحلة تأكيد الشخصية الفنية

تصدت فاتن حمامة لمشاكل الأسرة والبيت المصري، وقدمت أدوار المعانات الاجتماعية.. حيث بدا ذلك واضحاً في أفلام ست البيت، كل بيت له راجل، إمبراطورية ميم، أريد حلاً، ولعل أهم تعبير عن هذه الشخصية هما الفيلمان الأخيران.. ففي «إمبراطورية ميم»، تلعب فاتن شخصية الأم المتسلطة والمتحكمة في بيتها وأبنائها الستة، محاولة فرض أسلوب تربية معين عليهم، لتصبح بالتالي رمزاً لسلطة الأسرة والمجتمع، ويصبح الأبناء هم الأفراد الساعين لنيل الحق في ممارسة الحرية الديمقراطية.

أما فيلم «أريد حلاً» فهو يتناول الواقع الاجتماعي لقضايا الأحوال الشخصية، بل ويعتبر أول حوار وجدل بين السينما وقانون الأحوال الشخصية.. فهو يفجر قضية اجتماعية بالغة الخطورة، ألا وهي قضية الطلاق.. وتكمن الخطورة في أن الفيلم قد ناقش حق المرأة في طلب الطلاق، بل وقف إلى جانبها في المطالبة بأن تعامل كإنسان مكتمل، له الحرية في تقرير مصيره. وقد قامت فاتن بدور جديد وجريء أعطاها فرصة لإظهار بعض من قدراتها الأدائية.. ونجح هذا الفيلم ولاقى إقبالاً جماهيرياً كبيراً، حيث استمر عرضه خمسة عشر أسبوعاً.

فاتن حمامة والمهرجانات السينمائية

ومن الطبيعي، أن يكون مشوار فاتن حمامة الفني حافلاً بالمهرجانات والجوائز السينمائية.. فرحلتها مع المهرجانات الدولية قديمة، قدم المهرجانات نفسها.. ففي عام 1949 عرض فيلمها «ست البيت» في مهرجان كان الدولي.. ومن ثم توالت عروض أفلامها في هذا المهرجان ابن النيل، لك يوم يا ظالم، صراع في الوادي، الليلة الأخيرة، والفيلم الأخير حضرت معه المهرجان.. ثم فيلم «الحرام»، وهو آخر أفلامها التي عرضت في مهرجان «كان». وعندما اشتركت بفيلمها «إمبراطورية ميم»  في مهرجان موسكو، حصلت على جائزة خاصة عن دورها في الفيلم، من «إتحاد النساء السوفييت».. ثم عن أدائها في فيلم «الباب المفتوح» في مهرجان جاكرتا.

وفي مسابقة أفضل فيلم أجنبي، وصلت بفيلمها «دعاء الكروان» إلى التصفية النهائية في «مسابقة الأوسكار الدولية»، وأرسلت لجنة الأوسكار شهادة تقدير لوصول هذا الفيلم إلى التصفية النهائية.

وعندما عرض فيلم «أريد حلاً» في مهرجان طهران الدولي عام 1974، حصلت فاتن حمامة على دبلوم شرف عن دورها في هذا الفيلم، تقديراً لأدائها الصادق الذي جسدت فيه مشاكل المرأة الحقيقية. وقد اختيرت فاتن كعضو لجنة تحكيم في مهرجانات «برلين» و«موسكو» و«مونبلييه»، وغيرها من المهرجانات الدولية.

فاتن حمامة.. حالة خاصة ونادرة جداً في السينما العربية عموماً.. فهي ممثلة قديرة ونجمة جماهيرية كبيرة، تمتلك جاذبية ذات تأثير ساحر على الجمهور، وذلك منذ اللقطة الأولى من ظهورها على الشاشة.. هذا التفاعل والانجذاب اللاإرادي من الجمهور هو عبارة عن حصيلة أو تراكم لمجمل الشخصيات المتميزة التي قدمتها هذه الفنانة.. حتى أنه يمكننا القول إن أي تفاعل جماهيري لأي فيلم تقدمه، أصبح تفاعلاً عاطفياً أكثر منه نقدياً، حيث أن الجمهور يصبح عاجزاً، أمام هذا التأثير والجاذبية، ويصبح ـ أيضاً ـ غير قادر على تشغيل ذهنه فيما يرى، بل ينشغل عن مجمل سلبيات الفيلم، إن وجدت.

هي فاتن حمامة.. علامة مميزة وهامة في السينما المصرية عبر تاريخها الطويل.. عُرفت في البداية برومانسيتها، ثم تطورت معها حتى وصلت إلى سن الرشد ومرحلة النضج الفني. هي إذن كتاب سينمائي ضخم، لم نقدم منه إلا سطوراً قليلة.. وما زال الكتاب مفتوحاً، ومازالت الصفحات فيه كثيرة.. وستبقى «فاتن حمامة» شامخة مع تراث مصر الحضاري.

 

أخبار الخليج في

21.02.2015

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)